يُروى عن علي رضي الله عنه أنه مرَّ بجارية قد اشترت لحماً بدرهم، وهي تقول: زدني· فقال: زدها، ويحك!! فإنه أعظمُ لبركة الرِّبح· ومن أسباب حصول البركة الدعاء بحصولها، وأعظمه دعاء المصطفى عليه الصلاة والسلام، كما تقدّم في قصة الرجل، وكما جاء: عن عروة بن أبي الجعد البارقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري به شاة فاشترى له شاتين فباع إحداهما بدينار وأتاه بشاة ودينار فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة بالبركة فكان لو اشترى ترابا لربح فيه (رواه البخاري)· وعن أبي هريرة قال:أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بتمرات فقلت يا رسول الله أدع الله فيهن بالبركة فضمهن ثم دعا لي فيهن بالبركة فقال خذهن وأجعلهن في مزودك هذا أو في هذا المزود كلما أردت أن تأخذ منه شيئا فأدخل فيه يدك فخذه ولا تنثره نثرا فقد حملت من ذلك التمر كذا وكذا من وسق في سبيل الله فكنا نأكل منه ونطعم وكان لا يفارق حقوي حتى كان يوم قتل عثمان فإنه انقطع· قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه،ولأجل بركة دعائه كانوا أحرص الناس على الاستزادة منه، ولو في السلام، فعن أنس أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يزور الأنصار، فإذا جاء إلى دور الأنصار جاء صبيان الأنصار يدورون حوله، فيدعوا لهم، ويمسح رؤوسهم ويسلم عليهم، فأتى إلى باب سعد بن عبادة فاستأذن على سعد فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال سعد: وعليك السلام ورحمة الله، ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم حتى سلم ثلاثا، ورد عليه سعد ثلاثا، ولم يسمعه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد فوق ثلاث تسليمات، فإن أذن له، وإلا انصرف، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، واتبعه سعد، فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما سلمت تسليمة إلا هي بأذني، ولقد رددت عليك ولم أسمعك، أحببت أن أستكثر من سلامك ومن البركة، فادخل يا رسول الله، ثم أدخله البيت، فقرب له زبيبا، فأكل نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ قال: (أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون) (رواه أحمد والطحاوي والبيهقي وابن عساكر وإسنادهم صحيح)· وإذا رأيت من أخيك ما يُعجبُك فادعُ بالبركة، لا تُصبه بضُر، (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فإن العين حق)، وقال: علام يقتل أحدكم أخاه إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة· ؟ ومن أسباب حصول البركة: موافقة الأمر الشرعي، والصدق مع أداء الأمانة: عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:البيعان بالخيار ما لم يفترقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت البركة من بيعهما (رواه أبو داود،)· وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: حدثني من لا أتهم من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أو تنخم ابتدروا نخامته ووَضوءه فمسحوا بها وجوههم وجلودهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم تفعلون هذا؟) قالوا: نلتمس به البركة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يحبه الله ورسوله فليصدق الحديث وليؤد الأمانة ولا يؤذ جاره)· قال الحافظ في فتح الباري: ''وَفِي الْحَدِيث حُصُول الْبَرَكَة لَهُمَا إِنْ حَصَلَ مِنْهُمَا الشَّرْط وَهُوَ الصِّدْق وَالتَّبْيِين، وَمَحْقُهَا إِنْ وُجِدَ ضِدُّهُمَا وَهُوَ الْكَذِب وَالْكَتْم··· وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الدُّنْيَا لَا يَتِمُّ حُصُولُهَا إِلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالِح، وَأَنَّ شُؤْمَ الْمَعَاصِي يَذْهَبُ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة''·· أي عباد الله، التمسوا أسباب البركة بطاعة الله، واستعينوا على حوائجكم بالصدق والأمانة واللجأ إليه سبحانه، ولا بد مع ذلك أيضاً من حُسن التدبير، عن عمر رضي الله عنه قال: أيها الناس أصلحوا أموالكم التي رزقكم الله عز وجل، فإنَّ إقلالاً في رفق، خيرٌ من إكثارٍ في خُرق· أرق نفسك بنفسك وتداوى