الجزائر ستبقى وفيّة لتاريخها وأصالتها، متطلعة لغدها ومستقبلها.. هي القناعة الراسخة التي نخرج بها ونحن نستقبل قرار رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، بترسيم رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة مدفوع الأجر. لطالما كانت الجزائر السبّاقة إلى الدفاع عن التعددية الثقافية، ويشهد على ذلك نضالها في أروقة اليونسكو ومختلف المنظمات الدولية، لتكريس حق التنوع والاختلاف وضمان الحماية لمختلف الثقافات المحلية في وجه ما يتهددها من تبعات العولمة. صحيح أن للعولمة، التي فرضها علينا العصر الرقمي، محاسن عديدة، من تدفق للمعلومات وتقريب للمسافات، لكنها في نفس الوقت كشفت عن مساوئ عديدة، منها إذابة الاختلافات الثقافية ووضعها في قالب واحد موحّد، تقرره في الغالب الأطراف الأقوى والأكثر تأثيرا، من دول ومنظمات وشركات. وبالنظر إلى ما سبق، لا يمكن لأي مجتمع كان أن يواجه خطر الذوبان والقولبة هذا، إذا لم يكن متمسكا بثوابته وأصالته ومعالمه في الزمان والمكان.. وللجزائر، بتاريخها العريق وحضارتها الضاربة في القِدم، من المعالم والثوابت القمينة بتمكينها من مواجهة أي محاولات للهيمنة الثقافية، بكل ثقة وصلابة، دون أن يؤثر ذلك على قدراتها في التثاقف والتحاور والانفتاح على الآخر. إن الجزائر بلد قارّة، ليس من حيث المساحة فحسب، بل من حيث تنوعها الثقافي واللغوي، الذي لم يُضعف يوما تجانس شعبها ولحمته، بل على عكس ذلك، لطالما كان مصدر قوّة وتكاتف وتلاحم، ولنا في تاريخ ثورتنا المجيدة خير مثال، ثورة خاضها الشعب الجزائري كله، من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، فكانت الغلبة للشعب بجميع أطيافه. إن هذا الاعتراف الرسمي برأس السنة الأمازيغية، لدليل آخر على التزام الدولة الجزائرية بتكريس ثوابتها الهوياتية، جميعها دون استثناء، وهو التزام جسّدته دسترة الأمازيغية، ولابدّ أنه سيتدعّم أكثر فأكثر، بشرط أن نعطي الوقت اللازم والكافي للساهرين على هذا المشروع الرائد. إن الحفاظ على هويتنا وترقيتها مسؤولية الجميع، ببساطة لأن هويتنا هي ملك للجميع.. وكلّ انتصار وإنجاز تحقّقه الجزائر في مسار تعزيز هذه الهوية ستعود فوائده على الجميع.. فهنيئا للجميع، ونقولها وإن قبل الأوان: عاما سعيدا.. آسغاس آمغاز.