عرفت الجزائر الكثير من تجارب الخوصصة للشركات والمؤسسات العمومية فبعد كارثة 1994 التي انتهت بتوقيع عقد ستندباي مع صندوق النقد الدولي وتمخض عنه غلق 1500 مؤسسة وتسريح 400 ألف عامل دفعة واحد وإحالة الكثير منهم على التقاعد وهو ما كلف الجزائر الكثير من الأعباء والمتاعب والتي مازالت مستمرة إلى يومنا هذا. ويدعو اتفاق الشراكة بين القطاع العمومي والخاص الموقع مؤخرا إلى أهمية وضع دفتر شروط وقانون خاص للشراكة يضمن حقوق كل وواجبات كل طرف ونتائج ينبغي التوصل إليها خاصة وأن الجزائر تكون قد ضيعت الكثير من الوقت والجهد والمالي في سياق تطوير اقتصادها خارج المحروقات والذي لم يتمكن منذ أكثر من 55 سنة من تلبية ثلث ما يحتاجه السوق الوطني من مختلف السلع. وما يدعو للحذر هو بعض التجارب التي تم خوضها مع شركات أجنبية تحايلت على الجزائر على غرار ما وقع مع مجمع الاسمنت بالمسيلة الذي استثمر فيه مجمع “أوراسكوم” ثم تم بيعه لمجمع لافارج الفرنسي مستغلين بعض الثغرات التي كانت في قانون الاستثمار كما حدث مع مؤسسة “جيزي” والمؤسسة العالمية “ميطال ستيل” يدعو لدراسة عملية الخوصصة، والشراكة بدقة كبيرة فالجميع يأتي للاستثمار عندما تكون البحبوحة المالية وعند تراجع أسعار النفط فالكل ينفض يده ويقع كل شيء على عاتق الخزينة العمومية. ويحدث هذا في ظل بقاء الاقتصاد الوطني خارج المحروقات رهين الكثير من التحولات والتجارب التي لم تحقق الإقلاع الاقتصادي المنشود وترتفع حدة الخطابات عند الأزمات ولكن تتراجع بمجرد معاودة أسعار النفط. لقد شهدت الجزائر مرحلة تطهير المؤسسات وإعادة الهيكلة وتجربة الشركات القابضة ومجالس تسيير مساهمات الدولة في ظرف أكثر من 20 سنة لكن لا شيء تغير وحتى مناصب العمل وعقود التشغيل المستحدثة كلها كانت على عاتق الدولة، بينما بقي القطاع الخاص بعيدا كل البعد عن التطلعات فهو يستثمر جزءا من أمواله مقابل حصده لأضعاف مضاعفة من الأرباح مقابل استفادته من امتيازات مالية وضريبية هامة كما أنه لا يدفع أي سنتيم عند الحالات الصعبة. لقد سمعنا كثيرا عن التصدير لإفريقيا والتقليل من فاتورة الاستيراد وتلبية الطلب الداخلي والأمن الغذائي والطاقوي وغيرها إلا أن تلك لم تجسد ميدانيا عدا بعض المحاولات هنا وهناك والتي تحتاج لتعميم وللكثير من العمل بدلا من الخطابات.