حزب جبهة التحرير الوطني يجدد دعمه الكامل للمواقف الدبلوماسية الحكيمة للجزائر    رئيس الجمهورية يعزّي في استشهاد الطيّار المقدم بكوش    المسموح والممنوع في الخدمات الرقمية نحو الخارج    خطوات جديدة لمرافقة وترقية الاستثمار    "بريد الجزائر" يطلق صفحة خاصة بتطبيق "بريدي موب"    مظاهرات حاشدة في المغرب لإسقاط التطبيع    مجموعة فرنسية تنظم مسيرة لإطلاق المعتقلين الصحراويين    فرنسا: نائب عن حزب "فرنسا الأبية" يندد بالاستفزازات المستمرة لروتايو تجاه الجزائر    الصحراء الغربية: الرئيس غالي يشيد بالدور التاريخي للمرأة الصحراوية في مسيرة الكفاح من أجل الحرية والإستقلال    اختبار صعب ل"الخضر" في طريق التأهل لمونديال 2026    يوسف بلايلي سلاح بيتكوفيتش في مباراة بوتسوانا    لهفة الصائمين تعترض مساعي الحد من تبذير الخبز    في باكستان.. حرصٌ على اللباس المحتشم    ورشة مفتوحة لتغيير وجه المدينة    نجوم في بيت الفن والسمر    الجزائر تدين بشدة الهجوم الإرهابي على موكب الرئيس الصومالي    سلطة الضبط توجه إعذارات ل5 قنوات تلفزيونية    إحباط تمرير 30 قنطارا من الكيف عبر الحدود مع المغرب    7 متنافسين على المقعد الرياضي الأكثر نفوذا    النوري يزور مديرية الوثائق    الخضر يبحثون عن الفوز للاقتراب من المونديال    الجزائر تستنكر..    مهرجان للإنشاد والمديح بسكيكدة    إيرادات المنتجات الغابية في الجزائر تتجاوز مليار دينار في 2024    وزير الاتصال يؤكد على ضرورة تشكيل جبهة وطنية إعلامية للدفاع عن صورة الجزائر    حج 2025 : اجتماع تنسيقي لمتابعة عملية تسيير رحلات الحج    البيع المباشر لمنتجات تربية المائيات: إقبال متزايد من المستهلكين على سمك التيلابيا الحمراء    قسنطينة: وضع حيز الخدمة لمركز متنقل لتحويل الكهرباء بمنطقة سركينة    الذكرى ال63 لعيد النصر : تدشين وإطلاق مشاريع تنموية بجنوب البلاد    الجزائر- تونس: ابراز الإرادة المشتركة في التصدي للظواهر السلبية بالمناطق الحدودية    رابح ماجر:عمورة مستعد للعب في الدوري الإنجليزي    دخل قائمة المنتخب الوطني : مداني يحفظ ماء وجه البطولة المحلية    رئيس الجمهورية يعزي في استشهاد الطيار المقدم بكوش نصر    الأدب العربِي بالفرنسية/ التّصنيف المربك؟    متى يباح الإفطار للصائم    أجمل دعاء يقال في رمضان    قال إن المنتخب الجزائري يملك توليفة رائعة من اللاعبين.. صهيب ناير سعيد باللعب مع الجزائر    حوادث المرور: هلاك 8 أشخاص وجرح 235 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    مسؤول أممي: الوضع في غزة يزداد سوءا مع استئناف الغارات الجوية الصهيونية    الرابطة الأولى "موبيليس": مباراة دون جمهور لشباب بلوزداد ومعاقبة مدربه راموفيتش    الذكرى ال63 لعيد النصر: تنظيم ندوة فكرية حول تجليات عيد النصر في المخيال الأدبي والفني الجزائري    نسيج وجلود: رقم أعمال المجمع العمومي "جيتكس" يرتفع ب15 بالمائة في 2024    الجامعة منخرطة بقوة في الأهداف التنموية للبلاد 2024- 2029    فتح 2000 مطعم وطنيا لتقديم وجبات للمحتاجين وعابري السبيل    تفكيك شبكة دولية منظمة تتكون من 11 شخصا    الجزائر ستظل دائما وفية لمبادئ وقيم الاتحاد الإفريقي    19 مارس و19 سبتمبر أين الحقيقة ..!؟    اتخاذ إجراءات ضد 53 مستورد للمورد    هل حافظت "طيموشة 3" على التألّق نفسه؟    بهجة رحال ونوري الكوفي نجما النوبة    الحويني في ذمة الله    مشروع توسعة مصنع "فيات" بوهران بلغ 70 %    أول رحلة للحجاج في 10 ماي المقبل    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    هذا موعد أول رحلة حج    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    الشروع في عملية حجز تذاكر السفر للحجاج : انطلاق أول رحلة نحو البقاع المقدسة يوم ال10 ماي المقبل    الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعطوا الطريق حقه
