معالجة وحدة الأسبوع الحالية تتطلب ثلاثية الطرح التاريخي، الديني والفلكي· التاريخ يخبرنا أن اختيار الأسبوع كإحدى الوحدات الزمنية يرجع إلى عهد البابليين والكلدانيين الذين كانوا لا يعرفون إلا سبعة كواكب مضيئة، فنسبوا يوما لكل كوكب حسب النظام التالي: وفي نفس السياق، كان من المنطقي أن نضيف ثلاثة أيام نسبة للكواكب الثلاثة التي اكتشفت فيما بعد: (أورانوس 1781م ، نبتون 1846م ، بلوتون 1930م )· ولكن، هذا لم يحدث، ويزال الصمت كاملا في هذا الموضوع إلى يومنا هذا···؟ كما يمكننا إدراك معنى تسمية الأيام عند العرب بأنها تُشير إلى التعداد فقط لا غير: (الأحد:,1 الإثنين: ,2 الثلاثاء:3,,· الخ )، وبالتالي ليست لها أي علاقة مع تسمية الكواكب أو عددها· أما من الناحية الدينية، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في مُحكم تنزيله:''وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُّغُوبٍ، فَأَصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ'' (سورة ق، 38 و39)· ولم يسبت (يسترح) الله بعد خلق الكون، كما زعمت اليهود، أن الله استراح في اليوم السابع وأسموه يوم السبت أي ''الاستراحة'' وأضافوه راحة لهم كما استراح الله، زعماً منهم··· سبحان الله عما يكفرون، وهو الذي قال في سورة البقرة، 255 /: ''··· لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ···'' (آية الكرسي) وقال أيضا: ''إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلى الذِّينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ'' (سورة النحل، 124)· أما عن أسباب نزول الآية 38 من سورة ق، يقول ابن عباس: أتت اليهود إلى النبي (ص) فسألوه عن ابتداء الخلق فقال ''خلق الله الأرض يوم الأحد ويوم الإثنين وخلق الجبال وما فيها من المنافع يوم الثلاثاء وخلق الماء والأشجار والعمران يوم الأربعاء، فذلك قوله جلت قدرته ''قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين إلى قوله سواء للسائلين''، وخلق يوم الخميس السماء والكواكب والنجوم والملائكة وخلق يوم الجمعة الجنة والنار، وآدم عليه السلام، قالوا: ثم ماذا يا محمد؟ قال: ثم استوي على العرش، قالوا: قد أصبت، لو أتممت وقلت ثم استراح· فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا فأنزل الله عليه ''ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ما مسنا من لغوب، فاصبر على ما يقولون''· وفي رواية أسد بن موسى قال: ''أمر الله تبارك وتعالى السماء أن ترتفع وتسمو، وأمر الأرض أن تنبسط وتنخفض فانبسطت، فدحاها من موضع بيت الله الحرام''· لم تكن العرب في عهد ثمود تسمي أيامها بأسماء مفردة، كما فعلت الفرس، ولكن أفردوا لكل ثلاثة ليالي من كل شهر من شهورهم اسما على حدة مستخرجا من حال القمر ونوره فيها، وذلك كما هو موضح فيما يلي بدءا من أول الشهر: ثلاث غُرَر (جمع غرة وغرة ذلك أن الهلال يرى فيها كالغرة)· ثلاث نُفل (من قولهم تنفل إذا ابتدأ بالعطية من غير وجوب)· ثلاث البُهر (لأنه تبهر ظلمة الليل فيها)· -- ثلاث عُشر (لأن أولها العاشرة)· -- ثلاث بُيض (لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها إلى آخرها)· -- ثلاث دُرع (لاسوداد أوائلها)· -- ثلاث ظلم (لإظلامها في أكثر