قال المخرج الشاب جعوتي كوسيلا، إن فيلمه الوثائقي “جمرة الأرواح" يؤرخ لحقبة مؤلمة في تاريخ قريته آيت زلال في الولاية الثالثة التاريخية، حيث مازالت الذاكرة الجماعية تتداول انتقام الجيش الاستعماري من الأهالي، بعد رفضهم المشاركة في انتخابات 1958، متسببة في محرقة جماعية في حق 11 قرويا. في أعلى الضفة الغربية لوادي سيباو، تبدأ قرية آيت زلال في الظهور بيتا بيتا، تعد اليوم أكثر من 7 آلاف نسمة، مازال جزء منهم يحتفظ بماضي هذا المكان، خلال الفترة الاستعمارية، وما عاناه السكان من قمع وقهر الجيش الفرنسي، الذي شدد من قبضته بعدما أظهرت المنطقة الثالثة مقاومة وبسالة ورفض لكل سياسة فرنسية استعمارية أو اندماجية. يعد كوسيلا جعوتي، واحدا من أبناء القرية، محب للسينما وللفن عموما، كبر على روايات الكبار حول حادثة حرق 11 فردا من القرية أحياء، تحت أعين الضباط الفرنسيين، اتخذوهم رهينة لتخويف الأهالي، وتحريم أي محاولة للوقوف ضد انتخابات سبتمبر 58، التي ووجهت بالرفض وبدعوات المقاطعة. يقول المخرج: “اعتقد أن ما حدث ذلك اليوم لا يمكن أن يمحى من الذاكرة الجماعية للقرية أو الجزائر كافة، لأن المحرقة هي واحدة من العمليات اللاإنسانية المقترفة في حق الجزائريين في كامل المنطقة.."، ويردف أيضا: “فيلمي اتخذه لسان حالي لأقول مجددا أن فرنسا اليوم يجب أن تعتذر عن ماضيها الاستعماري". على مدار 72 دقيقة، إذا، يروي جعوتي في عمل وثائقي وخيالي في نفس الوقت، يومية قرية رفضت الإذعان: “استغرقت مرحلة جمع المعلومات والبحث عن أصحاب الشهادات الموثوق منها 5 أشهر كاملة"، مشيرا إلى أنه حاول قدر الإمكان تسجيل الشهادت الحقيقية والمتطابقة مع أرض الواقع، بعيدا عن مزايدات البعض. لينطلق بعدها في مرحلة التصوير: “مدة شهر كامل، حاولت إعادة تركيب أو تشكيل بعض المشاهد كمشهد القبض على الأسرى الإحدى عشر، من بينهم 8 نساء، شيخ طاعن في السن 72 عاما، وقاصر 15 سنة، جمعوهم أحياء في بيت رث وأضرموا النار فيه دون رحمة"، يروي المخرج الشاب، الذي اعتمد على زهاء 88 ممثلا متطوعا بين محترف وهاو. بعد العرض الشرفي الأول للفيلم الوثائقي بدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو في أكتوبر 2012، ينتظر جعوتي رد لجنة قراءة التلفزيون الجزائري، للموافقة على بثه في القناة الرابعة الناطقة بالأمازيغية، ذلك أن الفيلم أُنتج باللغة نفسها.