أكد كريم جودي، وزير المالية، بأن العودة إلى القروض الاستهلاكية عبارة عن خيار سياسة اقتصادية، كما أنه يمكن اعتماد القروض الممنوحة لاقتناء السيارات غير أن الدولة تأخذ بعين الاعتبار نقطتين هامتين، تشجيع الإنتاج الوطني وحماية القدرة الشرائية للعائلات الجزائرية، وفي سياق مغاير، أوضح بأن الجزائر تطبق لوائح الأممالمتحدة في رده على سؤال حول تجميد الأرصدة الليبية بالجزائر. حرص المسؤول الأول على قطاع المالية، في تصريح أدلى به للصحافة، على هامش جلسة المجلس الشعبي الوطني المنعقدة أمس المخصصة لعرض ومناقشة قانون المالية التكميلي لسنة 2011، على التوضيح بأن اللجوء إلى القروض الاستهلاكية يكرس خيار سياسة اقتصادية، غير أن الدولة الجزائرية تراعي مسألتين هامتين تتعلق الأولى بمنتوج وطني لتشجيعه وكذا الحفاظ على العائلات الجزائرية لتجنيبهم ثقل الديون. وفي هذا السياق، كشف عن التفكير في استحداث مركزية تراقب ديون العائلات لتجنيدها الديون، مشيرا إلى أن الدولة الجزائرية يمكنها إعادة بعث قرض السيارات، غير أن ذلك لا يخدم مصلحتها ومن حقها أضاف يقول الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الاقتصاد الوطني، لا سيما وأن هذا النوع من القروض الاستهلاكية يشجع اقتصاد الدول المنتجة وكذا وكلاء بيع السيارات، كما أنه يساعد على استحداث مناصب عمل في الدول المنتجة ولن تجني بذلك الجزائر، أي فائدة لاقتصادها. وبعد ما أشار إلى ارتفاع مس كل من نفقات التسيير والتجهيز بنسبة 25 بالمائة، أوضح المسؤول الأول على قطاع المالية في العرض الذي قدمه حول قانون المالية التكميلي لسنة 2011، بأن نفقات التسيير قفزت بذلك إلى حدود 4292 مليار دج بعدما كانت لا تتجاوز 3432 مليار دج في قانون المالية الأول، ويرجع هذا الإرتفاع إلى التخصيص الإضافي الخاص بالأنظمة التعويضية للوظيفة العمومية والمقدر ب400 مليار دج وتقدر النفقات إجمالا بما فيها مؤخرات الرواتب ب1690 مليار دج. كما أن دعم أسعار القمح بنوعيه اللين والصلب ومسحوق الحليب كلف الدولة 270 مليار دج، بزيادة قدرها 177 مليار دج، فيما ناهز الأثر المالي لتعويض فارق سعر السكر والزيت 8 مليار دج من ميزانية الدولة و27 مليار دج سجل كنقص في الرسوم الجمركية والرسم على القيمة المضافة. وعلاوة على الأموال المخصصة للأنظمة التعويضية ومؤخرات الرواتب وكذا دعم أسعار المواد الواسعة الإستهلاك، برر جودي ارتفاع نفقات التسيير بتعزيز جهاز المساعدة للإدماج المهني بأثر مالي قيمته 47 مليار دج نتيجة ارتفاع مستوى الرواتب وإدماج مستفيدين جدد من هذا الجهاز، فيما كلفت عملية تعزيز «عقود العمل المساعد» حوالي 12 مليار دج ل150 ألف عقد. وعلى غرار نفقات التسيير، سجلت نفقات التجهيز ارتفاعا بنفس النسبة أي 25 بالمائة لتصل بذلك إلى حدود 3981 مليار دج لتحقيق أهداف محددة أبرزها إنشاء مناطق صناعية وزراعية وإنشاء أسواق جوارية للمتعاملين غير الرسميين وبناء سكنات اجتماعية جديدة. واستنادا إلى جودي، فإن التغير الهام المسجل في هذه النقطة، يتعلق بتعزيز دعم الحصول على السكن والنشاطات الاقتصادية للدولة الموجهة إلى السكن المدعم (350 ألف وحدة منها 50 ألف سكن ترقوي للشباب وتخفيض نسبة الفائدة على 35 ألف مشروع ورفع مستوى القروض على مستوى جهاز الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، وإلى ذلك القروض