يتدعّم قطاع الشؤون الدينية خاصة للتعليم القرآني بعاصمة الأوراس باتنة، بعدة مرافق يرتقب أن تدخل حيز الخدمة مطلع العام القادم 2020، لتضاف للمكاسب المحقّقة في هذا القطاع والتي جعلت من الولاية تتصدّر الترتيب الوطني وانتزاع جوائز حفظ القرآن، ترتيله وتجويده. «الشعب» تقف عند هذا النشاط في موسم الاصطياف. يحظى حفظ القرآن الكريم لدى الجزائريين بمنزلة كبيرة، حيث يحرص الأولياء على تلقينه لأبنائهم في سنّ مبكرة بتسجيلهم في أقسام خاصة بالمساجد أو في المدارس القرآنية حتى ولو كانت بعيدة عن سكناهم. كشفت مصادر عليمة من مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لباتنة ل»الشعب»، قبل اختتام موسم الصيف الذي يشهد إقبالا كبيرا للعائلات الأوراسية على تسجيل أبنائها في مدارس تعليم القرآن وحفظه خلال العطلة الصيفية، عن تعزيز التعليم القرآني ب8 مدارس قرآنية، من شأنها تخفيف الضغط على تلك الموجودة. أوضحت ذات المصادر، أن هذه المرافق قد طال انتظارها بعد إلحاح المواطنين وكذا ممثلي المجتمع المدني ولجان الأحياء، حيث قدّرت نسب إنجازها بين 30 و80 بالمائة، 03 منها بمدينة باتنة لوحدها وأخرى موزعة عبر إقليم الولاية على غرار بريكة، عين التوتة تشهد تقدما معتبرا في نسب الأشغال. تتوفر باتنة حاليا على 32 مدرسة قرآنية حسبما أفادت به مصادرنا، بطاقة إجمالية تقدر ب 10 آلاف طالب وطالبة، يتلقون التعليم القرآني في ظروف جيدة وعلى يدّ أساتذة وأئمة مختصين وحافظين لكتب الله، أغلبهم يشارك في مختلف المسابقات الوطنية ولدولية المنظمة ويشرف الولاية والجزائر بحصوله على مراتب متقدمة في الترتيب. تتوفر بعض هذه المدارس على أحدث التجهيزات والتقنيات المستعملة في التعليم القرآني، تتسّع ل300 و700 مقعد بيداغوجي ولمواجهة الطلبات الكثيرة في الإلتحاق بها اضطرت بعضها للعمل بنظام الدوامين وحتى بالنظامين الداخلي ونصف الداخل. كما يوجد 420 قسم لتعليم القرآن الكريم موزع عبر كامل مساجد الولاية تقريبا والمقدر عددها ب620 مسجد، يصل معدّل الطلبة والطالبات والأطفال الذين تستقطبهم هذه المدارس والأقسام القرآنية سنويا إلى أكثر من 26 ألف متمدرس، وهو رقم يعكس حسب ذات المصادر الإقبال الكبير للعائلات على تسجيل أبنائها، خاصة خلال العطلة الصيفية التي توشك على نهايتها بتنظيم حفلات ختام للموسم وتكريم المتفوقين من حفظة كتب الله وأحسن المجودين والمرتلين له بحضور عائلاتهم في أجواء روحانية مميزة قبيل العودة إلى المدرسة. قيم المواطنة وحبّ الخير والتسامح أشارت ذات المصادر لنا، إلى أن التعليم القرآني هنا، من أولويات سكان الأوراس على اختلاف فئاتهم العمرية والاجتماعية، حيث يحرص الأولياء على تلقين أبنائهم منذ نعومة أظافرهم التعليم القرآني قبل الالتحاق بمقاعد الدراسة. ويرى الكثير من الأولياء أن هذه المدارس وجهة أحسن لبراعهم في تعلم كلام الله تؤهلهم للحفظ، وهي بديلة لدور الحضانة. تحمل المدارس القرآنية قيمة لها مدلولها لأنها تعلّم الاطفال كتاب الله وتطلعهم على خدمات روحية واجتماعية تساعدهم على الاندماج في المجتمع وتهيئتهم للدخول للمدراس وتحفيظهم مختلف أبجديات العيش على غرار حفظ الأدعية وبعض سور القرآن الكريم الصغيرة وكذا الأناشيد الدينية، إضافة إلى ترسيخ بعض القيم المدنية الإيجابية كحب الوطن والتسامح وحب الخير والتعاون، دون الحديث عن حرص المعلمين والمرشدات على تلقين الأطفال فوائد النظافة وآداب الأكل والتحية والرفق بالكبير والصغير، والأمانة والصدق والبر بالوالدين وآداب الطريق وغيرها. الجدير بالذكر، أن الولاية تنظم سنويا العشرات من مسابقات حفظ القرآن الكريم وترتيله خاصة في المناسبات الدينية على غرار شهر رمضان المعظم يتوّج خلالها أكثر من 150 فائز في المسابقة الولائية في هذا الاختصاص، إلى جانب تصنيف بعض حفظة هذه المدارس في مراتب متقدمة جدا ومشرفة خلال المسابقات الوطنية والدولية التي يحرص أبناء الولاية على المشاركة فيها بقوة. غياب كلي لدعم السلطات المحلية رغم الأدوار التي تقوم بها هذه المدارس القرآنية في تربية النشء، نجد أنها لا تحظى بالاهتمام اللازم والذي يليق بها سواء من طرف السلطات المحلية، خاصة البلدية أو حتى من الأولياء، الذين تجدهم يدفعون مبالغ مالية كبيرة لدور الحضانة في حين تجدهم يتهربون من المساهمة في بعض النفقات الخاصة بتعليم أبنائهم حفظ القرآن وتربيتهم على أصول الدين. هذا الأمر أدخل هذه المرافق الدينية الهامة في بعض المشاكل المادية البحتة على غرار توفير بعض مستلزمات التدريس وتسديد الرواتب البسيطة لبعض المدرسين والمرشدات وغيرها من الأمور التي تحول دون أدائها لدورها على أحسن وجه رغم حرصها على تقديم الأفضل والتنازل كثيرا عن بعض الحقوق لأجل الأطفال وتربيتهم وتحفيظهم كتب الله. وذلك كما وقفت عليه جريدة «الشعب» خلال جولتها الاستطلاعية. هذا ما وقفت عنده «الشعب»، مسجلة نقائص كثيرة جراء غياب التجهيزات التي يحتاجها الأطفال لتلقي الدروس، كالتدفئة والصبورات والمناضد، دون الحديث عن عمليات التوسعة والترميم. المدارس القرآنية في هذه الجو، تمارس نشاطاتها في غياب كلي لدعم المصالح البلدية او مديرية الشؤون الدينية، رغم أن أبناء إطارات المنطقة ومنتخبيها يتمدرسون بهذه المرافق. امام هذا الوضع، تعتمد المدارس القرانية - حسب ما أفاد به البعض من القيمين عليها - على الإعانات المالية التي يجود بها صندوق الزكاة والاعانات تذهب لاقتناء مختلف التجهيزات المدرسية، ودفع رواتب المعلمين.