عن عائشة رضي الله عنها قالت: ''ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد ما يكون عنه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط، إلا أن تُنهَكَ حُرمة الله، فينتقم للّه بها''· وعن عائشة أيضاً قالت: ''ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً بيده قط، ولا امرأة، ولا خدماً إلاّ أن يجاهد في سبيل الله، وما نيلَ من شيء قط، فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيئاً من محارِم الله، فينتقم لله''· وعن أنس بن مالك رضي الله عنه (خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: ''كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلني يومأً لِحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لِما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم· فخرجتُ حتى أمُرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بقفاي (من ورائي)، فنظرتُ إليه وهو يضحك· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أُنَيس ذهبتَ حيث أمرتُك، فقلت: أنا أذهب يا رسول الله! قال أنس رضي الله عنه: والله لقد خدمته تسع سنين ما عَلِمته قال لشيء صنعتُه، لم فعلتَ كذا وكذا؟ ولا عاب علَيّ شيئاً قط، والله ما قال لي أُف قطب، فكم من مرة قلنا لوالدينا أفٍّ أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فما قال لخادمه أفٍّ قط!! وعن أبي هالة عن الحسن بن علي قال إن النبي عليه الصلاة والسلام كان خافض الطرف (من الخفض ضد الرفع فكان إذا نظر لم ينظر إلى شيء يخفض بصره لأن هذا من شأن من يكون دائم الفكرة لاشتغال قلبه بربه)، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، وكان جل نظره الملاحظة (المراد أنه لم يكن نظره إلى الأشياء كنظر أهل الحرص والشره بل بقدر الحاجة)، يسوق أصحابه أمامه (أي يقدمهم أمامه، ويمشي خلفهم تواضعاً، أو إشارة إلى أنه كالمربي، فينظر في أحوالهم وهيئتهم، أو رعاية للضعفاء وإغاثة للفقراء، أو تشريعاً، وتعليماً، وفي ذلك رد على أرباب الجاه وأصحاب التكبر والخيلاء)، وكان صلى الله عليه وسلم يبدر من لقي بالسلام· لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من أكمل الناس شرفاً وألطفهم طبعاً وأعدلهم مزاجاً وأسمحهم صلة وأنداهم يداً لأنه مستغن عن الفانيات بالباقيات الصالحات· وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم على التواضع في جملة في الأحاديث منها: قوله صلى الله عليه وسلم: ''أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً، وخِياركم خِياركم لِنسائه خُلُقا''· وقوله صلى الله عليه وسلم: ''إن المؤمن لَيُدرك بِحُسن خُلُقه درجة الصائم القائم''· العفو عند الخصام: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رجلاً شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس يتعجب ويبتسم، فلما أكثر ردّ عليه بعض قوله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، فلحقه أبو بكر قائلاً له: يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبتَ وقُمتَ !!· فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''كان معك مَلَك يرد عليه، فلما رددتَ عليه وقع الشيطان (أي حضر) يا أبا بكر ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظُلِمَ بمظلمة فيُغضي (أي يعفو) عنها لله عز وجل إلا أعزَّ الله بها نصره وما فتح رجل باب عطِيَّة (أي باب صدقة يعطيها لغيره) يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة (أي يسأل الناس المال) يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قِلَّة''· ------------------------------------------------------------------------ أرق نفسك بنفسك والطب البديل علاج الأمراض النفسية: أعظم العلاج للأمراض النفسية وضيق الصدر باختصار ما يلي: 1 - الهدى والتوحيد، كما أنَّ الضلال والشرك من أعظم أسباب ضيق الصدر· 2 - نور الإِيمان الصادق الذي يقذفه الله في قلب العبد، مع العمل الصالح· 3 - العلم النافع، فكلَّما اتَّسع علم العبد انشرح صدره واتسع· 4 - الإِنابة والرُّجوع إلى الله سبحانه، ومحبَّتُه بكلِّ القلب، والإِقبال عليه والتَّنعُّم بعبادته· 5 - دوام ذكر الله على كلِّ حالٍ وفي كلِّ موطنٍ فللذِّكر تأثيرٌ عجيبٌ في انشراح الصَّدر، ونعيم القلب، وزوال الهم والغمِّ· 6 - الإِحسان إِلى الخلق بأنواع الإِحسان والنَّفع لهم بما يُمكن فالكريم المحسن أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً· 7 - الشجاعة، فإِنَّ الشجاع مُنشرح الصدر متَّسع القلب· 8 - إِخراج دغل (ودغل الشيء عيبٌ فيه يُفسده) القلب من الصِّفات المذمومة التي توجب ضيقه وعذابه: كالحسد، والبغضاء، والغلِّ، والعداوة، والشَّحناء، والبغي، وقد ثبت أنَّه عليه الصلاة والسلام سُئل عن أفضل الناس فقال: ''كلُّ مخموم القلب صدوق اللسان''، فقالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: ''هو التقيُّ''، النَّقيُّ، لا إِثم فيه، ولا بغي، ولا غلَّ، ولا حسد''· 9 - ترك فضول النظر والكلام، والاستماع، والمخالطة، والأكل، والنوم، فإِنَّ ترك ذلك من أسباب شرح الصدر، ونعيم القلب وزوال همه وغمِّه· 10 - الاشتغال بعملٍ من الأعمال أو علمٍ من العلوم النَّافعة، فإِنها تُلهي القلب عمَّا أقلقه· 11 - الاهتمام بعمل اليوم الحاضر وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل وعن الحزن على الوقت الماضي فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدُّنيا، ويسأل ربَّه نجاح مقصده، ويستعينه على ذلك، فإِنَّ ذلك يُسلِّي عن الهم والحزن· ------------------------------------------------------------------------ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين قال الدكتور المقرئ محمد بوركاب: هناك علاقة وطيدة بين الجهر بالقرآن وتدبره، إذ الجهر بالقرآن يطرد الشيطان، والشيطان أكبر عائق على تفهم القرآن، فإذا جهرت بالقرآن تدبرته، فإذا فهمته عملت به وبذلك فزت على الشيطان الرجيم· قرآننا شفاؤنا وقال تعالى: ''يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون''· دعاء ''اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال'' آمين يا قريب يا مجيب· السنة منهاجنا قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: ''من ظلم من الأرض شيئا طوقه من سبع أرضين'' رواه الإمام البخاري· ------------------------------------------------------------------------ لمن كان له قلب : الخوف من الله عز وجل منزلة الخوف وحكمه: من أجل منازل العبودية وأنفعها، وهي فرض على كل أحد· قال تعالى: ''فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين''، وقال عز وجلّ ''ولمن خاف مقام ربه جنتان''· تعريف الخوف: قيل: الخوف توقع العقوبة على مجاري الأنفاس - الخوف قوة العلم بمجاري الأحكام - الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره - الخوف غمّ يلحق بالنفس لتوقع مكروه· قال بن المناوي في كتابه - التوقيف على مهمات التعاريف -: (الخوف توقع مكروه أو فوت محبوب ذكره ابن الكمال، وقال الحرالي: حذر النفس من أمور ظاهرة نضرة، وقال التفتازاني: غمّ يلحق الإنسان مما يتوقعه من السوء، وقال الراغب: توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة كما أن الرجاء توقع محبوب كذلك وضده الأمن ويستعمل في الأمور الدنيوية والأخروية، وعند الصوفية: ارتعاد القلب لما عمل من الذنب، وقيل أن يترقب العقوبة ويتجنب عيوبه، وقيل انزعاج السريرة لما عمل من الجريرة)· فوائد الخوف: قال أبو حفص عمر بن مسلمة الحداد النيسابوري: الخوف سراج القلب به يبصر ما فيه من الخير والشر، وكل أحد إذا خفته هربت منه، إلا الله عز جلّ فإنك إذا خفته هربت إليه· - قال أبو سليمان: ما فارق الخوف قلباً إلا خرب - قال إبراهيم بن سفيان: إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها، وطرد الدنيا عنها· - قال ذو النون: الناس على الطريق ما لم يَزُل عنهم الخوف، فإذا زال الخوف ضلّوا الطريق· أنواع الخوف من حيث الحُكم: 1 - الخوف المحمود الصادق: هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز و جلّ، فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط· قال عثمان الحيري: صدق الخوف هو الورع عن الآثام ظاهراً وباطناً· قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله· 2 - الخوف الواجب: هو ما حمل على فعل الواجبات وترك المحرمات· 3 - الخوف المستحب: هو ما حمل على فعل المستحبات وترك المكروهات· الجمع بين الخوف والرجاء والحب: لا بد للعبد من الجمع بين هذه الأركان الثلاثة، لأن عبادة الله بالخوف وحده طريقة الخوارج، فهم لا يجمعون إليه الحب والرجاء، ولهذا لا يجدون للعبادة لذة وإليها رغبة، وهذا يورث اليأس والقنوط من رحمة الله، وغايته إساءة الظن بالله والكفر به سبحانه· وعبادة الله بالرجاء وحده طريقة المرجئة الذين وقعوا في الغرور والأماني الباطلة وترك العمل الصالح، وغايته الخروج من الملة، وعبادة الله بالحب وحده طريقة غلاة الصوفية الذين يقولون: نعبد الله لا خوفاً من ناره، ولا طمعاً في جنته، وإنما حباً لذاته، وهذه طريقة فاسدة لها آثار وخيمة منها الأمن من مكر الله، وغايته الزندقة والخروج من الدين· قال بعض السلف كلمة مشهورة وهي: ''من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري - أي خارجي - ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف والحب والرجاء فهو مؤمن موحد''· قال ابن القيم : ''القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر''· أيهما يُغلَّب الرجاء والخوف؟ قال ابن القيم: ''السلف استحبوا أن يقوي في الصحة جناح الخوف على الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوي جناح الرجاء على جناح الخوف، هذه طريقة أبي سليمان وغيره· وقال: ينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء فسد· وقال غيره: أكمل الأحوال اعتدال الرجاء والخوف، وغلبة الحب، فالمحبة هي المركب والرجاء حاد، والخوف سائق، والله الموصل بمنّه وكرمه· ------------------------------------------------------------------------ إن من الشعر لحكمة قال بصوت فاض حنانا *** إقرأ وكأن القرآنَ يتنزل من عند المولى *** بالآياتِ عليكَ الآنَ قال ومِن أجمل ما قال *** إن كتاب الله رسالة بدأ الطفل إذا رتَّله *** يدرُس روعتَهُ وجلالَه