سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ملامح ثنائية قطبية و اللجوء إلى الدور الثاني في قراءة لاستبيان "الجلفة إنفو" حول الانتخابات الرئاسية الإقصاء، النزاهة والمقاطعة ثلاثية تفسير السلوك الانتخابي
مقر رئاسة الجمهورية في تجربة جديدة واحترافية لشبكة "الجلفة إنفو"، طرحت هذه المرة استبيانا عاما لقياس توجهات أراء المواطنين حول الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في 17 أفريل الجاري، وقد أخذت هذه العملية أكثر من ثلاثة أسابيع، كانت متابعة تطوراتها وحركية التفاعل معها، تأخذ الكثير من الاهتمام والعناية من قبل فريق الشبكة، وذلك لما يحمله هذا الاستبيان من أهمية كبيرة، في رصد المسارات، التحولات والتوقعات التي يمكن أن تصاحب العملية الانتخابية، وهي بذلك تضع نتائج هذا العمل للدراسة والمناقشة والاستنتاج وحتى التوقع. بداية تأتي قراءة هذا الجهد العلمي والإعلامي بمثابة التثمين الواجب لأصحاب الفكرة والمتابعين لها و الذين أعطوها الكثير من العناية والمتابعة المهنية والتقنية، حتى لا يحمل في طياته عوامل التناقض أو التوجيه الضمني، وبذلك كانت منهجية الاستبيان مبنية على مجموعة مؤشرات أساسية يقوم عليها العمل "الإستبياني"، وهي التجريد، التنوع وحرية الفكر و الرأي، وهو ما جعل من هذا العمل منفتحا على كثير من الإجابات التي أثرته وزادت من مصداقيته – بحسب ما نعتقد- وهو ما أعطاه أهمية في أن يكون أولا مصدرا لفهم السلوك الانتخابي ، وثانيا استشرافا بمسار هذا السلوك. التحليل في مسارين .. والإجابات في مسارات وكما هي منهجيتنا في تحليل الاستبيان، فإن العملية تقف عند محورين أساسين قام عليهما العمل، وأيضا هما يفرضان نفسيهما كإطار تحليلي يسهم في تقريب النتائج من المتلقي والمتابع لحركية ونشاط هذه الشبكة، أو لمجموع العملية السياسية التي تأتي العملية الانتخابية على رأسها في الفترة الحالية. فالمحور الأول يرتبط بمجموع الأسئلة التي كانت متوجهة لمعرفة الفئة المتفاعلة مع الاستبيان من خلال معرفة "السن، الجنس، المهنة، الانتماء الجغرافي"، وهذه الأسئلة أعطت الكثير من المؤشرات بين المستقر منها و المتنوع. أما المحور الثاني فكان يحتوي على مجموع الأسئلة التي تخاطب المتفاعل معها، بصورة مباشرة في صلب الموضوع، وهو ما أعطى تصورات يمكن أن نقول أنها أضاءت بعض الزوايا في مسارات التحليل و التوقع، كما أنها أعطت بعض المسلمات السياسية تأكيدا في بعض الحالات، كما أنها أسهمت في كسر بعض المألوف أحيانا. قد يكون تقييد التحليل بهذين المحورين إنقاصا في مجموع الجهد المبذول و المتابعة الدقيقة له، غير أن منهجية فهم نتائج هذا الاستبيان تحددت في رؤية منهجية حاولت التقليل من حجم التفريعات و الإحالات و الجزئيات، ومناقشة الخطوط العريضة و الرئيسية من جهة، ومن ناحية أخرى أن الاستبيان على قلة أسئلته الدقيقة و العميقة لم يكن يستلزم إلا هذه الخطوات المنهجية في فهم نتائجه النهائية. بداية وجب أن ننوّه أن الاستبيان قد عرف مشاركة 6298 متجاوب، وقد كانت نسبة الإجابات تزيد من يوم إلى آخر على طول أيام نشره، غير أنها استقرت على المجموع المذكور و النسب النهائية التي هي محل التحليل في آخر يومين له، ما يعطي لهذا القياس موقعا مهما في ساحات الرصد والتقييم. وببداية التحليل و التفسير نؤكد على أن هذه القراءة لا