اعترفت ''ماري كرستين ساراغوس'' مديرة قناة ''تي.في5 . موند'' أن هناك وعيا في الوسط الاعلامي الفرنسي بفظاعة ما اقترف ضد الجزائريين أثناء مرحلة الاستعمار، موضحة انه لا احد من الإعلاميين الفرنسيين ينكر أرقام الضحايا الذين سقطوا وكل ما وقع آنذاك، مبرزة أهمية مناسبة خمسينية استقلال الجزائر التي اعتبرتها ابرز إحتفائية ستتطرق لها القناة على مدار سنة 2012، مؤكدة في هذا الحوار بمكانة القناة عالميا كخدمة إعلامية عمومية شاملة . ̄ ستخصصون شبكة برامجية بمناسبة خمسينية استقلال الجزائر، هل لقيمة الاحتفائية دور في اهتمام قناتكم بالجزائر؟ ̄ ̄ اهتمامنا بالجزائر ليس وليد اليوم، الجزائر حاضرة في كل برامجنا منذ انطلاقة القناة بحيث نستضيف شخصيات جزائرية ونعمل على شراء أشرطة وأفلام جزائرية، كما نسعى إلى أن يتوسع أكثر، الجزائر بلد مهم لقناتنا مثل كندا، سويسرا وبلجيكا، هذه البلدان التي لنا معها تعاون وشراكة إعلامية كبيرة خاصة فيما يتعلق بالبرامج الإخبارية، والجزائر هي البلد الأول في الجنوب الذي نتعاون معه إعلاميا، وكان من ثماره بث برنامج ''كيوسك'' من الجزائر العاصمة بالتعاون مع التلفزيون الجزائري، وهنا أقول انه من واجبنا أن نخصص شبكة برامجية لهذه المناسبة التي نعتبرها الحدث الأبرز في سنة 2012، يستدعي التفاتة متواصلة لجميع الجوانب طيلة السنة، وأمنيتنا أن نكون في المستوى. ̄ هذا يجرنا للحديث عن مختلف البرامج والنقاشات والحوارات التي فتحها الإعلام الفرنسي مؤخرا للحديث عن الثورة التحريرية وعن استقلال الجزائر وغيرها من المواضيع التي لها علاقة بتلك الفترة، ألا تظنون أن هذا الإعلام مازال يقدم الرواية الفرنسية التي اعتدناها، والتي تنكر فظاعة الممارسات والجرائم المقترفة من طرف الجيش الفرنسي؟ ̄ ̄ أنا لا أريد الحديث عن وسائل الإعلام الأخرى، لأنني لست مطلعة على توجهاتها ، لكني أظن أن هناك نوعا من الوعي لدى الجانب الفرنسي لما عاناه الشعب الجزائري وآلامه والأعداد الكبيرة من الضحايا آنذاك. ليس هناك شخص في الإعلام الفرنسي من ينكر ذلك، كما أن تسليط الضوء على تاريخ تلك المرحلة ليس له نهاية، أظن أيضا أن هناك نية حسنة من الجانب الفرنسي وبالتحديد من جانب الإعلاميين، إذ غالبا ما يكون هناك نقد لبعض المواقف الفرنسية. ̄ ربما الاحتفاء بخمسينية الاستقلال هي فرصة لفتح صفحة جديدة؟ ̄ ̄ أنا أقول أن فتح صفحة جديدة ممكن، وطي صفحة ما لن يكون له معنى إذا لم تداو جراح وآلام تلك الحقبة التاريخية. طالعت كتابات عن الثورة التحريرية واكتشفت أشياء فظيعة عن ما اقترف آنذاك، خاصة أرقام الضحايا من السكان المدنيين الأطفال والنساء لا احد يمكنه نسيان ذلك. ̄ قناتكم شاملة موجهة إلى كل المشاهدين عبر ربوع العالم بشعارات مختلفة ألا تفكرون في فتح محطات جديدة تابعة للقناة ناطقة بلغات أخرى؟ ̄ ̄ ''تي في 5 موند'' يمكن اعتبارها مؤسسة إعلامية عامة وشاملة ب9 قنوات بشبكة برامجية واحدة تقريبا، وتراعي طلبات المشاهد ومكان تواجده، فمن غير المنطقي أن نبث برامج أطفال على الساعة الحادية عشر ليلا أين يكون فيه المشاهد قد استسلم للنوم، أو أن نبرمج نشرة أخبار رئيسية على الساعة الرابعة بعد الزوال أو فيلم أو مقابلة في كرة القدم على العاشرة صباحا، التوقيت يختلف من منطقة لأخرى ومن قارة لأخرى فتوقيت طوكيو ليس هو توقيت الجزائر العاصمة وتوقيت بكين ليس هو توقيت نيويورك، انطلاقا من هذا كان من الواجب علينا مراعاة ذلك مع اختيار أحسن للبرامج على حسب توقيت كل بلد أو منطقة معينة، بتقديم نوعية جيدة حسب درجات أوقات المشاهدة. أما عن استعمال لغات أخرى، فهذا من خصوصيات القناة فاللغة الفرنسية هي هوية القناة، لكن احتراما للجمهور المشاهد فكرنا في استخدام ترجمة على الشريط بعدة لغات للكثير من البرامج، وهذا كنوع من احترامنا أيضا للغات الأخرى ولنكون أكثر قربا من كل المشاهدين'' .