تتواصل السهرات الفنية المبرمجة في إطار المهرجان الوطني لموسيقى الديوان ببشار، حيث لبت السهرة الرابعة جميع أذواق الجمهور الموسيقية، عبر مزيج من الفرق المشاركة في الحفل جمعت بين روحية الديوان وخفة الفلامنكو. السهرة الثامنة لفعاليات الطبعة الثامنة للمهرجان الوطني لموسيقى الديوان، حصدت كما هائلا من الجمهور الذي تنوع بين الشباب والعائلات، توافدت الجموع قاصدة ملعب النصر الذي يحتضن كل السهرات المشاركة في المهرجان، موفرا لزواره الفسحة المناسبة للم شمل عشاق موسيقى الديوان وفنانيها. أول الفرق التي افتتحت الاحتفال كانت فرقة دار البحري وصفان القادمة من ولاية قسنطينة، ما ميز الفرقة عن بقية المشاركين أن أفرادها عائلة واحدة، وهي الفرقة الوحيدة حتى الآن التي أشركت نساء في وصلتها. قدمت مجموعة دار البحري وصفان خلال وصلتها التي حددت لمدة عشرين دقيقة، مجموعة من المقاطع بلهجتي الحوصة والبمبارة، منها برج سرقو الذي رقصت عليه إحدى أعضاء الفرقة مقدمة لوحة تمثيلية تشرح أحداث القصة المروية في البرج. ثاني العروض كان من نصيب فرسان مغنية، فرقة شابة من ولاية تلمسان، تلتمس طريقها لتنافس باقي الفرق المشاركة، قدم أفرادها وصلة غنية ومتنوعة أبدعوا خلالها في برج بانية، طوال الوصلة حافظ الأعضاء على وتيرة واحدة، وعلى عكس باقي الفرق المشاركة لم يقدموا أي لوحة كويو، الأمر الذي قد يؤثر سلبا على عرضهم. بعد وصلة فرسان مغنية التي دامت المدة المحددة نفسها، اعتلت فرقة قعدة الواحة الركح بمظهر ميزها عن غيرها بلباسها الأسود المزركش والمزين بالخزعات، والقبعات المظفرة. قدم سليلو مدينة بشار أعضاء فرقة قعدة الواحة أبراجا ولوحات عديدة لجمهور ملعب النصر، مزجوا خلالها بين ألحان القمبري وإيقاعات القرقابو، ودوي الطبل الذي علا صوته عن باقي الآلات. بعد انتهاء عروض الفرق المشاركة في المنافسة، استقبل جمهور بشار بحفاوة فرقة الداي القادمة من العاصمة، لاختتام السهرة الرابعة من عمر المهرجان الوطني لموسيقى الديوان. قدمت الفرقة الشابة المتكونة من ثمانية شبان مقاطع من ألبومهم الذي صدر مؤخراً عن شركة باديدو للإنتاج الموسيقي. حيث مزجوا في أغانيهم بين طابعي الفلامنكو والقناوي، بدءا بأغنية أنا جزائري، كحلة العين، لا اله الا الله، لينتقلوا إلى رائحة العاصمة في أغنيتي بابور اللوح، وبنات البهجة، عاشق الزين، ولعل أكثر أغنية أثارت الجمهور هي أغنية ماريا، التي تفاعل معها الحضور بشدة مرددين كلماتها مع مغني الفرقة بوخشبة سامي ليطالبوا الفرقة بكل إصرار إعادتها مرة أخرى. المتتبع للحفل يلاحظ أن فرقة الداي تتمتع بقاعدة جمهور قوية، استطاع أعضاؤها التحكم بعشاقهم، عبر إدماجهم في العرض الذي قدموه، طالبين منهم ترديد كلمات الأغاني التي يحفظها الجميع عن ظهر قلب. وما فاجأ الجميع هو عدد الشباب الكبير الذي بقي ينتظر أفراد الفرقة أملا في التقاط صور معهم. للتذكير، المهرجان الذي سيدوم أسبوعا برمته تتنافس فيه خمسة عشر فرقة على المراتب الثلاث الأولى التي ستخولها المشاركة في المهرجان الدولي لموسيقى الديوان، كما تنظم مجموعة من الندوات التي تتناول موسيقى الديوان وجذورها الإفريقية، يديرها مجموعة من الأكاديميين والشيوخ والمعلمين من المنطقة للحديث عن هذه الموسيقى التقليدية التي تشهد انتشارا عالميا، وإقبالا كبيرا من الجمهور الشاب على البحث والتعمق في أسرارها وتاريخها. عروض تجمع بين الموسيقى والتمثيل.. المهرجان الوطني لموسيقى الديوان يثير إعجاب رواده تتواصل فعاليات المهرجان الوطني لموسيقى الديوان الذي