ينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خُلق من أجلها، وهي عبادة الله تعالى، والفوز برضاه ونعيمه، والنجاة من غضبه وعذابه· قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَاْلإِنسَ إِّلا لِيَعْبُدُونِ))، فيبدأ بفعل المأمورات، ويحذر بترك المنهيات· ثم إنه بعد ذلك يبدأ في البحث على اغتنام مواسم الطاعات، التي ترفع الدرجات، وتزيد في الحسنات· ذلك أن لله مواسم للطاعات، وأوقاتا فضل بعضها على بعض· فمن استطاع أن يغتنم هذه المواسم، فهو الذي يسعد في دنياه، ويجد ثواب ذلك في قبره بعد مماته، ثم يفوز بجنة الله عز وجل ورضوانه في الآخرة· فضل الإكثار من صيام التطوع في الشهر المحرم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ· وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ) (صحيح مسلم)· فمما يسن صيام شهر المحرم، وهو الذي يلي شهر ذي الحجة، وهو الذي جعله الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أول شهور السنة، وصومه أفضل الصيام بعد رمضان· والظاهر أن المراد جميع شهر المحرم· ولكن حيث ورد أنه صلى الله عليه وسلم لم يصم شهرا كاملا إلا رمضان، للحديث التالي: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْرًا كُلَّهُ؟ قَالَتْ: مَا عَلِمْتُهُ صَامَ شَهْرًا كُلَّهُ إلا رَمَضَانَ، ولا أَفْطَرَهُ كُلَّهُ حَتَّى يَصُومَ مِنْهُ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ صلى الله عليه وسلم (صحيح مسلم )، فيُحمل الحديث على الترغيب في الإكثار من الصيام في شهر المحرم· وقوله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم· وأضاف الشهر إلى الله تعظيما· فإن قلت: قد ثبت إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان، وهذا الحديث يدل على أن أفضل الصيام بعد صيام رمضان هو صيام المحرم· فكيف أكثر النبي صلى الله عليه وسلم منه في شعبان دون المحرم؟ ففيه جوابان: أحدهما: لعله إنما علم فضله في آخر حياته، والثاني: لعله كان يعرض فيه أعذار، من سفر أو مرض أو غيرهما· وهذه أحاديث كثيرة في فضل الصوم؛ وخاصة في أشهر الله الحرم· عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله، إلا بَاعَدَ اللَّهُ، بِذَلِكَ الْيَوْمِ، وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ( صحيح مسلم )· وعَنْ أبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِي رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَال: (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله، جَعَلَ الله بَيْنَهُ وبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا، كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ واْلأرْض (صحيح سنن الترمذي)· وعَنْه رضي الله عنه أيضا، قَال: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مُرْنِي بِعَمَلٍ· قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لا عَدْلَ لَهُ· قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مُرْنِي بِعَمَلٍ· قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لا عِدْلَ لَهُ (صحيح سنن النسائي)· فهيا نشمر عن الأكمام لاغتنام موسم للطاعة عظيم قد أقبل علينا ألا وهو شهر الله المحرم، وذلك بالإكثار من الصيام وفعل الخيرات، والحرص على اغتنام اليوم العظيم الذي فيه، وهو يوم عاشوراء· اللهم اجعلنا من عبادك المتقين، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم آمين· ------------------------------------------------------------------------------ أرق نفسك بنفسك وتداوى بالطب البديل بداية الرقية حمد الله تعالى: الحمد لله الذي جعل الليل لباسا، والنوم سباتا، والنهار نشورا· الحمد لله الأبدي السابق القوي الخالق، الوفي الصادق، لا يبلغ كنه مدحه الناطق، ولا يعزب عنه ما تجن الغواسق، فهو حي لا يموت ودائم لا يفوت، وملك لا يبور، وعدل لا يجور، عالم الغيوب وغافر الذنوب وكاشف الكروب وساتر العيوب، دانت الأرباب لعظمته، وخضعت الصعاب لقوته، وتواضعت الصلاب لهيبته، وانقادت الملوك لملكه، فالخلائق له خاشعون، ولأمره خاضعون، وإليه راجعون، تعالى الله الملك الحق، لا إله إلا هو رب العرش الكريم، اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم من خلقه، واختاره لنبوته، وأيده بحكمته، وسدده بعصمته، أرسله بالحق بشيرا برحمته، ونذيرا بعقوبته، مباركا على أهل دعوته، فبلغ ما أرسل به، ونصح لأمته، وجاهد في ذات ربه، وكان كما وصفه ربه عز وجل رحيما بالمؤمنين، عزيزا على الكافرين، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين· ------------------------------------------------------------------------------ الإعجاز في غض البصر سورة النور: ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون))، ((وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها····))· الحكمة البالغة من النهي عن هذا الأمر من الفحشاء البصرية أي بالعين المجردة فقط تكمن في تطهير النسل البشري من الشيطان، أي عدم اختلاط الإنس بالجن· السبب الرئيسي لهذا الأمر في ارتكاب الزنا الذاتي أي الجسدي والفكري أي بالعقل· الزنا بالذات معروفة للجميع وهذا محرم شرعا من عند الله وهو من الكبائر التي تؤدي إلى النار وغضب وسخط الله ((ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا))· أما الزنا الفكري أي العقلي فهو يتمثل في ما يلي: عندما يلتقط المرء صورة مثيرة بتركيز عمدي ولو طفيف طافيا تسجل الصورة في ذهنه ويحفظها إلى زمن لاحق بدون نسيان وهذا بواسطة حاسة البصر ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام بأن النظرة إلى ما حرم الله تعتبر كسهم من أسهم الشيطان (في معنى الحديث)· أين يكون استعمال الصورة الذهنية؟ مباشرة عند الجماع، الزوج والزوجة حيث إبليس عليه اللعنة سوف يكون حاضرا للمشاركة أو لمشاركة الزوج والزوجة في الأولاد: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه ((وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون)) (الآية: 100 سورة الأنعام)· ويشاركنا في الأموال والأولاد كذلك إذا فالمرء ما عليه إلا استعمال الصورة الملتقطة ببصره والمحفوظة في ذهنه· عند هذا الحال أي الجماع لأن الزوج الآخر يصبح وسيلة مادية كدمياء بدون روح· وقال أيضا عز وجل: ((واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأمول والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرور)) (سورة الإسراء، الآية )64 لذا قال صلى الله عليه وسلم لكل زوج أراد أن يجامع زوجته بأن يدعو الله أن يجنبه الشيطان ويجنب ذريته، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا· فتكاثر إبليس اللعين سوف يكون لاسقا مع الولد أي بمعنى ''قرينا'' يصحبه إلى الممات إذا لم يستعن بالله سوف يغويه ويظله على سبيل الرشاد· وفي الحالة أكثر تعقيدا إذا كان الزنا بهذه الطريقة أي التصوري التخيلي من الطرفين الزوج والزوجة· والله أعلم· ------------------------------------------------------------------------------ لمن كان له قلب :إصرفوا الزكاة حيث أمر الله الزكاة طهارة للمال وطهارة للنفس؛ طهارة لنفس التقي من الشح والبخل، وطهارة لنفس الفقير من الحسد والبغض والحقد، يقول تعالى: ((خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا))· وتجب الزكاة في أربعة أنواع من المال: في الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية، وفي عروض التجارة، وفي الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، وفي بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، فإذا بلغ المال النصاب، وحال عليه الحول، وجبت فيه الزكاة، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى مصرف الزكاة في كتابه الكريم فقال سبحانه وتعالى: ((إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (التوبة: 60)، فلا يجوز ولا يجزئ صرف الزكاة لغير هذه الأصناف الثمانية التي بينها الله سبحانه وتعالى في هذه الآية، ولا يجوز للأغنياء ولا للأقوياء المكتسبين أن يأخذوا منها، فإن أخذوا منها فإنما يأخذون حراماً وسحتاً، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً، فليستقل أو ليستكثر)، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما يقول عليه الصلاة والسلام: (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مُزْعَة لحم)· ولقد روج البعض في أمريكا لمسألة لا أصل لها في الدين وهي الفتوى بجواز دفع مال الزكاة للجمعيات والمراكز التي تقوم بنشاطات للجالية الإسلامية ولست ضد قيام هذه النشاطات وإن كان البعض منها لمنافع شخصية برز فيها صيادو الأموال لدعم فكرهم التطرفي الذي جلب ويلات وطامات للجالية · إلا أن المسألة فقهية بحتة ولا بد من ذكر الأدلة والعبرة بالحكم الشرعي لا بقول فلان وفلان من الناس· وهذا بيان الحكم الشرعي في مسألة الزكاة: إعلم أيها القارىء رحمنا الله وإياك بتوفيقه أن توزيع الزكاة أَحكَمَ الله عزَّ وجلَّ قواعدَه، وأوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أصوله، وبلَّغه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، فلا يجوز لأحد أن يهمل تلك القواعد أو يتجاوز هذه الأصول، أو يدَّعي أنه أفهم لها ممن نزل عليه الوحي بها، وممن تلقاها منه وتعلمها على يده· قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في كتاب الأم: ''فأحكم الله عزَّ وجلَّ فرض الصدقات في كتابه'' ثم أكدها فقال: ((فريضة من الله))، وقال: ''وليس لأحد أن يقسمها على غير ما قسمه الله عزَّ وجلَّ''· يعني بذلك قوله تعالى: ((الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (سورة التوبة: 60)، فلا يجوز ولا يجزىء إعطاء الزكاة لغير هؤلاء الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في هذه الآية، ومنهم المجاهدون المعنيّون· ------------------------------------------------------------------------------ قرآننا شفاؤنا قال الله تعالى: ((فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)) (التوبة: 81)· الله قريب مجيب (بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أُضل، أو أزل أو أُزل، أو أظلم أُظلم أو أجهل، أو يُجهل عليّ) آمين يا قريب يا مجيب· السنة منهاجنا (مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ) (رواه البخاري)·