دون فائدة للعيادات الطبية المجمعة وإيجار المحلات الموجهة لنشاطات إنتاج السلع والخدمات ورفع سقف القرض المصغر لشراء المواد الأولية. ولم يفوت الوزير الوصي مناسبة نزوله إلى البرلمان ليشير إلى أن جانب الميزانية لمشروع قانون المالية التكميلي يترجم جهود الدولة لحماية القدرة الشرائية للأسر وترقية تشغيل الشباب بما فيه تقليص النشاطات غير الشرعية ودعم الحصول على السكن، مقرا بأن الجهود سينجم عنها ارتفاع نفقات الميزانية وتزايد عجز عمليات الخزينة. ولفت جودي، في سياق متصل، إلى أنه وبالرجوع إلى «الوضعية المالية للبلاد، المنتظرة من خلال جاري التوفير العمومي وجاري احتياطات الصرف الرسمية، فإن التوازنات الداخلية والخارجية تبقى قابلة للتمويل في سنة 2011» التي تتميز بزيادة في حجم نفقات التسيير والتجهيز باعتماد «منطق يفرض الإنشغال بتأمين هذه النفقة على المدى المتوسط وتسيير حذر للنفقات العمومية المستقبلية». وفي مجال التدابير التشريعية، يقترح قانون المالية التكميلي تدابير التبسيط والإنسجام الجبائيين ودعم المؤسسات الصغيرة والمواد الواسعة الإستهلاك، ويخص التبسيط الجبائي رفع سقف الإلزام بالضريبة الجزافية الوحيدة إلى 10 مليون دج عوض 5 مليون دج ورفع سقف الإلزام بالنظام المسهل إلى 30 مليون دج عوضا عن 10 مليون دج. وبموجب التدابير المتعلقة بتسهيل ودعم المؤسسات الصغيرة، فإنه يتم تسديد واردات السلع الموجهة لإعادة بيعها على حالها إجباريا بواسطة القرض السندي مع إمكانية تسديد واردات التجهيزات والمدخلات والمنتوجات الأخرى الموجهة للإنتاج والمنجزة من طرف مؤسسات إنتاج السلع والخدمات بواسطة الاستلام السندي أو القرض السندي، وبالمقابل، يرخص باللجوء إلى التحويل الحر لتسديد واردات المدخلات وقطع الغيار المنجزة من طرف مؤسسات الإنتاج دون أن يتجاوز المبلغ المتراكم للواردات 4 مليون في السنة ولنفس المؤسسة والترخيص للخزينة العمومية بالتكفل بتخفيضات نسب الفوائد في حدود 2 بالمائة على القروض البنكية للاستثمار الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ويذكر جودي بعدما أكدت مراجعة جزء من التأطير الإقتصادي الكلي لمشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2011 مقارنة بالقانون الأولى لنفس السنة، المؤشرات غير المراجعة منها السعر المرجعي الجبائي لبرميل البترول الخام المقدر ب37 دولار ومعدل الصرف يناهز 74 دج للدولار الواحد، أما بالنسبة للمؤشرات التي تمت مراجعتها وارتفاع سعر السوق لبرميل البترول الخام من 60 دولار في قانون المالية الأولي للسنة الجارية إلى 90 دولارا في التكميلي. وقد قدر السعر المتوسط للتصدير خلال الأشهر الأربعة الأولى ب111 دولار للبرميل ويقفز بذلك الناتج الداخلي الخام إلى 13900 مليار دج ما يؤدي إلى تسجيل 3,9 بالمائة حجم الناتج الداخلي الخام بعدما كان يناهز 2 بالمائة. وإلى ذلك، بلغ دخل صادرات المحروقات في القانون التكميلي 67,5 مليار دولار بعدما كان يقدر ب42,2 مليار دولار وارتفاع واردات السلع ب2,7 بالمائة، أي ما يعادل 413 مليار دولار وقفزت نسبة التضخم إلى 4 بالمائة. للإشارة، فإن سنة 2011 تسجل عجزا في عمليات الخزينة يضاهي 4693 مليار دج مقابل 3355 مليار دج في قانون المالية الأولي، يترجم تزايد العجز الكبير للنفقة العمومية التي ترتفع ب 857 مليار دج للتسيير و797 مليار دج للتجهيز.