أوقاتها)· -- ثلاث عَنادس (لسوادها)· -- ثلاث الُبرء (لأنها بقايا)· -- ثلاث مِحاق (لانمحاق القمر والشهر)· وسواء أكان الشهر 29 أو 30 يوما، كانت آخر ليلة منه تسمى ''السرار'' لاستمرار القمر فيها· تجدر الإشارة هنا، أن هذا النظام القديم يتفق وجُمْعة 6 أيام المقترحة أعلاه· الجدير بالذكر هو أنه عندما أفردت العرب الأيام، استعملت فيها الأسابيع وهذه أسماؤها القديمة على سبيل المثال: أول وهو الأحد، أهون، جُيار، دُبار، مؤس، عُروبة، شيار· أما من الناحية الفلكية يخضع عنصر الزمن للعدد 6 في تركيبة وحدته وفقا لقوله عز وجل: ''وأحصي كل شيء عددا'' كما يتبين لنا ذلك من خلال الجدول التالي: نُلاحظ بكل سهولة، من خلال هذين الجدولين، أن التقويم القمري العالمي الجديد يتوافق وينسجم بشكل أفضل مع جُمْعة 6 أيام ويعطي في كل الحالات البواقي: ,1 ,0 -1؛ كما أنه يحقق انسجام الوحدات الزمنية المتوسطة بحيث أن الألفية القمرية الثابتة (354 367 يوم) تعطي لنا شهرا متوسطا ل 29.530583 يوم والذي ينتج منه يوما متوسطا ل 0.984 يوم أي بفارق 0.013 مع اليوم النجمي، مما يسمح لهاته الجُمْعة الجديدة أن تُعتمد كعدّاد للزمن مستعملا اليوم دُرْجًا لها بحيث أن هذا الأمر يجعل أيامها تتناوب على بداية الوحدات الزمنية بطريقة منتظمة· إذن أمام هذا التصحيح الخاص بتقليص الأسبوع إلى 06 أيام، وحتمية ''إسقاط'' يوم السبت للمسلمين، يوم الجمعة لدى المسيحيين والاحتفاظ بالسبت لدى اليهود وفقا للآية القرآنية: ''لكم دينكم وليِ دين'' وعلما أن الأسبوع يبدأ بيوم ''الأحد'' عند المسلمين، (عُزٍزَ هذا ميدانيا في الجزائر مؤخرا بالقرار الحكيم لرئيس بوتفليقة) وبيوم ''لاندي: Lundi'' عند الغرب، وضمن حوار للحضارات مسؤول، يمكن توفيق البدايتين بكل سهولة، بقرار أمامي، في جُمْعَة وعطلة عالمية جديدة موحدة على النحو التالي: انعكاس القاعدة الزمنية على الاقتصاد العالمي دراستنا أثبتت أن إدخال يوم السبت ضمن التشكيلة المسماة ''بالأسبوع'' مثل إدخال الشهر النَّسيء : الشهر 13 أو عملية ما يسمى بالقفزات الساعات الفصلية كلها من فعلة اليهود لأغراض اقتصادية محضة كان للعرب منذ القديم نصيب التقليد الأعمى لها حتى إذا كان ذلك على حساب المساس بمعتقداتهم الدينية· إذن يوم السبت ليس له أيّة بُنية أو ميزة علمية بل يمتاز بتعقيد التقاويم الزمنية أثناء البحث على تواريخ بعيدة، عكس حقيقة جُمْعة 6 أيام الموافقة لمدة نشأة الكون بما فيه والتي تتناوب بصفة منتظمة على الوحدات الزمنية، الأمر الذي يُسهل التطلع ومقارنة تواريخ قديمة فيما بينها بعملية ذهنية مبسطة· إن هذا التصحيح التاريخي، يدخُل ضمن منظور جديد، أصبح منذ هذا البحث بمثابة ''تحسين'' يقدمه البحث العلمي لمجتمعاتنا المعاصرة وأداة قوية لإعادة تجزئة أوقات العمل ضمن آفاق الحصول على أحسن مردودية لرفع وتيرة النمو في اقتصاديات الأمم من ناحية، ومن ناحية أخرى، في فكرة إعادة توزيع أوقات العمل مع إعطاء أهمية أكبر لعامل ترفيه الشخص جسميا وروحيا، الأمر الذي يسمح للإنسان أن يعيش حياة اجتماعية ومهنية متوازنة، وبالتالي الحصول على رفاهية أكثر للشخص والمؤسسة المشغلة، وأداة لمحاربة آفات القلق والتعصب النفساني الناتج عن النظام الاجتماعي الاقتصادي الحالي