التابعي الجليل الأحنف بن قيس هو الضحاك بن تميم التميمي، المعروف بالأحنف.. ولد في البصرة سنة 619 م، وأدرك عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصحبه وشهد بعض الفتوحات منها قاسان والتيمرة، وهو من أهل البصرة وقدم إلى المدينة في عهد عمر بن الخطاب، ورحل إلى مرو وهراة ونيسابور فاتحا ومات. وكان سيدا في قومه حتى غدا من أفاضل الناس وارتفعت منزلته عند الصحابة أنفسهم، وكانت له نظرة ثاقبة في الحرب وأمره سيدنا عمر بن الخطاب على إحدى الجيوش المتجه إلى فارس. وكان من جُلَّة التابعين وأكابرهم وكان سيد قومه موصوفا بالعقل والدهاء والعلم، وكان يُضرب به المثل في الحلم، وكتب عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى أبي موسى الأشعرى والي البصرة أما بعد فأدن الأحنف وشاوره واسمع منه، واعتزل الأحنف الفتنة يوم الجمل ثم شهد صِفِّين مع علي رضي الله عنه ولمَّا انتظم الأمر لمعاوية رضي الله عنه عاتبه فأغلظ الأحنف في الجواب، فسُئل معاوية عن صبره عليه فقال: هذا الذي إذا غضب غضب له ألف لا يدرون فيما غضب، وولى خراسان وكان صديقا لمصعب بن الزبير أمير العراق، لقد كان الأحنف بن قيس رضي الله عنه بليغا فصيح اللسان، فارسا مقداما شجاعا، عالي الهمة، دينا صواما قواما، حليما كريما جوادا، وروى الأحنف عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وروى عنه الحسن البصري وأهل البصرة، وقد تُوفي الأحنف بن قيس بالكوفة في ولاية مصعب بن الزبير سنة 684 م. وفيما يلي باقة من أشهر أقواله: - إن عجبت لشيء فعجبي لرجال تنمو أجسامهم وتصغر عقولهم. - ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: شريف من دنيء، وبر من فاجر، وحليم من أحمق. - من أَسْرَعَ إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون. - رأس الأدب آلة المنطق. - ما عاداني أحد قط إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث خصال: إن كان أعلى مني عرفت له قدره، وإن كان دوني رفعت قدري عنه، وإن كان نظيري تفضلت عليه. - العتاب خير من الحقد. مر الأحنف بامرأة تبكي ميتا، ورجل ينهاها، فقال له: "دعها، فإنها تندب عهدا قريبا، وسفرا بعيدا". - العقل خير قرين، والأدب خير ميراث، والتوفيق خير قائد. - من ظلم نفسه كان لغيره أظلم، ومن هدم دينه كان لمجده أهدم. - لا يتم أمر السلطان إلا بالوزراء والأعوان، ولا ينفع الوزراء والأعوان إلا بالمودة والنصيحة، ولا تنفع المودة والنصيحة إلا بالرأي والعفة.