في حديث بيني وبين هذا المخلوق الغريب الذي يقاسمني وحدتي·· قادنا الحديث إلى ''البركة'' التي لم تعد تحل على الأشياء كما كانت في الزمان القديم·· قال حماري·· أين هي ''البركة'' التي تبحث عنها وفي أي الأشياء تريد أن تجدها يا صديقي·· الآن راحت ''النية'' ولم يبق هناك شيء يبعث على الأمل؟ قلت له·· فعلا الله لا يمكن أن يطرح البركة في شعب يحتال وسلطة مخادعة؟ قال حماري·· وأخيرا نطقت يا صديقي وقلت ما يجول في قلبك·· كثيرا ما تحفظت حول الكلام عن المسكوت عنه؟ قلت له·· كل الشعب مثلي·· يعرف كل شيء ولكنه لا يتكلم·· قال·· لا أراهنك في ذلك·· المقاهي و''الطروطوارات'' مليئة بالغبينة ولو استمعت للحجر لعرفت أنه أيضا أنه يعاني··· قلت له·· فعلا حتى الرأس أصبح يشيب·· والسواد اختفى من الرؤوس حتى الشابة منها وأصبح البياض عنوان الجميع·· نهق حماري وقال·· حتى أنا الحمار شبت·· يا لها من دنيا؟ تنهدت بعمق شديد وقلت له·· فعلا يا لها من دنيا أصبحت فارغة من المعاني والنبض و''النية''·· نعم هي النية التي غادرتنا إلى الأبد، والتي كان أجدادنا يتبركون بها ويعيشون بها·· نهق من جديد وقال·· الآن تريد أن تسترجع ''النية''، حاول أن تفعل ذلك وسوف يستغفلك الناس أكثر مما أنت مستغفل يا صديقي·· أنا لا حرج في استغفالي لأني حمار والحمار لا ذنب عليه، أما أنت بشر ويجب أن تتحلى بالذكاء حتى تعيش في وسط هذه الغابة·· هززت رأسي هز الموافق وقلت له·· أمرك أيها الحمار··