الأحداث المأساوية التي تشهدها ليبيا منذ بضعة أيام دفعت بأسعار النفط إلى الارتفاع فوق عتبة 105 دولار للبرميل وسط مخاوف من تردي الأوضاع اكثر مما هي عليه حاليا، وتذبذب الإمدادات النفطية من ليبيا. ففي بداية تعاملات الأسبوع الجاري قفزت أسعار الخام بنحو 2،2٪ لتصل إلى 91،50 دولار في الأسواق الآسيوية، ونفس المنحى عرفته أسعار خام البرنت في لندن التي ارتفعت إلى مافوق 105 دولار، وهو مستوى لم يسجل منذ سبتمبر 2008. وتزداد المخاوف بشأن التذبذب المحتمل في إمدادات النفط من ليبيا، بعد تصاعد أعمال العنف السريع الذي خلف وفق أرقام منظمات غير حكومية ازيد من 300 قتيل وأعداد مرتفعة من الجرحى، حيث دفعت التطورات المتلاحقة الى اعلان احد أهم شركات النفط العاملة في ليبيا وهي ''بريتش بتروليوم'' إلى توقيف أعمال التنقيب عن النفط، فضلا عن قرار عمال النافورة والتي تعد أحد أهم الأبار النفطية، الدخول في إضراب عام تضامنا مع المتظاهرين. ومن جهة أخرى، كانت لعمليات إنضمام بعض القبائل الليبية مثل قبيلة «ورفلة» التي يتعدى سكانها مليون نسمة من إجمالي السكان في ليبيا والمقدر بستة ملايين، إلى مطالب المتظاهرين أو الإنذار الذي وجهته قبيلة «الزوي» إلى النظام الليبي لوقف ماوصفته بالمذابح المرتكبة في حق المواطنين الليبيين، إنعكاس سريع على الأسعار النفطية، خاصة وأن هذه القبيلة التي أمهلت النظام، مدة زمنية، قبل أن تنفذ وعيدها بقطع امدادات النفط وتصديره، تسيطر على أحد أهم آبار النفط في ليبيا. الأحداث المتسارعة والمفاجئة في ليبيا كانت كافية لإعادة التذبذب في أسعار النفط، على اعتبار أن ليبيا تحوز على احتياطي هام من الخام ومصنفة الأولى إفريقيا والتاسعة عالميا، وتنتج مالايقل عن 1،6 مليون برميل من النفط يوميا. تذبذب السوق النفطية التي تأثرت بتداعيات الاضطرابات التي تعرفها بعض الدول العربية ولاسيما النفطية منها، يأتي عشية الاجتماع الذي سيعقد ابتداء من اليوم بالرياض والذي يضم وزراء المنتدى الدولي للطاقة، من أجل تعزيز التعاون بين المنتجين والمستهلكين والحد من تقلبات الأسعار التي تجاوزت قبل أسبوعين حاجز 100 دولار خلال الأزمة المصرية، واستمرت في الصعود، بعد انضمام دول عربية إلى موجة الاحتجاجات التي تعرفها المنطقة العربية. وفي جدول أعمال المنتدى الدولي للطاقة بحث الاتجاهات المستقبلية للطاقة وتنظيم الأسواق وجعلها أكثر شفافية والبحث عن الاسباب الحقيقية التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار والتي تعود بالدرجة الأولى إلى ظاهرة المضاربة المتصاعدة خلال السنوات الماضية، في حين أن أكبر الدول المستهلكة تحاول إلقاء الملامة دائما على الدول المنتجة والمصدرة وفي مقدمتها تلك المنتمية إلى منظمة الأوبك.