بالطب البديل الرقية البدعية : هي كل ما أضيف من رقى يعمل بها المشعوذون أو من كتبهم وإن لم يكن بها شيء من الشرك أو الكفر لكن اعتاد هؤلاء القوم على استخدامها حتى لا يظن الناس أنها من الرقى الشرعية حيث أنها لم تكن على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لم يثبت عن النبي فإنه يدخل في الأحداث (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والمثال على ذلك أن بعض الناس يقول إذا كان عندك شيء من الحسد مثلا فاقرأ أية الكرسي 70 مرة في ضوء القمر ليلة كذا وكذا والمقصود هنا قراءة الكرسي ولكن كون أن هذه الصفة والصيغة لم ترد بنص شرعي لذلك أصبحت بدعة· وكذلك كل آية أو قراءة وردت بعدد معين من قبل النبي صلى الله عليه وسلم يكون الأمر في ذلك توقيفيا لا ينبغي الزيادة أو النقصان وكلا الحالتين فيها استدراك على الرسول وهو عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى· فما ذكره سبعا نذكره سبعا وما ذكره ثلاثا نذكره ثلاثا·· كل ذلك حتى نكون متبعين لا مبتدعين، والله من وراء القصد· لمن كان له قلب فضل الإسلام قال الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (المائدة: 2) وقوله تعالى: (قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم) (يونس: 104)، وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به وغفر لكم والله غفور رحيم) (الحديد: 28)· وفي الصحيح عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجيراً فقال: من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل من صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا: مالنا أكثر عملا وأقل أجرا؟ قال: هل نقصتكم من حقكم شيئاً؟ قالوا: لا، قال: ذلك فضلي أوتيه من أشاء)· وفيه أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة: نحن آخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة)· وفيه تعليقا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحب الإيمان إلى الله الحنيفية السمحة)· وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الله ففاضت عيناه من خشية الله فتمسه النار· وليس من عبد على سبيل وسنة الرحمن فاقشعر جلده من مخالفة الله إلا كان كمثل شجرة يبس ورقها إلا تحاتت عنه ذنوبه كما تحات عن هذه الشجرة ورقها، وإن اقتصا في سنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة· وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم· كيف يعيبون سهر الحمقى وصومهم؟ مثقال ذرة من بر مع تقوى ويقين، أعظم وأفضل وأرجح من عبادة المغترين· وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين قال توفيق الواعي رحمه الله: كم يسعد الإنسان أن يرى عالماً يحترم أخاه، ومجاهداً يُقدر مكافحاً في سبيل الحق، وداعية يُعضِّد مصلحاً ويشد من أزره، وكم يبتئس الإنسان ويأسى ويأسف لعالم يسب آخر، أو يقع في عِرضه، أو يحاول تشويه سمعته، أو غمزه ولمزه، وكم يفجع الإنسان في دعاة يغمطون الحق ويتعامون عن الصواب، ويحاولون هدم رجال ناصبوا الباطل العداء، وكافحوه حتى هوى أو كاد، وطاردوه حتى رحل أو باد· إن من الشعر لحكمة لولا خَيالُ مَعْدَةٍ تكادُ لا تبدو! لا يُوجَدُ النَّقْدُ على كَفِّكَ إِن لم يَنعَدِمْ في ثَغركِ النَّقدُ· ثَغرُك يا ابنَ موطني ما هُوَ إلاّ ثَغَرةُ بالخُبز تَنْسَدُّ! والخُبزُ هذا خُبُزكَ المسْروقُ والواهِبُ هذا·· سارقُ وَغْدُ مِنْهُ عَلَيكَ الذُّل والجَلْدُ وَمِنكَ فيهِ الشُّكرُ والحَمْدُ! قرآننا شفاؤنا قال الله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ{12} (سورة ابراهيم)· السنة منهاجنا قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإن نفس المؤمن تخرج رشحا ونفس الكافر تخرج من شدقه كما تخرج نفس الحمار) (حسن)· الله قريب مجيب دعاء السفر (الله أكبر، الله أكبر، سبحان الذي سخرلنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون· اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا وطوي عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل)· وإذا رجع قالهن وزاد إليهن: (آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون) آمين يا قريب يا مجيب··