تعكس جميع التوقعات أنّ المؤشّرات المالية والاقتصادية للجزائر في عام 2018 سوف تكون إيجابية في ظل الجهود المبذولة لتحقيق انفتاح أكبر على الاستثمار، وتوفير دعم ومرافقة للمؤسسة الإنتاجية، خاصة ما تعلق بتكثيف نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تبنى بها اقتصاديات الدول الناشئة والمتطورة، ودون شك فإن العام الجاري سيسلّط فيه الضوء على تعميق الاستثمار، حيث يشكّل الهدف الجوهري المسطّر ضمن سلسلة من الأهداف التي يجري تجسيدها على أرض الواقع، على غرار المشاريع السكنية الضخمة التي لن يتوقف إنجازها. صحيح أنّ أسعار النفط شهدت ارتفاعا بات يطمئن شيئا فشيئا الدول المنتجة لهذه الثروة السوداء، ويرتقب بعض الخبراء أنه بصعود أسعار النفط التي باتت تقترب من سقف 70 دولارا، أنّ الدينار لن يعرف إنزلاقات جديدة في صرفه مقابل العملات الصعبة عبر الأسواق المالية، ولاشك أنّ الاستثمار يعدّ مفتاحا حقيقيا لتجاوز الصعوبات ومواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، التي تحتاج إلى إنتاج متنوع وبكميات معتبرة، وتمثل المعركة التنموية جوهر رهانات الفترة الحالية التي لا تخلو من صعوبات مالية واقتصادية برغم انتعاش أسعار برميل النفط بشكل يمكن وصفه بالمقبول إلى حد ما. وأثبتت الجزائر التي كانت لديها قاعدة صناعية في الماضي، أنه يمكنها أن تبعث نسيجا صناعيا بأيادي جزائرية، وكذا بالشراكة مع الأجانب من أجل تحويل التكنولوجيا والتكوين، وعصرنة التسيير والتسويق، وما على غير ذلك. إمكانيات واعدة ومرونة أكثر يذكر أنّ قانون المالية لعام 2018 يصب في إطار تعزيز جهود النهوض بالاستثمار والانفتاح على الشراكة المحلية أو الأجنبية، يتضمّن لامركزية أوسع على صعيد الاستثمار وترقية نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويضاف إلى كل ذلك إرساء إجراءات تهدف إلى تعزيز إنتاج القطاع الفلاحي، الذي يتميز بجودته العالية، علما أن من بين الحلول التي يدافع عنها الخبراء لتجاوز التحديات الاقتصادية الراهنة للجزائر تكمن في تفعيل الاستثمار وتكثيف دائرته خارج قطاع المحروقات، لذا الإدارة مطالبة بتغيير تعاملاتها والتحلي بمرونة أكبر، والانفتاح المستمر على الاستثمار وتشجيعه والتعامل مع المستثمرين بطريقة عصرية يكون فيها الحرص الأول على خلق منتوج ذا جودة عالية، ويمكن تسويقه داخليا وخارجيا بأسعار منافسة تضمن له الرواج، وللآلة الإنتاجية التوسع والاستمرار، وأن الجزائر تملك سوقا واعدة بالإضافة إلى قوة الطلب الداخلي ومؤهلاتها الطبيعية، ما يؤهلها لإرساء قواعد صناعية للتصدير نحو الأسواق الإفريقية، والتوسع لاحقا نحو السوق الأوروبية. علما أن السوق الداخلية يمكن وصفها بالواعدة، وتعد محط أنظار الدول المصنعة على رأسها الصين والدول الأوروبية. وبالنظر إلى القدرات المتوفرة من الثروات الطبيعية وكذا الموارد البشرية، خاصة في ظل وجود الآلاف من خريجي الجامعات، الذين يبحثون عن الطريقة المثلى التي تساعدهم على اقتحام عالم الشغل، يمكن القول أن جميع شروط إقامة صناعة متطورة وفلاحة وافرة وسياحة تجلب العملة الصعبة، ليس من الصعب وبالتالي الإسراع بعد ذلك في التموقع عبر أسواق خارجية، من أجل التواجد في أسواق خارجية وضمان مكانة لها. تعويل على الصّيرفة الإسلامية واللافت أنّ الجزائر اليوم هيّأت جميع الظروف المتعلقة بالجانب التشريعي، من أجل تعميق إصلاحات الاستثمار في صدارتها مراجعة قانون الاستثمار، ومنح امتيازات يمكن وصفها بالمعتبرة للمستثمرين في مجال الاستثمار سواء كانوا جزائريين أو أجانب، بالإضافة إلى تحيين مجموعة من القوانين، ويتعلق الأمر بكل من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذا التقييس والقياسة في سياق الجهود المبذولة لإنعاش الاقتصاد وتحريكه برتم سريع. ومن أجل تشجيع الإنتاج الوطني وخلق الثروة من دون انقطاع، يجب القضاء على السوق الموازية واسترجاع الأموال المتداولة عبرها، حيث من الضروري أن تتم استعادتها وضخها في البنوك بهدف تمويل الاستثمار وبالتالي تحقيق التنمية. ولعل الإجراءات الجديدة التي تمّ استحداثها ومن بينها خدمات الصيرفة الإسلامية من شأنها أن توسع من نطاق الاستثمار. إلى جانب الإيجار المالي في انتظار النهوض بسوق رؤوس الأموال، وكذا تفعيل أداء البورصة بهدف، من أجل توفير خدمات يمكن وصفها بالبديلة لتمويل الاستثمارات. بالفعل تمّ التسطير خلال العام الماضي حتى تكون سنة 2018 عام للاستثمار، في ظل التطلع الموجود بهدف إرساء استثمارات إنتاجية كثيفة، لذا لا غرابة أنه ينبغي إنشاء مؤسسات إنتاجية بمعايير عصرية، ومواصلة امتصاص السوق الموازية. صحيح أن لفئة الشباب الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه من خلال تشجيعه باستحداث مؤسسات إنتاجية مصغرة، ولعل عامل تكافؤ الفرص بينهم جد مهم، لان المشروع المهم والذي يمكن أن يقدّم قيمة مضافة إلى الاقتصاد ينبغي أن يحظى بالأولوية وبالدعم، والكثير من التشجيع حتى يرى النور في وقت قياسي. ومن المهم أن يكون تقييم لمدى تطور خطوات المشاريع الاستثمارية، وما تقدّمه من مساهمة في الاقتصاد الوطني، الذي مازال يتطلّع إلى التنويع بعد إقلاعه مستفيدا من عدّة مزايا.