تزخر عاصمة الزيانيين تلمسان بعدد من المعالم التاريخية والثقافية ومجموعة من التراث المادي واللامادي تميزت به المنطقة منذ عصور، من خلال تواجد مرافق سياحية وأثرية وتنوع في الأكلات الشعبية والألبسة التقليدية، وفي هذا الصدد سلطت جريدة «الشعب» الضوء حول مدى تواصل المحافظة على التراث، بولاية تلمسان في مختلف الميادين والمجالات. تراث وقفت عليه «الشعب « من خلال ما تقدمه الجمعية الثقافية الموحدية لندرومة من مجهودات قيمة من أجل الحفاظ على البنايات الأثرية وكذا الموسيقى العريقة. تعد الجمعية الثقافية الموحدية لندرومة فريدة من نوعها، تمزج في مهامها بين المحافظة على التراث الموسيقي والمعالم التاريخية والسياحية وترميمها، اسمها الموحدية، بحسب ما كشفه في تصريح ل''الشعب» رئيسها عزالدين ميدون. أكد ميدون « أنه يتوجب على الفاعلين في الشأن الثقافي والتاريخي إجراء التبادل الثقافي بين الجمعيات وطنيا ودوليا من أجل تبادل الخبرات، كاشفا في هذا الصدد «أن جمعيته قامت رفقة جمعية سيدي الهواري، بوهران، بعملية تكوين للشباب من أجل ترميم المباني العتيقة، المشروع الذي حمل اسم «فرصة» استقطب مهتمين من مختلف شرائح المجتمع، وشمل ترميم وإعادة تأهيل المباني القديمة المهدّدة بالانهيار، بقصبة ندرومة، وكذا أهم الشوارع العتيقة بالمدينة، استفاد منه أكثر من 3000 شاب من مختلف الولايات على غرار: سيدي بلعباس، تلمسان، وهران، البيض وبومرداس. تم كذلك خلال هده الأيام إطلاق إعلان آخر موجه للمتسربين من المدارس والبطالين بضرورة التقرب من جمعية الموّحدية من أجل اكتساب حرفة جديدة لغرض العمل ويكون ذلك بالاستفادة من تكوين في دورة مجانية خاصة بترميم المباني القديمة وحرفة الزخرفة الجبسية الجدارية ومعالجة الأسقف» ب 13». للإشارة، إن هذا المشروع التكويني مموّل من قبل كل من الجزائر والاتحاد الأوروبي ويدخل في إطار برنامج «آفاق»، التابع لوزارة التشغيل والضمان الاجتماعي. في سياق ذات صلة، تشتهر ندرومة بالأماكن العتيقة على غرار ساحة «التربيعة» التي كانت قديما موضع لبيع الورود والنباتات، التي أصبحت مقصدا لمسنين بالمدينة، كما يوجد بجوارها حمام تاريخي، إضافة إلى قصر «السلطان الموحدي» والذي شيده عبد المومن بن علي. وتضم ندرومة أيضا دار التراث، أين يقع مقر جمعية الموحدية والتي تقوم على تسييرها. كشف رئيس الجمعية عن أربعة 04 مشاريع مهمة، أولها إنشاء «دار التراث»، في 2004 /2005 وتدعيم مكتبتها ب 10 آلاف عنوان، فيما أطلقت الجمعية سنة 2006 المشروع الثاني الخاص بالتراث العلمي والثقافي، بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة حيث تم تنظيم ملتقى دوليا خامسا، بجامعة وهران، أما المشروع الثالث فكان في سنوات 2008-2009 حيث أطلق عليه، اسم «الحفاظ على التراث المادي واللامادي لمدينة ندرومة ونواحيها»، أين تم جمع التراث بندرومة وجرده وكذا تكوين 30شابا في مجال الموسيقى التقليدية والحوزي وكذا تجهيز دار التراث بالوسائل التي تساعد على المحافظة على التراث، أما المشروع الرابع فكان في 2016 /2017 وتعلق الأمر بتحديد وترميم وتثمين التراث المادي واللامادي المحلي والتراث السياحي بندرومة ونواحيها، أما المشروع الخامس فكان في سنة 2017 وأطلق عليه التثمين الرقمي للتراث المحلي. تكوين في الحوزي والموسيقى التقليدية كشف ميدون في معرض حديثه قائلا: إن « عملية التكوين في مجال الموسيقى الأندلسية والحوزي لا تزال مستمرة، منذ سنة 1973، على مستوى دار التراث ببلدية ندرومة، حيت تقوم جمعيتنا بمعية الأستاذ المكون طالب ميلود بتأطير 03 أقسام، تضم نحو 40 عنصرا ضمن الفوج الموسيقي، كما أن هناك قسم للتعلم على الآلة الموسيقية وقسم آخر خاص بالمجموعة الصوتية والقسم الثالث هو للجوق الموسيقي، المتكون من20 عنصرا. أشار ميدون أن هذه الفرقة التي تضمّ كل من فوجي الأكابر والناشئة دون 16 سنة، هي من تمثل الجمعية خلال المهرجانات والحفلات هنا محليا بتلمسان أو جهويا أو وطنيا. شاركت، يقول، في الطبعات الثلاث من مهرجان الحوزي للبراعم الذي أقيم، بقصر الثقافة عبد الكريم دالي، بتلمسان، مشيرا أن الجمعية تشهد إقبالا كبيرا لطالبي التعلم و الانخراط في الفرقة الموسيقية لا سيما ونحن نقوم بتوفير الآلات الموسيقية للأعضاء المنخرطين بالرغم من ثمنها الباهظ وصعوبة التحصل عليها أو اقتناءها من ولايات الشرق الجزائري أو خارج الوطن». دعا بالمناسبة السلطات المحلية بضرورة «مد يد العون للجمعية من أجل اقتناء الآلات الموسيقية واختتم حديثه بضرورة التأكيد على إجراء التبادل الثقافي بين الجمعيات هنا محليا وجهويا ووطنيا وحتى دوليا من أجل تعزيز الخبرات في المجال الموسيقي والعزف والغناء.» تأسف رئيس الجمعية، كون الأرشيف الفني ضئيل جدا بندرومة; فيما يخص الأغاني و التسجيلات الصوتية وشكر عبر جريدة «الشعب» العائلات الندرومية التي تزوّده من حين لآخر بتسجيلات ووثائق نادرة من شأنها أن تعود بالنفع على الجيل القادم وهذا من أجل الحفاظ على التراث.