منذ مطلع شهر رمضان المعظم، باشرت القنوات التلفزيونية الجزائرية، العامة منها والخاصة، تقديم شبكات برامجية خاصة بهذا الشهر، وهو أمر دأبت عليه منذ سنوات، خاصة بالنسبة للتلفزيون الجزائري الذي يملك تجربة كبيرة مقارنة بالقنوات الخاصة الفتية التي رأت النور منذ وقت ليس ببعيد. وتبعا للتنوع الذي بات يميز المشهد السمعي البصري الجزائري من خلال هذا الكم الهائل من القنوات الخاصة، التي جاءت لتنضم إلى القنوات الخمسة التي تشكل قطاع السمعي البصري العمومي، ما أفرز لنا تنوعا في البرامج والحصص وأساليب جديدة في جلب المشاهد لاختيار برامج قناة على حساب أخرى وفق مقاييس وأفكار تنافسية. ورغبة منا في كشف توجهات المشاهد الجزائري ومعرفة آرائه في الباقة البرامجية المتنوعة التي قدمتها القنوات التلفزيونية العامة والخاصة منذ بداية رمضان، حاولنا معرفة عادات المشاهدة عنده وأي البرامج والحصص والأفلام والمسلسلات التي جلبت انتباهه خلال هذا الشهر. خلال جولتنا عبر بعض أحياء الجزائر العاصمة وفضاءاتها التجارية في هذا الشهر الفضيل، قصد الحديث مع المواطنين حول عادات المشاهدة التلفزيونية والبرامج التي يتابعونها في مختلف القنوات، لمسنا نوعا من اللامبالاة لدى هذا المشاهد حيال ما تقترحه عليه القنوات التلفزيونية الجزائرية، وهو ما أكده لنا أحد المواطنين بساحة أول ماي، حيث اختزل لنا أوقات جلوسه أمام الشاشة الصغيرة في فترتين أساسيتين خلال شهر رمضان وهي قبل الفطور وبعده: "لقد دأبت على مشاهدة الجزائرية الثالثة والشروق تي - في منذ بداية شهر الصيام، وأفضل دائما متابعة بعض البرامج الدينية التي تسبق أذان الإفطار، كما تجذبني بعض الحصص والبرامج الفكاهية، على منوال السكاتشات التي تأتي مباشرة بعد الأذان. أما القنوات الأخرى فلا أشاهدها بتاتا، كما أن انشغالاتي المهنية في النهار وتأديتي لصلاة التراويح ليلا لا تترك لي وقتا كثيرا لمتابعة ما تبثه القنوات التلفزيونية في هذه الأيام المباركة من شهر الصيام". وبنوع من اللامبالاة التي تخفي الكثير من الإحباط، حدثنا أحد المواطنين، وهوأستاذ في المستوى الثانوي، ولم يتوان عن اعتبار البرامج التلفزيونية الرمضانية التي اقترحتها القنوات التلفزيونية، الخاصة منها والعمومية، لم ترق إلى المستوى المطلوب: "بصراحة لم تستطع القنوات التلفزيونية الجزائرية التي تعددت في السنوات الأخيرة من تقديم شبكات برامجية من شأنها أن تجلب إليها المشاهد، حيث يشعر الإنسان وهو يتابعها خلال هذا الشهر بنوع من عدم احترامها للمشاهد، طالما أن ما تقدمه لا يعدو نسخة طبق الأصل مما شاهدناه خلال أشهر الصيام الماضية، بل وأكثر من ذلك فقد بدت لي بعض البرامج عديمة المستوى تماما، سواء تلك التي تتضمن عنصر الترفيه والفكاهة أوتلك المتعلقة بالفقرات الأخرى مثل المسلسلات أوالحصص الخاصة بالشهر الفضيل. وحتى القنوات العمومية التي عودتنا في الماضي على تقديم باقة برامجية متنوعة عجزت هذه السنة عن استقطاب اهتمامنا، إذ ماعدا مسلسل "خيبر" فلا يوجد أي جديد يمكن الحديث عنه". وهم يتحدثون عن آرائهم وانطباعاتهم وميولاتهم للبرامج التلفزيونية المختلفة التي تابعوا بعضها منذ بداية شهر رمضان، لم يخف بعض المواطنين تذمرهم من مضمونها وشكلها، طالما أنها لم تخرج عن إطار ومضامين البرامج القديمة التي تابعها المشاهد الجزائري في التلفزيون العمومي على منوال الكاميرا المخفية والسكاتشات، بطريقة أكثر رداءة، وبعض المسلسلات المعادة والقليل من المسلسلات الدينية: "إذا استثنينا مسلسل "خيبر" يمكنني القول أننا لم تسجل أي جديد في الشبكات البرامجية لرمضان هذا العام، سواء تعلق الأمر بما يقدمه التلفزيون الجزائري العمومي بمختلف قنواته، أوفضاءات السمعي البصري الخاص ممثلا في عديد القنوات التلفزيونية التي رأت النور. ولئن كنا لا نستطيع الحكم على مجمل البرامج التي ستقدمها هذه القنوات خلال هذا الشهر الذي نحن في بداياته، إلا أن المؤشرات الأولى التي أفرزتها البرامج التي شاهدناها لحد الآن توحي أنها لن ترقى إلى المستوى المطلوب، على الأقل كما كانت عليه في السنوات الماضية عندما كنا نتابع قناة وطنية واحدة ممثلة في التلفزيون العمومي". وذهبت سيدة اعتادت، كما صرحت لنا، متابعة فقرات الشبكات البرامجية بنوع من التلهف والشوق كلما حل شهر رمضان إلى حد الحكم على ما شاهدته لحد الآن بغير المهم: "دعني أقول إن المنطق يقول أنه كلما تعددت القنوات التلفزيونية كلما ازداد تنوع برامجها من خلال تقديم حصص لها صلة مباشرة بهذا الشهر الفضيل، ولا أضيف شيئا إن قلت لكم أنني بالنظر إلى ما اقترحته علينا هذه القنوات فإني أتجه الآن نحو مقاطعتها إذا لم يتحسن أداؤها ومضامين برامجها". وبلهجة فيها الكثير من السخرية، أخبرنا أحد المواطنين أنه لا يرى بتاتا ما يبث هذه الأيام من برامج، لسبب بسيط وهو أن القنوات التلفزيونية الوطنية الخاصة منها والعمومية فشلت في تقديم مادة تليق بهذا الشهر.."وبصراحة أنا أفضل ما كان تقدمه لنا "اليتيمة" في الماضي بدل هذا الكم الهائل من البرامج في غياب النوعية". هكذا وصف لنا هذا المواطن مشهد السمعي البصري وما تقدمه القنوات التلفزيونية من برامج خلال شهر رمضان. وللأمانة لم نصادف خلال جولتنا عبر أحياء وشوارع العاصمة من عبر لنا عن رضاه عن الأطباق التلفزيونية التي شاهدها لحد الآن. كما لم يفوت البعض الفرصة للإبقاء على الأمل في رؤية منتوج محترم خلال الأيام القليلة القادمة قد يعيد جمهور المشاهدين إلى قنواته الوطنية بدل القنوات الأجنبية، وما أكثرها، لإيجاد ما يروق له من برامج وحصص ومسلسلات وسكاتشات بمناسبة هذا الشهر الفضيل.