تتبنى أي توجه سياسي أو تدفع إلى أي اختيار انتخابي بل تعالج الموضوع من زاوية علمية بحتة، بل إنها تضع هذا الجهد في متناول الجميع بأكثر وضوح وسهولة في الفهم والمتابعة. المحور الأول/ بيانات الخصوصية: بين الثبات والتنوع تعودت استبيانات شبكة "الجلفة انفو" على أن تكون فيها المشاركة الشبابية أكثر من غيرها من الفئات العمرية الأخرى، وهذا ما بقي ثابتا في هذا العمل الأخير، بحيث بلغت الفئة العمرية (18-29 سنة) نسبة 49.68% من مجموع المتفاعلين مع الأسئلة، وهذا مؤشر على وضعيتين أولها أن هذه الفئة تهتم أكثر من غيرها بمجال تكنولوجيا المعلومات و التواصل التقني، وثانيا أنها الفئة الأكبر في المجال الواقعي المعاش وفي المجال الافتراضي معا، ومما يعطيه هذا المؤشر ان هذه الفئة بخياراتها تتحدد خيارات المجتمع ككل، لأنها الفئة الأكثر حضورا في المكون البشري للدولة، وتأخذ اهتماما قياسيا في المواعيد الانتخابية ولكن هذا الاهتمام يتراجع في خارج هذه المواعيد.. لتتبقى الفئات الأخرى (30-49 سنة) والتي تأتي في المرتبة الثانية بنسبة معقولة 43.06% أما الفئة الأقل فهي فئة ( أكثر من 50سنة) ومثلت بنسبة (7.26%). فهذه النسب تعطي تصورا للفئة التي يمكنها أن تحدث التوازن أو تقلب الموازين. أما بخصوص "الجنس" فقد حافظ أيضا هذا السؤال على موقعه وعلى نتائجه مثل باقي التجارب السابقة للشبكة، من خلال سيطرة "الذكور" بنسبة عالية جدا ( 72.82%)، وبتجاوز المبررات الواقعية التي ذكرت في العديد من القراءات، فإننا نتجه مباشرة إلى أسئلة أعمق في فهم هذه النسبة، وهي هل أن ترقية دور المرأة في المجتمع هو تجاوز لطبيعة المكوّن الاجتماعي؟ ألا يعكس مثل هذه الاستبيانات أن العنصر النسوي لا يزال يرى نفسه بعيدا عن المشاركة السياسية ولو من خلال العملية الانتخابية؟ هل المرأة في الجزائر تُغيب نفسها أم أن الواقع لا يقبل بما تقبل به نصوص الدستور و القوانين؟ هذه الأسئلة على تعقدها تضع الخيارات السياسية السلطوية في التعامل مع المرأة أمام طاولة المدارسة و التقييم والتقويم. بالانتقال إلى ما يتعلق بسؤال "المهنة" فإن الإجابات تحددت بين فئتين على تباعد النسب بينهما، وهي فئة "الموظف" والتي أخذت نسبة (47.82%) وهي بذلك تعطي انطباعا على أن المتابعة السياسية و الاهتمام بمواضيع العملية الانتخابية أخذ أبعاده الافتراضية التكنولوجية أكثر، والدليل أن فئة الموظفين تجد سعة في الفهم والاستيعاب للوضع السياسي والحملة الانتخابية وبرامج المترشحين من خلال فضاء الانترنت، كون الموظف قد لا يمكّنه التزامه المهني من التعبير المباشر والمشاركة الحية في العمل السياسي وهو ما جعل من مشاركتهم أكثر من غيرهم من الفئات، أما فئة "طالب" و التي أخذت نسبة ( 28.69% ) فالأمر ليس مستغربا ولا جديدا، فالطالب يعد من الفئات المجتمعية التي لها متابعة واهتمام بالحراك السياسي فهي تقف في صفوف المساندة والتعبئة والتأطير لكثير من المواعيد الانتخابية، فهي بذلك تأخذ من هذا الموعد موقفا يتناسب وحضورها المجتمعي و النخبوي أيضا، وهو ما يعكس أيضا حالة اللااهتمام أيضا من خلال نسبة بعيدة عن الفئة السابقة، وهو ما قد يفسر من خلال تراجع الدور الريادي لهذا الطالب وقلقه الدائم على خطواته المستقبلية وبذلك فهو يرى أن المواعيد الانتخابية لا تمثل رهانا حقيقيا لمستقبله. لتأتي فئة البطالين بنسبة 