يحتفل بطبعته الثامنة بولاية بشار. السهرة الثالثة من أيام المهرجان تميزت بتنوعها الثقافي عبر تنوع مشارب الفرق الفنية المشاركة خلالها داخل المنافسة وخارجها. حيث لا يختلف اثنان حول حقيقة تأثير الحفل على الجمهور الغفير الذي ملأ مقاعد ملعب النصر، وساحته. السهرة الثالثة من عمر المهرجان الوطني لموسيقى الديوان أذهلت جمهور موسيقى الديوان الذي أتى من كل صوب للاحتفال بهذه المناسبة. أربع فرق سجلت حضورها مساء الأحد فوق ركح ملعب النصر بهدف إثبات قدراتها الفنية، وإمتاع جمهورها المتعطش للموسيقى. الفرقة التي برزت في السهرة كانت "سيدي بلال" القادمة من ولاية معسكر، حيث نقل أعضاء الفرقة جمهورهم في رحلة مغرية في عالم الديوان وطقوسه الروحية المعقدة... اختارت الفرقة برج الخلويين الذي يخلد ذكرى صيادي الغابة مثل مقطعي سرقو ومغزو، اللذين رافقهما بعض الأعضاء بلوحة تمثيلية مصممة بإتقان تصور مراحل الصيد وصعوبته، تغيرت خلالها ألبسة الممثلين وأدواتهم حسب تغير المقطع، وحسب المعلم عبد القادر بن عمر قائد الفرقة فإن هذه الأبراج قليلة في الجزائر إلا أن البعض لايزال يحافظ عليها في مدينة معسكر. من جهتها قدمت فرقة الجيل الصاعد التي تمثل ولاية وهران في منافسة المهرجان الوطني لموسيقى الديوان عرضا في المستوى، برز فيه المعلم لحبيب، الشاب الذي لا يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، بصوته القوي خلال المقاطع التي قدمها، وطريقة عزفه العصرية التي افتك بها إعجاب الجمهور وتصفيقاته المتتالية. ككل سهرة في أيام المهرجان اختتمت العروض الخارجة عن المنافسة الأمسية الفنية، وقد احتضن ركح ملعب النصر فرقتي ديوان البهجة من العاصمة وcl 13 من جيجل، الأولى كانت ضمن المراتب الثلاث الفائزة في منافسة سنة 2012، قدمت عديد المقاطع من الريبرتوار المغربي لتمتع الجمهور الحاضر، أما الثانية فاتبعت طابع الفيزيون، مازجة بين العديد من الأساليب الموسيقية. المهرجان الوطني لموسيقى الديوان ببشار: دعوة إلى تسجيل موسيقى الديوان ونشرها دعا المشاركون في المهرجان الثقافي الوطني الثامن لموسيقى ورقص الديوان، الذي تتواصل فعالياته ببشار، إلى تسجيل موسيقى الديوان ونشرها. وذكر هؤلاء المهنيون من "معلمين" ومختصين أن موسيقى الديوان التي طالما كانت منحصرة في فضاءاتها المقدسة تتطلب الجمع والتسجيل في دعائم سمعية رقمية لنشرها لتكون في متناول الجمهور والباحثين. وشددوا في تصريح ل "وأج" على وجوب حصر أهداف هذه العملية التي ستوكل إلى مهنيين "في عملية رقمنة هذا التراث الموسيقي الجزائري ومنح رؤية شاملة لمختلف الأنواع الجهوية لهذه الموسيقى الأصيلة (غرب وسط جنوب غرب وجنوب شرق)". وفي هذا الصدد ذكر رئيس لجنة هذه الطبعة من المهرجان، الباحث في موسيقى الديوان عز الدين بن يعقوب، أنه يتعين أن تدرج عملية جمع وتسجيل ورقمنة هذه التعابير الفنية، التي ظهرت حسب مختلف المصادر التاريخية نهاية القرن السابع عشر، في إطار إجراءات المحافظة وتثمين وترقية ونقل هذه الموسيقى العريقة. وتمثل الساحة الفنية و الفضاءات الموسيقية، التي تمنح سنويا لموسيقي الديوان من مختلف أنحاء البلاد بمناسبة مهرجان موسيقى ورقص الديوان، الأماكن المفضلة لتجسيد عملية الجمع والتسجيل الصوتي على دعائم رقمية لهذه الموسيقى التي تعكس بوفاء الانتماء الإفريقي للبلاد" كما أضاف. وسمحت التسجيلات السمعية البصرية لمختلف عروض فرق الديوان من مختلف أرجاء الوطن التي قام بها منظمو هذا المهرجان منذ استحداثه في 2007 من طرف وزارة الثقافة بإنشاء أرشيف