عندما تجتمع القوة البدنية مع المهارة الفنية يكون الإبداع على البساط الأخضر..هذا ما أكده نجم كرة القدم النيجيري رشيدي يكيني الذي اشتهر ببنيانه الضخم القوي وفنياته العالية وأهدافه الدائمة ولذلك سيظل اسمه محفوراً في ذاكرة عشاق كرة القدم في إفريقيا والعالم.. هو أحد أفضل المهاجمين الذين مروا على تاريخ الكرة النيجيرية والإفريقية. ولد في مدينة كادونا شمالي نيجيريا في أكتوبر عام 1963، وضح منذ نعومة أظفاره حبه الشديد لكرة القدم فتعلق بها، ومارسها كأي طفل إفريقي، ولكن موهبته الكبيرة وبنيانه الجسدي المميز كانا يبشران بمولد لاعب كرة قدم لن تنساه إفريقيا مهما حدث. بدأت مسيرة اللاعب الاحترافيه مع نادي شوتنغ ستارز المحلي، ليرحل بعد ذلك إلى ساحل العاج ويقضي بها موسمين ناجحين مع نادي أفريكا سبور (1988 -1990) جعلت أنظار الأندية الأوروبية تنصب نحو هذا الشاب الواعد صاحب البنية الجسمانية القوية. لمعت عينا الفتى الأبنوسي عندما سمع بأن نادي فيتوريا سيوتوبال البرتغالي يرغب بشدة في ضمه ليشد الرحال نحو القارة العجوز، أملا في إثبات ذاته وتطوير مستواه، وبالتأكيد جمع بعض المال ليعين به عائلته في أدغال إفريقيا الموحشة. قضى يكيني أربعة مواسم رائعة في الدوري البرتغالي، حيث كان أحد أبرز نجوم فريقه، وتمكن من تسجيل 90 هدفا، بعد ذلك تنقل في أندية أولمبياكوس اليوناني وسبورتج خيخون الإسباني وزيورخ السويسري، كما كانت له تجربة عربية مع نادي الشباب السعودي، قبل أن يعود من جديد إلى نيجيريا مع نادي غايتواي. هنالك العديد من اللاعبين الذين يظهرون بمستوى مذهل مع أنديتهم، ولكن عندما يتم استدعائهم لتمثيل وطنهم الأم يتدهور مستواهم ويلعبون بلامبالاة، وعلى عكس هؤلاء اشتهر "رشيدي يكيني" مع نسور نيجيريا، حيث ساهم بشكل كبير في تأهل الفريق لنهائيات كأس العالم 1994 مع مجموعة من خيرة ما أنجبت نيجيريا كرويا، أمثال أموكاشي وإيمانويل أمونيكي وسامسون سياسي وفيندي وبيتر روفاي وغيرهم. لم يستبشر كثيرون خيرا بعد سحب قرعة مونديال الولاياتالمتحدة الأميركية، حيث ظهرت نيجيريا في المجموعة الرابعة رفقة كل من الأرجنتين وبلغاريا واليونان، وتوقع البعض سقوطا مهينا للمنتخب النيجيري في أولى مبارياته أمام رفاق خريستو ستويشكوف، ولكن قدم النسور الخضر مباراة لن تنساها إفريقيا، وسحقوا المنتخب البلغاري بثلاثية نظيفة. الدقيقة الحادية والعشرين من عمر اللقاء كانت مفصلية في حياة يكيني، وحياة كل النيجيريين، عندما تلقى كرة من الناحية اليمنى ووضعها بكل سهولة في المرمى الخالي، معلنا أول أهداف النسور الخضر في تاريخ نهائيات كأس العالم، وبعد تسجيله للهدف احتضن الشباك بطريقة غريبة، وبدا كأنه يخاطبها في مشهد تحدثت عنه وسائل الإعلام العالمية لفترة ليست بالقصيرة. تأهل المنتخب النيجيري للدور الثاني عن جدارة واستحقاق متصدرا مجموعته الرابعة ليواجه عقبة وصيف بطل المسابقة المنتخب الإيطالي، ويقدم أمامه مباراة بطولية ليتعادل في الزمن الرسمي ويخرج من البطولة بهدف قاتل، ومن ركلة جزاء في الشوط الإضافي الأول انبرى لها بنجاح روبيرتو باجيو ليخرج الفريق والألم يعتصر كل سكان القارة السمراء. لم يبخل اللاعب المعروف بالقاطرة البشرية حينها بأي قطرة عرق لبلاده، حيث شارك في 58 مباراة سجل فيها 37 هدفا، ساهم بصورة كبيرة في فوز بلاده بكأس الأمم الإفريقية عام 1994، ونال لقب هداف المسابقة برصيد خمسة أهداف، وحاز جائزة أفضل لاعب في البطولة، وعلى الصعيد الفردي فاز يكيني بلقب أفضل لاعب في القارة السمراء مرتين، وأفضل هداف في القارة مرتين أيضا. بعد وفاة رشيدي يكيني توجهت الصحف والمواقع الإلكترونية العالمية لمعرفة أسباب وفاته وحقيقة المرض الذي أصيب به، حيث تم التركيز على إجراء حوارات مع والدته ومطلقته لمعرفة أدق التفاصيل عن أسباب الوفاة. وقد عانى اللاعب من هذا المرض منذ العام 2010، ولم يلتفت إليه أحد، ولم تعره وسائل الإعلام أي اهتمام ولم تسهم المؤسسات وكل من له علاقة بالإنسانية وبكرة القدم في علاجه.