قلت لحماري الذي بدأ يتأهب للنوم ولكنه مازال يمسك بكتاب في يده·· أيها الحمار لا أكاد أصدق أن هناك من أمثالك في هذا الزمن؟ ضحك الحمار وقال·· تقصد من الأحمرة أم من البشر؟ قلت له·· كلاهما·· كلاهما·· من يراك هكذا يظن أنك مطمئن البال··· لا مشاكل لديك·· تقرأ وتتأهب للنوم·· قال·· نعم أظن هذا من الكماليات·· أليس كذلك؟ قلت·· من كثرة المشاكل العالقة في أذهان الناس لن تجد أحدا يفكر في القراءة ولا حتى في نوم هادئ·· نهق حماري وقال·· أنا عاش ما كسب مات ماخلى·· قهقت عاليا وقلت·· البلاد راهي خلات·· يقولون إن حتى الحليب هو مجرد ماء مخلوط·· قفز من سريره وسقط الكتاب من يده وصرخ·· سبحان الله·· قلت لك ليس كل ما يلمع ذهبا·· قلت لك أكثر من مرة أن البياض كثيراما يعني السواد··؟ قلت له·· نعم نعم·· يبدو أن الأمر كذلك يا حماري·· الكبش منفوخ بالماء والملح·· الحليب مجرد لون لا طعم له·· الخبز مملوء بالنخالة وغيرها من الأشياء·· الدراهم زورت وأصبحت السوق تغرق في الأوراق النقدية المقلدة·· الغاشي أصبح دماغهم مربوط بكروشهم·· لا يفكرون·· لا يتكلمون·· لا يفقهون في أمور البلد شيئا·· الدولة لم تعد تأبه بما يسمى بالغاشي·· قاطعني حماري ناهقا وقال·· الله لا تربحك لقد طيرت النوم من عيني·· قلت له·· لماذا تريد أن تشذ عن القاعدة·· مثلك مثل·· كل الغاشي·· لا ينامون·· وإذا ناموا يغرقون في كابوس لا ينتهي·· وضع حماري كتابه جانبا·· جلس·· وقال·· لقد ضاع النوم·· جد لنا هزائم أخرى نتسلى بها حتى يطلع الصباح ···