نشر في الجزائر نيوز يوم 30 - 10 - 2013

تهدف شريعتنا الغراء إلى الرقي بالمجتمع المسلم إلى معالي الأمور وسمو الأخلاق، وتنأى بأفراده عن كل خلق سيء أو عملٍ مشين، وتريد أن يكون المجتمع متآلفاً متحابًّا، تربط بين عناصره الأخوة والمودة، وبين يدينا توجيه نبوي يعالج ظاهرة اجتماعية مهمة، لو بقيت على وضعها لأفسدت المجتمع. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والجلوس بالطرقات)، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدٌّ نتحدث فيها، فقال: (إذ أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه)، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) متفق عليه، وفي رواية أبي هريرة عند أبي داود، فذكر الحديث وفيه: (وإرشاد السبيل).
في حوار رائع له دلالاته بين نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم وبين أصحابه حول حقوق الطريق وآدابه، ينهى صلى الله عليه وسلم ويحذر بقوله: (إياكم والجلوس بالطرقات)، لأن الجلوس بها يعرّض للفتنة وإيذاء الآخرين والإطلاع على الأحوال الخاصة للناس، وضياع الأوقات بما لا فائدة منه، فيستوضح الصحابة رضوان الله عليهم: "ما لنا من مجالسنا بدٌّ نتحدث فيها"، فيرشد ويوجه إلى الوضع السليم: (إذ أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه)، فيتساءلون: "وما حق الطريق؟"، فيأتي الجواب: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإرشاد السبيل)، فما أحوجنا إلى الامتثال لتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم وتنفيذ ما أمر به.
- الحق الأول: غض البصر، المراد بغضّ البصر كفه ومنعه من الاسترسال في التأمل والنظر، والأمر بغض البصر يشترك فيه الرجال والنساء على حد سواء، يقول الله تعالى: "قُل لِلمُؤمِنِينَ يَغُضُّواْ مِن أَبصَارِهِم" (النور: 30)، وقال تعالى: "وَقُل لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِنَّ" (النور: 31)، وذلك لأن إطلاق البصر يجلب عذاب القلب وألمه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "تعمد النظر يورث القلب علاقة يتعذب بها الإنسان، وإن قويت حتى صارت غراما وعشقا زاد العذاب الأليم، سواء قدر أنه قادر على المحبوب أو عاجز عنه، فإن كان عاجزا فهو في عذاب أليم من الحزن والهم والغم، وإن كان قادرا فهو في عذاب أليم من خوف فراقه ومن السعي في تأليفه وأسباب رضاه"، وأصل ذلك ومبدؤه من النظر، فلو أنه غض بصره لارتاحت نفسه وارتاح قلبه". والشرع المطهر لم يغفل ما قد يقع من الناس دون قصد منهم، بل أمر من نظر إلى امرأة أجنبية دون قصد منه أن يصرف بصره عنها ولا يتمادى، قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ "فأمرني أن أصرف بصري" رواه مسلم، ومعنى نظر الفجأة كما ذكر الإمام النووي: "أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك، ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال، فإن صرف في الحال فلا إثم عليه، وإن استدام النظر أثم".
