انتظمت بمقر المسرح الجهوي ''سيدي بلعباس'' صباح أمس، ندوة حول ''تسيير المنتوج المسرحي''، تحت إدارة الكاتب ''مراد سنوسي''، ومشاركة المسرحي ''عمر فطموش''، خبيرة المناجمنت ''راشدي فتيحة'' وخبير التسويق ''جمان محمد فيصل''. طرح ''سنوسي'' مجموعة من التساؤلات كمنطلق لفتح النقاش عن سبب غياب الجمهور، سبب مفاضلة نفس الجمهور بين العروض، إمكانية تسويق المسارح الخاصة لعروضها، المؤسسات ذات الطابع العمومي، وتحوّلها إلى مؤسسات ذات طابع تجاري، ومدى إمكانية تسويق المنتوج المسرحي، ثم أحال الكلمة إلى ضيوف اللقاء، حيث كانت البداية مع ''عمر فطموش'' الذي استعرض مسيرة المسرح الجزائري بعد الاستقلال، وأهم الأشكال التنظيمية التي تجري في إطارها عملية إنتاج الأعمال المسرحية، وقدم بناء على خبرته في ''تعاونية السنجاب'' من جهة، وكمدير للمسرح الجهوي ببجاية من جهة أخرى، تحليلا للوضع المسرحي في الجزائر، حيث وصفه ب ''المسرح الذي تنتجه الدولة وتعيد شراءه من جديد''، وهذا عبر تسويق الأعمال المدعمة أصلا عبر المسارح الجهوية على نفقة الدولة، الأمر الذي اعتبره غير لائق، حيث أنه من المفترض أن تحقق الأعمال المسرحية مداخيل عبر بيع التذاكر. ويضيف ''فطموش'' إن الجزائر بلد تآكلت فيه الطبقة المتوسطة، وبالتالي تسعيرة التذاكر يجب ألا تتعدى 100 دج فيما يخص مسرح الكبار، و50 دج لمسرح الأطفال، المبلغان اللذان يراهما قاسيين أحيانا على فئة من الجمهور، وفي حين يشهد مسرح الطفل إقبالا نتيجة تخفيض سعر التذكرة أحيانا، فإن المدخول الإجمالي يبقى ضعيفا في النهاية ضعف سعر التذكرة، ومن هنا جاءت فكرة ''بطاقة الاشتراك'' التي اعتمدتها تعاونية السنجاب، وحققت نجاحا مقبولا .من جهة أخرى، بدا ''فطموش'' مستاء من غياب المواكبة الإعلامية للأعمال المسرحية عبر الإعلام، حيث وصف وسائل الإعلام الثقيلة، وبشكل خاص التلفزيون بالغائب تماما عن أداء دور الترويج للفعاليات المسرحية . أما بالنسبة ل ''راشدي فتيحة''، ومن منطلق خبرتها في الملتقيات العالمية الخاصة بالتسيير، فأكدت على اهتمام الكثير من البلدان بما يصطلح على تسميته ب ''المقاولة الثقافية''، حيث أن الكثيرين يستثمرون في الاقتصاد الخلاق والمبتكر، المرتبط بالأفكار الإبداعية، وساقت ''راشدي'' في معرض حديثها عن ''المقاولة الثقافية'' كلاما عن فوائدها الاقتصادية، حيث وصفتها بالميدان الخصب لخلق مناصب شغل جديدة، وعن فوائدها الإنسانية بالقول إنها تضمن التنوع الثقافي والتطور الإنساني. وقدمت ''راشدي'' تصورا لسير عملية ''الصناعة الخلاقة المبتكرة''، حيث أن المقاول ينطلق من فكرة، فرصة أو اختراع ليصنع شركته، ويمضي في أعماله الإبداعية .فيما أكدت على أهمية إبعاد المبدع عن الهموم الإنتاجية، من أجل توفير جو ملائم لعمله، خاصة عندما يكون شغوفا بعمله، الأمر الذي يجعله يغفل فكرة الربح من المشروع، في مقابل تفضيله للمغامرة، ومن هنا يجب دراسة السوق قبل الدخول في العملية الإنتاجية، حتى يلقى المنتوج القبول الكافي من طرف الجمهور .وفي الأخير، أكدت على ضرورة دعم الدولة للأعمال الإبداعية، وإن كانت هناك نية في الإنتاج المستقل، الأمر الذي يحدث حتى في الدول الأكثر رأسمالية. وكان آخر المداخلين ''جمان محمد فيصل'' الذي وضح فكرة تبلور السلسلة الإنتاجية، بعد الأزمات الاقتصادية العالمية التي بدأت في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث أكد على سيادة المنطق الاستهلاكي، الأمر الذي جعل المستثمرين في البداية ينتجون دون إعارة انتباه للنوعية، مادام المستهلك غير موجود ورغباته غير معروفة، ثم بدأت تطفو على السطح بالتدريج معايير الجودة مع بداية الاشتغال على الاتصال والتسويق .وعارض ''جمان'' أطروحة ''راشدي'' بخصوص عدم إشراك الفنان في العملية الإنتاجية، حيث أنه يرى في ذلك وضع للفنان في صورة التحديات، الأمر الذي يحمله مسؤولية أكبر في إنتاج أعمال ذات قيمة. وشدد ''جمان'' على ضرورة الاتصال المباشر مع الجمهور من أجل معرفة رغباتهم وآرائهم في المنتوجات من أجل تحسينها، واقترح انتداب مختصين ليجمعوا آراء الجماهير عند مغادرة قاعات العرض، أو توزيع استمارات عليهم، تحوي أسئلة تقييمية للعرض.