شهدت ولاية الجلفة، خلال السنوات الأخيرة، وبالأخص بلديات الجلفة وحاسي بحبح وعين وسارة ومسعد، انتشارا كبيرا للمتسولين عبر مختلف الشوارع والأزقة، وأمام المساجد والإدارات والأسواق اليومية والأسبوعية، محاولين بشتى العبارات والألفاظ استعطاف ذوي القلوب الرحيمة لمدهم بالصدقة... المتجول في ولاية الجلفة تجذبه ''مجموعات'' من المتسولين مصحوبين بأطفال صغار في وضع يرثى له، غزوا مؤخرا بعضا من بلديات الولاية ليصبحوا بذلك الديكور اليومي الذي يميز الولاية. والملاحظ أن أكثر هؤلاء يعمدون إلى ارتداء ألبسة بالية جدا ويحملون فوق أكتافهم أطفالا صغارا، حتى يثيروا شفقة المواطنين الذين يرأف بعضهم لحالهم ويمدونهم بالقليل من ''الدريهمات'' من باب الصدقة والتكافل الاجتماعي. بلدية عين وسارة تعرف بها بعض الأمكنة الحساسة يوميا إقبالا كبيرا، خاصة منها الأسواق ومحطات نقل المسافرين والمساجد والإدارات من طرف متسولين معروفين من طرف السكان بأنهم قدموا بالعشرات من بعض ولايات الغرب الجزائري. ويوجد منهم من استأجروا بيوتا وآخرون نصبوا خيما لإقامتهم المطولة، ومنها يتوزعون وينطلقون باكرا في اتجاه أسواق ومدن الولاية، وجلهم نساء مرفوقات بأطفال صغار وحتى رضع، يعمدون إلى وضع الأطفال بجانبهم ومناديل وأوان أمامهم ليضع بها ذوي البر والإحسان ما استطاعوا من دنانير. أسباب انتشار هذه الظاهرة الاجتماعية ترجع بالدرجة الأولى إلى تنامي البطالة، غير أن بعض المتسولين لم تدفعهم الحاجة مثلما هو سائد إلى مد أيديهم للحصول على الصدقة. ومن المؤكد جدا أنهم قد وجدوا فيها ضالتهم فهي وسيلة سهلة تدر عليهم أموالا طائلة دون عناء أو تعب، فيكفي فقط أن تتقن وتجيد عبارات الاستعطاف والشفقة. وحسبما هو متداول في الشارع ''الجلفاوي'' فإن الكثير ممن أشرنا إليهم من المتسولين النسوة أصبح أزواجهن يملكون شاحنات وسيارات فاخرة، والكثير من هؤلاء امتحناهم هل هم حقا بحاجة إلى الصدقة وعرضنا عليهم مناصب عمل خيالية لكنهم رفضوا فكرة العمل• و تدر هذه ''الحرفة'' على أغلب متسولي الولاية أموالا طائلة، حتى أنهم أصبحوا أثرياء في وقت وجيز جدا، وهي المفارقة العجيبة التي أذهلت من كانوا يعرفونهم• وفي ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية العسيرة التي تمر بها الآلاف من العائلات الجلفاوية التي تشكو من تدني مستواها المعيشي وانخفاض قدرتها الشرائية، فإن ظاهرة الفقر والتسول مرشحة للارتفاع•