يري خالد بونجمة ان الرد الدبلوماسي يقابله ردا دبلوماسيا ، و الرد بالصداقة يقابله ردا بالصداقة ، ورد بالوقاحة يستلزم وقاحة تقابلها ، مبديا تأسفه وأنزعاجه كابن شسهيد إزأء صسمت ألمسسوؤولين ألجزأئريين كيف تلقيت وأنت ابن شهيد تصرف جيرار لونغي وزير الدفاع الفرنسي السابق، وهو يوجه “ذراع الشرف" للمطلب الجزائري المتضمن ضرورة اعتراف فرنسا الاستعمارية بجرائمها؟ لقد حزّ ذلك في نفسي كثيرا وأصبت بإحباط شديد في المعنويات، كون هذا الرد جاء مباشرة بعد تجديد مطلب ضرورة الإعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية، بالجزائر. ليس هذا فحسب، لقد آلمني ما صدر عن هذا الوزير السابق والشعب الجزائري يحتفل بأقدس ذكرى في تاريخه.. إنه لاستفزاز كبير أن يكون ذلك عشية هذا الاحتفال.. إنه استفزاز للشعب برمته وللثورة الجزائرية، وربما قد يكون ذلك حدث لوجود إحساس لدى الطبقة الحاكمة في فرنسا أن وطنية الجزائريين ماتت وتلاشت.. إحساس من هذا القبيل قد يكون صائبا عندما تسمع البعض وتقرأ لهم تصريحات في الجرائد يعتبرون فيها اعتراف فرنسا بجريمة مظاهرات 17 أكتوبر 1961، “خطوة إيجابية".. الجميع يعلم أن ذلك الذي سموه “اعترافا" بمناسبة المظاهرات الخالدة في أكتوبر 61، ما يرمي إلى شيء غير إعادة بناء الاقتصاد الفرنسي من الثروات الجزائرية. فرنسا اليوم تريد استغلال الماضي الثوري ليس في الجزائر وحدها بل في المنطقة المغاربية ككل، فتعمل على مثل هذه الخدع من أجل “مصالحة ربحية" مع الدول المغاربية. أنا ابن شهيد ومن لا يحترم الشهداء وثورتنا التي هي تاريخنا المجيد لا نحترمه، وهذا حقنا، تماما مثل من يعتبر حرية التعبير حقا من حقوقه ولو كان يسب بها شعبا بأكمله. أنا من تنسيقية أبناء الشهداء ورئيس حزب جبهة العدالة الاجتماعية ولدينا نواب بالبرلمان، كنا ولا نزال نطالب بالاعتراف الفرنسي والتعويض عن الجرائم التي ارتكبوها طيلة أكثر من قرن، لكن للأسف هناك أطراف في الجزائر تحول بين هذا المطلب وتحقيقه. من هذه الأطراف؟ من خصوصياته أنه يتميّز بالتخفي ويمارس ضغوطات لا تُرى بالعين المجردة، بل هي سياسة لا تعرف من أين تأتي أوامرها ولا الجهات التي أصدرتها، وأعطيك مثالا على ذلك، في السنوات القليلة الماضية أردنا أن نزحف بمسيرة سلمية حضارية تجاه السفارة الفرنسية بالعاصمة بمناسبة 14 جويلية التي تتخذها فرنسا تاريخا فارقا في مسار الجمهورية، لكننا منعنا من السير فيها وقد أجهضت المحاولة وقد شهدت سنة 2008 التي بادرنا فيها بالمسيرة، أسوأ التصعيدات الداخلية ضد الشهداء والثورة والأسرة الثورية بكل مكوناتها. هل وزير المجاهدين ضلع في ذلك؟ لا يمكنني تشخيص المسألة لكن أقول أن وزارة المجاهدين سبق وأن قادت وتقود محاولات لتكسير كل منظمة أو جمعية أو محاولة تريد تبني خطاب تصعيدي مماثل كالذي يسود في فرنسا، وهذا ما حدث مع تنسيقية أبناء الشهداء، لقد غلقوا علينا كل الأبواب، وحاولت الوزارة تدميرنا ماديا، ونحن نقول من هذا المنبر أن الوزارة ليست وصية على العائلة الثورية ولا تستطيع أن تلعب هذا الدور لأنه دور خاطئ. ولو كان في كلامك أذكرك أن هذا الوزير أثار زوبعة كبيرة بتصريحاته ضد ساركوزي في السنوات الماضية عشية زيارة دولة كان يوشك عليها إلى الجزائر، وسببت له متاعب كثيرة، إذ قال إنه مجرد يهودي خادم للوبي يهودي؟ حينما قال ذلك كنا الأوائل في التنسيقية الوطنية لأبناء الشهداء، ممن وقفوا معه وشدوا عضده في وقت لم يستطع أحد الوقوف إلى جانبه من الرسميين، لكن أرني مواقف الوزارة في السنوات الأخيرة وماذا كان موقفها من الشكل الذي أعدت به خمسينية الاستقلال.. الحقيقة أن هناك مخططا لتقسيم العائلة الثورية تم تنفيذه ولا يزال متواصلا، وهذه المسألة لن يقنعني أحد بأن من يقف وراءها ليس جهة تدين بالولاء لفرنسا. جيرار لونغي وزير دفاع سابق وبرلماني حالي، رد على مطلب الاعتراف ب “ذراع شرف"، هل ترى اليوم أنه من الوقاحة لو رد عليه نائب برلماني أو مسؤول جزائري سابق بمثل ما رد هو على المطلب الجزائري؟ ما لست أفهمه في بلدي الخلط الكبير بين الأمور، فالصداقة تتطلب الرد بالصداقة، والدبلوماسية تتطلب الرد بالدبلوماسية وأما الوقاحة لا يقابلها رد آخر، غير الوقاحة، ولن أتحرج أو أتوانى في الرد بمثل ما صدر عن لونغي لوهلة واحدة سواء في جريدة أو على أية وسيلة إعلامية أخرى مع كل احترامي للجزائريين والفرنسيين معا كشعوب، لكن إلى شخص مثل هذا لا أتردد.. (ردّ التصرف أمام عدسة المصور). لكن ألا تخشى أن يسبب لك هذا الرد متاعب في الجزائر؟ أنا ابن شهيد وجزائري وأنا لا أتحدث باسم الشعب ولا باسم الدولة بل باسمي كجزائري غيور على تاريخه، وما فعلته موجه للونغي ولكل من يعتبر أن هذا البرلماني كان مصيبا في التصرف الذي صدر عنه.. من لا يحترم شهداءنا فإننا وبكل بساطة لا نحترمه ونرد عليه بما يليق من الوقاحة التي صدرت منه، وإذا كان العكس نرد عليه بجميل أحسن من الجميل الذي أحسن به إلينا.. أنا واضح ولا أبالي بأي شيء يمكن أن يترتب عما صدر مني من رد فأتحمل كامل المسؤولية لوحدي.. ماذا ترى في موقف وزارة الخارجية الذي لم يصدر إلى حد الآن؟ كان ينبغي الرد الفوري على مثل هذا الأمر غير اللائق، سواء من وزارة الخارجية أو من البرلمان أو من وزارة المجاهدين أو أية جهة رسمية أخرى، لكن أقولها للأسف الشديد عندنا في الجزائر مسؤولين لا يفرقون بين المصالح الشخصية وبين المصلحة العليا للبلاد وهذا السكوت والصمت يندرج في هذا الباب بكل صراحة.. لدينا مسؤولين اليوم لهم أرصدة مالية بالخارج وأملاك عقارية، وبمجرد إصدار موقف ما تنكشف أمورهم وتُفضح، فتجدهم يحرصون حرصا شديدا على التخفي عندما يصدر عن فرنسا ما يصدر وتراهم يستعملون لغة ليّنة ومهادنة تجاههم. أما نواب البرلمان ووزارة المجاهدين فوضعهما يشجع فرنسا أكثر على التمادي في مثل هذه التصريحات.. أصبحوا انتهازيين ولا يقدرون على الدفاع عن الجزائر، وهذه مسألة مثيرة للشفقة والأسف في آن واحد، لكنني من جهتي أنا ابن نوفمبر ولا أبالي بما يمكن أن أواجهه بسبب ما صدر عني. هل تقرأ في تصرف لونغي محاولة يمينية لنسف الزيارة المقبلة لهولاند الاشتراكي؟ هذه مسائل تخص الفرنسيين بينهم، أما نحن نهتم بالجزء الذي يخص الجزائر لأن فيه مساسا بالسيادة الوطنية. المسؤولون الذين لا يتحدثون في الجزائر “شاريين بدراهم الشعب" أملاك في فرنسا “وخايفين لوكان يهدروا تكشفهم"، لكن ما نأسف عليه أكثر هو أن هؤلاء يدعون الوطنية في منابر كثيرة وبعضهم إما يحمل جنسية فرنسية وإما تقدم بطلب للحصول على جنسية فرنسية.