إستطاع أنيس بن هدوقة نجل الروائي الجزائري الراحل عبد الحميد بن هدوقة، منذ أيام قليلة أن يعيد إلى الحياة إرث والده الكاتب والمفكر والمثقف والسياسي. وعن طريق إلقاء نظرة جديدة على مساره الحافل، عبر موقع الكتروني يعيد فتح صفحات تاريخ الجزائر كاملة، بحكم حضورها القوي في التاريخ الشخصي لصحاب "ريح الجنوب". كتب أنيس مقالا يشرح فيه دواعي هذه "الخطوة الالكترونية"، بمناسبة الذكرى ال 17 لوفاة بن هدوقة الأب والمبدع (21 أكتوبر ...)، استجابة لحاجة ملحة لإعادة النظر في تركة والده عبد الحميد: "أردنا أن يكون الموقع حول الوالد إذن تكريما متواضعا لشخصه وأيضا مساهمة في الأدب والفكر والتاريخ للوطن، لأن هؤلاء الرجال يمتزج أحيانا تاريخهم الشخصي مع تاريخ وطنهم وأمتهم، حقا إنّ الوالد عندما كتب ريح الجنوب، كانت فعلا أول رواية له، لكنها كانت كما يعلم الجميع أول رواية جزائرية باللغة العربية وهي بحد ذاتها لحظة تاريخية هامة في الثقافة الجزائرية بل منعرجا حاسما أسس لثقافة جديدة في ذاكرة أمتنا الجزائرية". فقد كان بن هدوقة طيلة سنوات محل موضوع ملتقيات وطنية حملت اسمه، وجعلت من أعماله إشكاليات للنقاش والبحث والاكتشاف. ومع أن أعماله مكتوبة بلغة عربية راقية وسهلة في الوقت نفسه، ظل بن هدوقة بعيدا كثيرا عن الاهتمام التربوي، لما في نصوصه من قيم اجتماعية وجمالية وفنية. فظل حضورها مقلا، بل شحيحا لا ندري إن كان من محض إرادة القائمين على البرامج المدرسية أو أهمال يعكس إهمالا أكبر للثقافة الوطنية بمختلف لغاتها وأشكالها. يأتي الموقع، إذن، ليفتح نافذة افتراضية، يطل عليها كل المتصفحين لمواقع الأنترنت، في عصر تتواصل فيه الأجيال فيما بينها عن طريق روابط لا متناهية، وقد يكون موقع بن هدوقة أحد الروابط التي لا بد أن تفرض نفسها في شبكة عنكبوتية تعج بالمواضيع والأفكار. وبالتالي فقد فتح أنيس لنفسه نافذة تتطلب منه نفسا طويلا وسعة خيال ودراية بتكنولوجيات الاتصال الحديثة، للدفع ب "كتاب والده الجديد" في مقدمة الصفحات ذات الاطلاع الواسع. يوفر الموقع مادة جميلة من الصورة الفوتوغرافية والكتب والمقالات، التي كتبت في زمن كان فيه بن هدوقة يتطلع إلى مجتمع منفتح على الثقافات الأخرى، ولكن متجذر في أصوله الثابتة. يقول أنيس في مقاله التوضحي: "ننتظر أن يكون الموقع حول شخصية الوالد، قبلة الباحثين والطلاب والتلاميذ، بحيث يعثرون على كل حيثيات الراحل في هذا الموقع، إنشاء الله، بما فيها جوانب عن حياته. الوالد لم يكن أديبا فقط وإنما كان مناضلا في صفوف الحركة الوطنية قبل أن يكون مجاهدا إبان الثورة التحريرية عندما كلف من قبل جبهة التحرير الوطني بالانتقال من فرنسا إلى تونس للعمل في إذاعة تونس والمساهمة في صوت الجزائر، ولقد كانت له العشرات من التمثيليات المسرحية وسائر الكتابات خلال إقامته بتونس، قبل أن يعود إلى أرض الوطن غداة الاستقلال ليلتحق بالإذاعة والتلفزيون الجزائري في سنة 1962". كما تعهد نجل الراحل بن هدوقة أنه سيتم تحيين الموقع باستمرار وإثراؤه تكريما لصاحب "ريح الجنوب"، التي صنفها النقاد كأول رواية جزائرية مكتوبة باللغة العربية، التي ترجمت إلى أكثر من 22 لغة. للإشارة، الموقع تفاعلي مفتوح على مساحات التعليق والاشتراك بنشريات دورية، وهو مفتوح أيضا على المنتديات الاجتماعية مثل الفايسبوك والتويبر وغوغل واليوتوب. إذ يمكن لمن يريد أن يتفاعل مع ما ينشر على موقع الوالد أو يطلب دراسة ما قد أوفرها له عبر الموقع".