الذي لا ينسجم مع ما يسمى ''بالبُيُورِتمات'' الطبيعية للإنسان· أذكر على سبيل المثال أحدها وهو سِينة الإنسان التي تُصيبه كل يوم بعد تناوله وجبة الغداء (الكلام هنا خاص بالأفراد السالمين من تناول مُختلف المخدرات وغير ذلك)، وكذا ''ريتم'' تشغيل بعض الهرمونات في أوقات محدودة من اليوم· هذا الأمر يبقى صحيحا بالنسبة للجهد البدني أو الجهد الفكري، حيث أشارت بعض الدراسات الأخرى حول المردودية الفكرية للأشخاص بصفة عامة طيلة اليوم، والتي تُبيّن تغيُّر هاته الأخيرة في بعض ساعات اليوم، وأنها مرتفعة عموما في الصباح، كما يبين ذلك المنحنى التالي: بفضل تدقيق الخريطة الهرمونية للإنسان، تنبأت بعض الأبحاث الحديثة بطرق جديدة أكثر فعالية، لتناول الأدوية في أوقات مخصصة من اليوم، بحيث تسمح تجنب استعمالها لفترة طويلة وتُجنّب ردود فعلها على الجسم· هاته الطريقة الجديدة للتداوي باحترام عنصر الزمن لتؤيد ضرورة التكيف مع ما يسمى ب: ''بيورتمات الإنسان'' وضرورة التنسيق بين ما سمي بالساعة البيولوجية والساعة الفلكية الحقيقة· في نظرنا، إنَّ تقليص الأسبوع لا بد أن يكون مرفقا بإعادة توزيع أوقات العمل في اليوم ذاته وذلك إذا ما أردنا أن نستجيب لكل ما قلناه وبالتالي يجب أن نرجع إلى التوقيت العالمي المُسَاير لحركة الشمس الحقيقية حينئذ، أقترح للإنسان أن يشتغل في فصل الشتاء من الساعة 6 صباحا (حاليا 7) إلى الزوال؛ وفي فصل الصيف من 5 صباحا (حاليا 6) إلى غاية الزوال· كما يمكننا أن نقترح صبيحة يوم الجُمُعة عُطلة: ينتج منها عطلة جُمْعِية ليوم ونصف يوم الخميس، و35 ساعة للعمل الرسمي كمعدل سنوي خاص بالجُمْعة الجديدة· وإذا قارنا هذه النتيجة مع نظام العمل العالمي الراهن لكلا الوِحدات الزمنية ولمختلف التقاويم الزمنية المعمول بهما عالميا فإننا نحصل على الجدول التالي : خلاصة القول هو أنه، في إطار هذا المنظور الجديد لإعادة توزيع أوقات العمل، يحصل الإنسان على أكثر أوقات الفراغ لصالحه، كما أنه يحصل أيضا على مردودية ل 41 ساعة عمل كمعدل أي أسبوع كامل للنظام الحالي (وجُمْعة زائد يوم للنظام الجديد) وهذا لنفس الفترة أي ما يقرب من 50 في المائة مردودية لصالح المؤسسات الإنتاجية، إذا علمنا بأن الشُغل قد تمّ اقتراح توقفيه عند الزوال· إن فترة ''الشلل الاقتصادي'' الناتجة عن اختلاف العطل الأسبوعية بين المجتمعات الغربية والإسلامية، أدّى منذ زمان إلى انخفاض في وتيرة التبادلات الاقتصادية، البنكية وغيرها··· لكلا الطرفين، الأمر الذي شكّل عائقا مهما لتسيير سليم للاقتصاد العالمي· بفضل التصحيح الخاص بتقليص الأسبوع إلى 6 أيام، وحتمية ''إسقاط'' يوم السبت للمسلمين يزول فرق العطل الأسبوعية مما يكون أداة أخرى لإنعاش الاقتصاد العالمي· هذا الإنعاش المنتظر الذي يسمح بمحاربة فعّالة لآفة البطالة التي تعرفها مجتمعاتنا المعاصرة والمتزايدة للسكان في كل أقطار العالم· إنّ هذا التحكم الجديد في معلم الزمن يسمح للإنسان في المستقبل أن يتفرغ لأمور أخرى لترقيته من الناحية الدينية، الثقافية، الرياضية وكذا لمعرفة غيره من العوالم المختلفة والكون المحيط به· أي، باختصار، أنه سيعيش أحسن بأقل شقاء بفضل تنظيم أوفر لأوقاته طبقا لما سنّه الله له لمُدة عيشه على سطح الأرض·