أما الميقات الزماني فقد بينه الله تعالى بقوله جلت قدرته: الحج أشهر معلومات فعلى مريد الحج أن لا يحرم بحجه إلا في الأشهر المعلومة وهي شوال وذو القعدة، وذو الحجة، أي العشرة الأيام الأولى منه، لأن الحج ينتهي بيومه الأكبر وهو يوم النحر، عاشر الحجة، وأنه غير لائق بعد أن عين رب البيت موعد الزيارة لزائريه أن يتجاهل المرء هذا الموعد ويحرم بحجه في غيره، ولذا أجمع أهل العلم سلفا وخلفا على كراهة الإحرام في غير أشهره، وهل ينعقد فيها لو أحرم به في غيرها؟ خلاف· هذا بالنسبة إلى الحج، أما العمرة فقد جعل الله تبارك وتعالى وقتها أوسع، فالسنة كلها موعد زيارة وظرف تشرف وتقرب· وأما الميقات المكاني، فقد حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم تحديدا كاملا واضحا وهو يكتنف مكةالمكرمة من سائر أقطارها ومناحيها: شمالا، وجنوبا، وشرقا وغربا، فقد أخرج أصحاب الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه قوله: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، قال فهن لهن ولمن أتى عليهم من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، حتى أهل مكة يهلون منها· فهذا الأثر الصحيح قد اشتمل على بيان سائر المواقيت المكانية، وبينها بيانا شافيا، وهذا تفصيلها: 1 - ذو الحليفة، وتسمى الآن آبار علي، وهي أبعد المواقيت لأنها تبعد عن مكة بنحو عشر مراحل، وهي ميقات أهل المدينة وتبعد عنها بنحو ثماني كيلومتر، وكما هي ميقات لأهل المدينة هي ميقات لكل من أتى عليها من غير أهل المدينة كسائر الحجاج الذي يقدمون الزيارة على الحج· 2 - الجحفة: وهي ميقات أهل الشام ومصر وسائر أقطار المغرب العربي ومن كان وراء ذلك، وقد اندثرت هذه القرية التي كانت تسمى أيضا (مهيعة) ولما كانت محاذية لمدينة رابغ وقريبة منها حلت مدينة رابغ محلها فأصبحت هي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب، وتبعد عن مكة بنحو أربع مراحل تقريبا· 3 - قرن المنازل: وهو ميقات أهل نجد، ويبعد عن مكة بنحو مرحلتين· 4 - يلملم: وهو ميقات أهل اليمن، ويبعد عن مكة بنحو مرحلتين أيضا· 5 - ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق وأهل المشرق قاطبة، ويبعد عن مكة بمرحلتين ونصف، وهذا الميقات لم يذكر في الحديث سالف الذكر وقد صح تعيينه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد أخرج البخاري بسنده عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: لما فتح هذان المصران البصرة، والكوفة أتوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنا، وإنه جور عن طريقنا (مائل) وإن أردنا أن نأتي قرنا شق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم، قال: فحد لهم ذات عرق (العرق: الجبل الصغير)· هذا، وقد أخرج أبو داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق، وإنما قد يقال: كيف يوقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ميقاتا ولم تكن العراق آنذاك بلدا إسلاميا لتأخر فتحها إلى عهد خلافة عمر رضي الله عنه، والعقل لا يحيل هذا، فقد يطلع صلى الله عليه وسلم على ذلك فيضع لأهلها ميقاتا ولم يسلموا بعد· أليس هو يتلقى القرآن من لدن حكيم عليم؟ 6 - ميقات من كان دون هذه المواقيت إلى مكة، فإن ميقاته من محلة أهله فيحرم منها لقوله صلى الله عليه وسلم: فمن كان دونهن فمهله من أهله· 7 - ميقات أهل مكة وهو بيوتهم أو المسجد الحرام إن شاؤوا، إلا العمرة، فإن عليهم أن يخرجوا إلى الحل فيحرموا منه كما فعلت عائشة رضي الله عنها بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجمعوا بين الحل والحرم· 8 - الميقات العام، وهو كل من أتى من ناحية يحرم من مقيات أهلها لقوله في الحديث السالف هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلن فالشامي إذا أتى بطريق اليمن أهل من يلملم ميقات أهل اليمن، واليمني إذا أتى بطريق الشام أهل من ميقات أهل الشام، وهلم جرا· لمن كان له قلب الأعمال التي يعادل ثوابها ثواب الحج فهذه أعمال ورد في فضلها أنها كثواب الحج، أو ورد أنها تكفر الذنوب الماضية فعادلت الحج الذي يكفر ما مضى من الذنوب، عسى الحزين المحروم أن يتسلى بهذه الأحاديث؛ لكيلا تهلك نفسه من الحزن، والله المستعان· أولاً: الأعمال التي ثوابها كثواب الحج: 1 - أن يذهب المرء إلى المسجد لحضور درس علم أو ليُعلِّم علمًا؛ ففي الحديث: ''مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لا يُرِيدُ إِلا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يَعْلَمَهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حِجَّتُهُ''· 2 - أن يذهب المرء إلى المسجد على وضوء؛ ليصلي فيه المكتوبة؛ ففي الحديث: ''مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لاَ يُنْصِبُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ'' (رواه أبو داود، وحسنه الألباني)· 3 - أن يصلي المرء في المسجد صلاة الصبح في جماعة، ويمكث في المسجد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم يمكث حتى يصلي ركعتي الضحى؛ ففي الحديث: ''مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ'' (رواه الترمذي، وحسنه الألباني)، وفي رواية: ''من صلى الصبح ثم جلس في مجلسه حتى تمكنه الصلاة كان بمنزلة عمرة وحجة متقبلتين'' (رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني)· أوائل وأرقام أول حديقة حيوان أنشئت في القرن الثاني عشر قبل الميلاد في الصين في عهد الملك وين· أول متحف في العالم هو متحف مدينة الإسكندرية الذي أنشأه بطليموس عام 280 ق م، وكان يحتوي على تماثيل لآلهة الجمال والموسيقى والشعر ونماذج للآلات الصناعية والجراحية، وقد تحول بعد ذلك إلى مدرسة أو جامعة يونانية· إن من الشعر لحكمة إنّ الوفاءَ على الكريمِ فريضةً ** واللؤمُ مقرونٌ بذي الإخلافِ وترى الكريمَ لمن يعاشر منصفاً ** وترى اللئيم مجانب الإنصافِ الله قريب مجيب ''نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه؛ اللهم أرحمنا إنك بنا راحم في هذه العشر الأوائل من رمضان'' (آمين يا قريب يا مجيب)· قرآننا شفاؤنا قال الله تعالى: ''إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ'' (آل عمران96)· السنة منهاجنا قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: ''مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلاَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ'' (رواه مسلم)، وفي رواية: ''مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يَسْهُو فِيهِمَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ'' (رواه أبو داود)·