- الحق الثاني: كف الأذى، من حقوق الطريق كف الأذى وعدم إيذاء الناس في أبدانهم أو أعراضهم، سواء باللسان أو اليد أو الاعتداء بالنظر في بيوت الآخرين دون إذنهم، ويشمل النهي السباب والشتائم وأذية الناس في أعراضهم والاستهزاء والسخرية، وكذا اليد فإن أذيتها لا تنحصر في الضرب والقتل، بل تتعداها إلى الوشاية بالناس، والسعي للإضرار بهم. ويدخل في ذلك أيضا: كل ما يؤذي سالك الطريق ويضايقه، من إلقاء حجر قد يجرحه أو قاذورات تلوثه، أو تلوث ظل شجرة يستفيد الناس من ظلها أو يأكلون من ثمرها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتّقوا اللَّعَّانَيْنِ: الذي يَتَخَلّى في طريق النّاسِ، أو في ظِلِّهم) رواه مسلم.
- الحق الثالث: رد السلام، من حقوق الطريق رد السلام، والسنة أن يسلم الماشي على القاعد، والراكب على الماشي، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير، ورد من يلقى عليهم السلام التحية فرض كفاية عليهم، فإذا كانوا أكثر من واحد، سواء كانوا في الطريق أو في غيرها، ورد بعضهم السلام على من سلم عليهم، سقط الواجب عن البعض الآخر، وإن كان واحدا تعين عليه رد السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ) متفق عليه، وفي رواية للبخاري: (يسلَّم الصغير على الكبير). ورد السلام حق من حقوق المسلم على أخيه، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: (حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز) متفق عليه، وقد قصّر في هذا الباب خلق كثيرون، واقتصر سلامهم على المعرفة، فمن عرفوه سلموا عليه أو ردوا عليه سلامه، ومن لم يعرفوه لم يعيروه اهتماماً، وهذا خلاف ما جاء به التوجيه النبوي.
- الحق الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا باب عظيم الشأن والقدر، به كانت أمتنا خير الأمم، قال تعالى: "كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ" (آل عمران: 110)، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها" رواه ابن جرير، وقال الإمام ابن كثير: "ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله تعالى: "كَانُواْ لا يَتَنَاهَونَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ" (المائدة: 79). وبترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحل العقاب، فقد قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه خطيبا في الناس فحمد الله عز وجل وأثنى عليه وقال: "أيها الناس: إنكم تقرءون هذه الآية "يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إذَا اهتَدَيتُم..." (المائدة: 105)، وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب)" رواه الإمام أحمد. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس مقصوراً على جهة معينة كرجال الحسبة، بل هو واجب على كل أحد، كلٌ بحسب استطاعته، ولكن ينبغي مراعاة التدرج في الإنكار، فلا يتحول المرء إلى مرتبة حتى يعجز عن التي قبلها، فلا ينكر بقلبه من يستطع الإنكار بلسانه، وهكذا. ومن كانت له ولاية فإنكاره يكون بأعلى مراتب الإنكار، فرب الأسرة هو السيد المطاع في البيت، وتغييره يكون بيده فهو قادر على إزالة المنكر بيده، ولا يعذر بترك ذلك. ويجب أن يستحضر المُنكِرُ قاعدة المفاسد والمصالح، وألا يبادر إلى الإنكار إلا إذا علم أن مصلحته راجحة على مفسدته، ومتى علم رجحان المفسدة وجب عليه الكف حتى لا يفتح باب شر وإفساد، وإذا عجز عن المرتبة الأولى والثانية فلا يغفل عن قلبه ويمر عليه المنكر دون إنكار بالقلب وظهور آثار ذلك على صفحات وجهه.
- الحق الخامس: إرشاد السبيل، المقصود هداية السائل عن الطريق، ويكون ذلك بإرشاد السائل وهدايته سواءً كان ضالا أو أعمى، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك صدقة، كما في الحديث: (ودلُّ الطريق صدقة) . رواه البخاري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.