هام يحفظه ويثمنه الأخصائيون كما أوضح من جهتهم موسيقيون مهتمون بهذا التراث الفني العريق. ويمثل إنجاز ونشر العدد الأول لمجلة "الديوان" من طرف المهرجان الوطني لموسيقى ورقص الديوان وسيلة أخرى لنشر بحوث مختلف جوانب الديوان فضلا عن كونه وسيلة فعالة لحفظ هذا الموروث الثقافي التقليدي" كما أشار العديد من الباحثين والمتعاملين في الحقل الثقافي على هامش هذه الفعاليات. "القمبري".. مشروع لتسجيل الآلة الموسيقية ضمن التراث المادي الولائي والوطني تعكف مديرية الثقافة لولاية بشار على إعداد مشروع لتسجيل آلة "القمبري" ضمن التراث المادي الولائي والوطني حسبما استفيد يوم الإثنين من الهيئة ذاتها. ويجري حاليا إعداد الملف العلمي والتقني من قبل خبراء قطاع الثقافة لإدراج هذه الآلة الموسيقية العريقة ذات الأوتار القاعدية الثلاثة في سجل التراث المادي المحلي والوطني كما أشير إليه على هامش الطبعة الثامنة من المهرجان الوطني للموسيقى ورقص الديوان الذي يصنع الحدث الثقافي والفني هذه الأيام بمدينة بشار. وحظيت هذه المبادرة بإشادة أغلب المعلمين (أعلام الموسيقى) وموسيقيي 15 فرقة فنية التي تنشط فعاليات هذه التظاهرة الفنية التي انطلقت يوم الجمعة الماضية بعاصمة الساورة، حيث وصفت هذه المبادرة من قبل الباحثين في فن الديوان بمثابة "مرحلة في غاية الأهمية في مسار التصنيف الشامل للديوان كتراث وطني مادي". وكان عدد من الباحثين والموسيقيين وفاعلين آخرين في المجال الثقافي محليا ووطنيا والذين كانوا قد شاركوا في الطبعة السابقة من المهرجان في 2013، قد أبرزوا أهمية التصنيف ضمن التراث المادي المحلي والوطني لفن الديوان كما ذكر أعضاء محافظة المهرجان. وفي هذا الإطار يرى الباحث فضيل عبد الوهاب من قسم الموسيقى بالمدرسة الوطنية العليا بالقبة (الجزائر العاصمة) "أن ظهور القمبري على الساحة الفنية وتلقين فنون الإيقاع على هذه الآلة من قبل الموسيقيين من خارج نطاق فن الديوان قد جعل منه آلة موسيقية في حد ذاتها، مما يتعين تلقينها في مختلف معاهد الموسيقى وفي مختلف الهيئات الأخرى المهتمة بالتكوين في مجال الموسيقى". ويشكل إطلاق مسار تسجيل هذه الآلة ضمن التراث المادي الوطني "مساهمة ملموسة في المحافظة على هذه الآلة الموسيقية الأصيلة وحمايتها" يقول المتحدث ذاته. وتعتبر آلة القمبري مفتاح رائد الموسيقى لدى أهل الديوان والذين يحملون درجة المعلم (رائد الموسيقى) والذي يعتبر أيضا المغني الرئيسي في الفرقة. وتتشكل هذه الآلة ذات الإيقاع الوتري المخفض من صندوق خشبي رنان مستطيل الشكل بطول نحو ثلاثين سنتيمترا وعرض ب15 سنتيمترا يخترقه مقبض من خشب الجوز أو الصفصاف بطول نحو متر به ثلاثة أوتار ممدودة. ويغطى صندوق "القمبري" عادة بجلد الجمل المأخوذ من منطقة العنق وهو مجفف ومدبوغ بمهارة كبيرة. ويضرب هذا الجلد باليد اليمنى للعازف بطريقة متزامنة مع العزف على الأوتار مما يعطي لآلة "القمبري" رنة تشبه صوت القرع على الطبل على نحو يحافظ على إيقاع متناسق. وتصنع الأوتار الثلاثة لآلة "القمبري" من أمعاء ذكر الماعز كثير الدهن والذي يتم تقديمه قربانا روحيا حسب ما يروي أهل الديوان. كما تثبت حزمة من الجلاجل المعدنية في نهاية مقبض "القمبري" والتي تصدر رنينا متزامنا عند تحريك هذه الآلة الموسيقية أو العزف على أوتارها. وتوجد أيضا أصناف أخرى من آلة "القمبري" على غرار تلك التي تحمل صندوقا دائري الشكل كما هو الحال لدى أهل الديوان بشرق البلاد فيما تسمى آلات "القمبري" الموجهة للتلقين وهي صغيرة الحجم باسم "عويشة".