حقق العرض الليبي "ششه كخه" الفارق المحسوس في أيام المسرح المغاربي بالوادي، بعد تقديمه سهرة الاثنين المنصرم بدار الثقافة الأمين العمودي. عمل شرح البال عبد الهادي أثبت مرة أخرى الطاقة الإيجابية لفريقه الفني والتقني الذي أسكت ثرثرة الجمهور السوفي. ما يزال موضوع المسرحية الليبية حديث الساعة، حتى بعد قيام ما يصطلح عليه بالثورات العربية، فأسلوب الزجر والنهي متواصل كلغة مفضلة بين الفرقاء، ورغبة في إسكات الآخر بأي أسلوب كان، سواء كان شعبا أو فردا أو حزبا أو طائفة أو أقلية... "ششه كخه" التي تعني "اصمت" و«دع" تشير إلى قوانين المنع والحرمان التي طبقت على الفرد الليبي أيام النظام الديكتاتوري. وهي الفكرة التي استلهمها الكاتب فتحي القابسي، فألف عملا يقوم على لغة بسيطة تستدعي السخرية والهزل، ولكنها تمس واقعا أليما، إذ تصلح عليها مقولة "شر البلية ما يضحك". أما شرح البال عبد الهادي، مخرج العرض، فقد أعطى الممثلين عز الدين دويلي وابراهيم إدريس متسعا من الفضاء لتفجير طاقتهما الإيجابية على الركح، وينقلا الجمهور إلى مستوى آخر من العرض بعيدا عن الميلودارما والسريالية والتجريدية وبعيدا أيضا عن اللغة الخطابية الوعظية التي ميزت عددا من المسرحيات المشاركة. وقد بادل الجمهور "عزو" و«ابراهيم" الاحترام الذي أظهره الممثلان، إذ أجبرا القاعة على متابعة العرض والتخلي عن الفوضى اليومية التي تحدثها، ما شتت تركيز الفرق المتنافسة. تشكلت إذن، ثنائية الشعب والحاكم المجنون، أحدهما هزيل ضعيف والثاني قوي البنية مغرور، شكله الخارجي يوحي بمعمر القذافي المخلوع، على ركح الوادي، مع إضافات أدخلها شرح البال على العمل، كمشهد التعذيب بالكهرباء، الذي لم يكن في المرة السابقة (2012 ببجاية).