13.42% ونسبة أصحاب الأعمال الحرة بنسبة 8.08% وهي نسب تعكس واقعا يعيشه الطرفين تحكمه قلة الثقة وضعف الأمل، وبذلك فهذه الفئات لا تتعامل مع هذا الموعد بكثير من الجدية بل تتفاعل معه بحدود ضيقة جدا. وتدخل مجموع إجابات هذا السؤال في التنوع الذي عرفته مجموع جهود قياس الرأي لدى الشبكة، ففئات المجتمع لم تكن متنوعة بهذه الصورة ولم تكن مساهمة في مثل هذه المواضيع الافتراضية. أما بخصوص "الانتماء الجغرافي" ونقصد الولاية التي ينتمي إليها المجيب عن الاستبيان، فقد عرفت تنوعا كبيرا وهائلا، أعطى لهذا العمل مصداقية على الصعيد المحلي والوطني، فأكبر النسب تقاسمتها ولايات عديدة منها الجلفة بنسبة 16.2% ولاية الجزائر العاصمة 6.76% ولاية سطيف % 5.64 ولاية باتنة 4.53% ولاية المسيلة بنسبة 3.24% وهو ما يعني تنوعا جغرافيا وسكانيا يمكنه أن يحقق مبدأ المشاركة الوطنية في تقصي السلوك الانتخابي للمواطن الجزائري باختلاف انتمائه الجغرافي، على أن أقل نسبة سجلت في ولاية إليزي 0.16 % وهي نسب لا تبعد عن أغلب الولايات الجنوبية، وقد يرجع ذلك إلى ما يحكم هذه المناطق في الصحراء الجزائرية من ضعف ربط بالأنترنت، وقلة اهتمام بالحراك السياسي في الشمال لأن المنطقة لا تزال تطالب بكثير من الاهتمام والرعاية. ترتيب المتجاوبين حسب انتمائهم الجغرافي (ترتيب تنازلي لنسب الولايات أكبر من 2 بالمائة) فمن مجمل هذه الإجابات نقف عند مجموعة أفكار مستوحاة من إجابات مجموع المتفاعلين مع الاستبيان، ومن أهم هذه الأفكار: 1. مراجعة آليات مخاطبة الشباب في المواعيد الانتخابية والانتقال من مقاربة الموضوع من "صوت انتخابي" و انتقالها إلى مقاربة "فاعل انتخابي". 2. تكوين رؤية واضحة ومتكاملة حول طبيعة الدور السياسي الأسلم و الأفيد للمرأة في المجتمع بدل القفز على حقائق مجتمعية تختلط فيها الموروثات الشعبية والثقافية و الدينية. 3. إعطاء أمل أكبر لفئات المجتمع المختلفة، فلا يعني ارتفاع نسبة فئة في الإجابات هو قبول بواقعها، بل قد يكون ذلك بخلاف القراءة السطحية، وبالتالي وجب إعادة النظر في سياسات معينة للعديد من فئات المجتمع. 4. السلوك الانتخابي في الجزائر لا يتطلب آليات تقنية لتفسيره، لأن الوضع يعيش على نقيضين قلة تعامل معها من قبل فئات مجتمعية واسعة من جهة ، وإهمال جزئي من قبل السياسي لها، ومن جهة أخرى لأن الخيار السياسي دائما ما يبقى مفتوحا إلى غاية آخر لحظة في الموعد الانتخابي. المحور الثاني/ السلوك الانتخابي.. ثنائية الاختيار والرفض في هذا المحور يدخل الاستبيان إلى لب الموضوع من خلال ثلاث أسئلة جوهرية وفي صميم الموضوع، وهي ما يرتبط بمداخل فهم سلوك الناخب الجزائري في الموعد الانتخابي القادم، ومما يسجل على هذه الأسئلة أنها جاءت محمّلة بخيارات تتيح الفهم الأعمق لطبيعة محددات السلوك الانتخابي. ففي السؤال الذي ارتبط "بقائمة المترشحين " ومصداقيتها لدى الشارع الجزائري، فقد كانت الإجابات معبرة وبشكل واضح على عدم قبول وعدم رضا، وهو ما عكسته النسبة التي سجلها الإختيار (إقصائية ولا تعكس خياري) فقد أخذ 50.65% وهذه النسبة يمكن من خلالها فهم أن الملفات التي رفضت لأسباب شكلية أو موضوعية، أو حالات الانسحاب من السباق الرئاسي أو حالات الامتناع عن دخوله في الأساس، قد أثرت على التشكيلة السياسية التي تتسابق في هذا الموعد، وتكون بذلك افقدت الكثير من المتابعين والمهتمين الرغبة في متابعة مرشح رسمي من الستة المعلنين. وقد يكون السبب المباشر في ارتفاع هذه النسبة أن 05 مترشحين كانت لهم تجربة مع الشعب أو العكس، مما يعكس تطلعا إلى وجوه جديدة وأفكار ومشاريع جديدة وليس لخطاب انتخابي ينتهي بانتهاء الموعد. ليأتي في المرتبة الثانية الخيار ( تحمل بعض الخيارات الممكنة) وهي الإجابة التي أخذت 39.19% وهو ما يدفع للبحث مباشرة في حقيقة هذه "الخيارات" وهي الإجابة التي ستكون مرتبطة بالخيارات الستة في السؤال القادم، مما يعني أن وجود مثل هذه النسبة يعطي مؤشرا على قبول فئة من المجتمع بهذه الخيارات والالتفاف حولها، إلا أنها تبقى نسبة ضئيلة، وهو ما سيؤثر على نسبة المشاركة في هذه الانتخابات. ليكون الخيار الأخير ( شاملة وتحمل كافة الخيارات الممكنة للتصويت على أحد المترشحين) فقد اخذت هذه الإجابة نسبة 10.16% ما يدل على وجود قبول جزئي وضئيل لهذه القائمة سينعكس وبصورة مباشرة على المشاركة الشعبية في هذا الانتخاب. أما بخصوص السلوك الانتخابي في 17 أفريل ومن هو المرشح الذي ستختار؟ فقد عرفت النسب تفاوتات واضحة بل وصارخة بين المرشحين. بالإضافة إلى خيارات التي وضعت أمام المتفاعل مع هذا الاستبيان ارتبطت بالمقاطعة والانتخاب الأبيض، وقد حاز اختيار "مقاطعة الانتخابات" النسبة الأعلى بمعدل 31.15% وهو ما يعني أن هذا الخيار الذي تتبانه بعض فئات المجتمع سيكون له دور واضح في العملية يوم 18 أفريل –موعد إعلان النتائج- زيادة على ذلك فإن هذه المقاطعة لا نعتقد أنها تأثرت بخطاب المقاطعة التي حملته حركات سياسية وشخصيات وطنية، بل إن هذا القرار نعتقد انه نابع من طبيعة القائمة التي عرضت للشعب، وبالتالي فقد كانت هذه الأخيرة سببا في العزوف، بالإضافة إلى أن فعل المقاطعة عبر أيضا على استقالة شعبية من كل المواعيد الانتخابية وما يتصل بالسياسة و الأداء السلطوي، وبذلك فهي تقتنع بأن الموعد الرئاسي القادم لن يكون معبرا على آمالها وطموحاتها. أما خيار المشاركة السلبية أو الانتخاب الأبيض، فهو يأتي في سياق البحث عن حضور ولو سلبي ، فالقراءة تقول أن هذا الفعل الانتخابي يأتي كاحتفاظ بالحق الدستوري، منعا لاستغلال الغياب من قبل جهات ما، وبالتالي فعدم الرضا على مجموع المرشحين يكون بالتصويت بالورقة البيضاء، ونعيد الكرة ايضا وهذا ليس تجاوبا مع خطاب سياسي تحمله بعض التشكيلات إنما هو سلوك تكرّس على فترة طويلة وبالخصوص في الانتخابات التشريعية السابقة (أكثر من 01 مليون ورقة بيضاء). أما بخصوص نسب المرشحين فيما بينهم فقد كان معدلها متقاربا بين "عبد العزيز بوتفليقة " 18.89% و"علي بن فليس" 17.05% وهي نسبة بعيدة جدا عن باقي المشاركين، وهو ما أعاد سيناريو 2004 من جديد، في ثنائية قطبية بين الرجلين، خصوصا مع عودة تنظيمية هائلة للمرشح بن فليس، وترسانة إعلامية وممثلين من الصف الأول في السلطة للمرشح بوتفليقة، وبذلك فالتخمين في دور ثاني يصبح معقولا بل ومقبولا، خصوصا وان الكثير من الآراء ذهبت إلى هذا التحليل، وهذا الاستبيان يضيف بعضا من المؤشرات لذلك، فإذا ما حصل ذلك ستكون المرة الأولى التي تعرف فيها الجزائر هذا السيناريو الخاص جدا، مما يفتح باب التحالفات و الائتلافات على مصراعيه بين الرجلين. من جهة ثانية أخذ "عبد العزيز بلعيد" نسبة 1.79 % لتليه "لويزة حنون" بنسبة 0.91% ليلهما كل من موسى تواتي 0.24% وفوزي رباعين بنسبة 0.19% وهو ما يعكس حقيقة القطبية الثنائية التي يريد أغلب المرشحين تجاهلها، وهو ما قد يعطيهم دورا ثانويا لا أكثر. غير أن ما سجل في هذا السؤال أن نسبة 16.2% ذهبت للفئة التي لم تقرر بعد، وبالتالي فهي الفئة التي يمكنها أن ترجح الكفة لأحد قطبي السباق الانتخابي، فهي نسبة تعبر على حالتين، إما عدم اقتناع بمضامين البرامج التي يسعى المرشحين لتوضيحه في تجمعاتهم، وإما حالة لا مبالاة بأي مترشح وبالتالي فعدم اخذ القرار لن يكون في صالح أي طرف، وهو ما يجعل العمل متجها لهذه الفئة التي باستمالتها ترتفع حظوظ احد الطرفين و قد تلغي سيناريو الدور الثاني. وبالانتقال إلى آخر سؤال في هذا الاستبيان نقف عند معالجة أسباب ارتفاع نسبة المقاطعة، وذلك من خلال الإجابة المعللة عن دوافع المقاطعة أو المشاركة السلبية، فمن بين ثلاث خيارات أخذ الخيار (لأنك تعتقد أن العملية الانتخابية ليست نزيهة؟) النسبة الأكبر بمعدل 53.07% وهي نسبة وجب أن تدفع السلطات السياسية (المركزية و الإقليمية، المنتخبة والمعينة) بمراجعة آليات حماية أصوات الناخبين، لأن هذا ما حقق ضعف الثقة بين السلطة و الناخبين، واسهم في استقالة جماعية، ونزع المصداقية على المواعيد الانتخابية، وبذلك فإن هذه النسبة تعكس التخوف الذي عبرت عنه هذه الإجابة. ليحتل الخيار( لأن المترشحين الستة لا يعبرون عن تطلعاتك) المرتبة الثانية، بنسبة 34.21% وهي نسبة تأتي طبيعية مع ما سبق توضيحه في السؤال السابق حول أن قائمة المرشحين غير معبرة عن توجهات فئات واسعة، وهو ما رفع نسبة هذا الخيار بهذه القيمة، أما بخصوص الخيار الأخير ( لأن المرشح الذي يمثل خيارك أُقصي من قائمة المترشحين؟) فقد اخذ هذا الخيار نسبة 12.71% مما يعني أن حالة عدم الرضا على "فرسان الموعد الانتخابي" تعد السبب المباشر في حالات المقاطعة أو الاتهام بعدم النزاهة وفي أحسن الحالات تدفع للانتخاب الأبيض. في الأخير يمكن القول أن هذا الاستبيان قد أوضح نقاطا هامة في فهم السلوك الانتخابي لدى الجزائري في موعد 17 أفريل وذلك من خلال: 1. الساحة السياسية بما فيها من تشكيلات وشخصيات لا يمكن أن تكون مختزلة في قائمة لا تحوز اتفاقا شعبيا وبل ويعتبرها البعض غير معبرة عن تطلعاته. 2. حماية أصوات الناخبين مهمة ضرورية وملحة لمواجهة المقاطعة التي تتزايد من موعد إلى آخر. 3. البحث عن مداخل لمواجهة ضعف الثقة التي يتعايش معها الجزائري اتجاه سلطته السياسية، خصوصا وأن من بين أهم هذه المداخل أن يشعر أن خياراته محترمة ومصانة. 4. لا يمكن الانتقال إلى سلوك انتخابي متوازن وفاعل في الجزائر دون العودة إلى أصل العملية السياسية وهي فتح المجال للمشاركة الشبابية التي تعتبر مدخلا هاما أيضا لمواجهة سيول المقاطعة التي تتكاثر في وجه السلطة السياسية. في الختام، يبقى هذا الاستبيان جهد من بين مجموع الجهود العملية التي تحاول أن توصل صورة واضحة عن واقع مجتمعنا، وما هذه القراءة إلا ومضات لتوضيح الرؤية حول خيارات وتوجهات وتطلعات يمكن أن تسهم في تطوير الممارسة السياسية سواء لدى الحكام أو المحكومين. النسب الأولية قبل توزيع أصوات الذين لم يقرروا بعد النسب النهائية بعد توزيع أصوات الذين لم يقرروا، و باعتماد الأصوات المعبّر عنها (*) سعيد عبيكشي : باحث وأكاديمي في العلوم السياسية