تي.في5. موند اوريون'' مثلا في سعيها لتكون في مستوى تطلعات مشاهديها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تراعي خصوصية المنطقة بترجمة برامجها إلى اللغة العربية، رغم أن ترجمة كل الأعمال تتطلب أموالا باهظة، ونفس الشئ مع اللغات الأخرى. ولحد الآن نستخدم ترجمة على الشريط تقريبا ب9 لغات كالفيتنامية الكورية الرومانية.. بالنسبة لنا هذا الأمر بالتحديد هو إشارة من القناة وتقديرها لجميع مشاهديها من كل أنحاء العالم، بحكم أننا خدمة إعلامية عمومية عالمية شاملة تحترم كل القيم الإنسانية السلم، التضامن، المساواة بين المرأة والرجل، الرصيد المشترك وغير ذلك ونحن مؤمنون بما نقوم به. ̄ هناك من ينظر للقناة على أنها قناة فئة النخبة، بحكم البرامج المقترحة والنقاشات المهمة التي تستضيف خيرة المفكرين والكتاب، إضافة إلى الأفلام ذات البعد الإنساني والحضاري الملتزمة، ما رأيكم في ذلك؟ ̄ ̄ أنا أظن أن مشاهدي القناة هم من جميع الفئات، الذين يجدون الفائدة فيما نقترحه، فبرامجنا هي في متناول كل الأفراد وبمقدورهم فهم واستيعاب ما نقدمه، ونحن لا نفرق بين الجمهور، الأهم في الأمر أن نقدم نوعية جيدة تخدم الذوق العام لجميع المشاهدين، هذه النوعية هي التي تفرض على أي فرد مهما كانت درجة تعليمه اختيار قناتنا، نحن نسعى لتلبية أذواق المشاهدين مهما اختلفت لغتهم وثقافتهم، وأظن أن الإعلام الشامل مثل الانترنت قد ساهم في تطور المفاهيم والقدرات الفكرية والعلمية للأفراد، الذين أصبحوا يميزون بين النوعية الإعلامية الجيدة وغير الجيدة، فانا لا أرى أنها قناة النخبة فهي قناة ملتزمة إن صح القول، التي تحترم كثيرا المشاهدين في جميع أنحاء العالم وهذا مبدأ لدى مسؤوليها لتقديم الأفضل. وبالمناسبة وحسب آخر الإحصائيات قناة ''تي.في 5 موند'' هي الأولى مشاهدة في المغرب العربي من بين القنوات الناطقة باللغة الفرنسية. ̄ نعرج للحديث عنكم، ما هو السر في تعلقكم الكبير بالجزائر؟ ̄ ̄ تعلقي بالجزائر يعود لسنوات طفولتي، فانا من مواليد سكيكدة قبل سنتين من استقلال الجزائر، والداي كانا يدّرسان كمتعاونين في مدرسة للبنات، ثم انتقلنا إلى فرنسا في سنة 1964 وبالضبط إلى ''كان'' لكن جداي بقيا في سكيكدة حتى 1979، ورغم أن الوالدين ليس من الناس الذين يحنون إلى ماضيهم والأماكن التي عاشوا فيها إلا أنني أحببت هذا البلد ولدي ذكريات جميلة فكل شئ فيه رائع، والاستقلال أمر كان لابد من حدوثه. ولما توفي أبي قررت وأخدت على عاتقي كتابة قصة عنه، لأنه قبل وفاته كان يتمنى أن يكتب ذكرياته المليئة بالهموم، ولعلمكم سيخرج لي كتاب للعرض هذا الصيف بعنوان ''الوقت مضئ مع هبة ريح قوية'' يحكي قصة رجل هو أبي أحب امرأة هي أمي، عبارة عن سرد تاريخي لأحداث في الجزائروفرنسا. إذا هناك أشياء كثيرة تربطني بالجزائر رغم أني لم أكن اعرف الكثير عن تاريخها، لما كنت في المدرسة تاريخ الجزائر لم يكن ضمن البرنامج الدراسي، لكن فيما بعد كثر اهتمامي بتاريخها وبالمناسبة ختمت دراستي الجامعية في الاقتصاد بمذكرة عن الاقتصاد الجزائري وكان عمري آنذاك 23 سنة، إذ قمت ببحث معمق عن ذلك الموضوع وفيما بعد أصبحت من المتابعين المواظبين مختلف المواقع الالكترونية الجزائرية باللغة الفرنسية، واكتشفت الكثير من الأمور عن الجزائر، كما لاحظت أن الوالدين كانا يصاحبان الجزائريين الموجودين في فرنسا أكثر من باقي المواطنين، فأمي مثلا في كل مرة أجدها مع نساء أسمائهن فطيمة زهرة ونفس الشئ بالنسبة لي. ̄ قلتم أنكم درستم اقتصاد؟ ̄ ̄ نعم وبالإضافة إلى ذلك درست العلوم الاجتماعية والتحقت بعدها بالمدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة. ̄ ̄ وكيف انطلقت رحلتكم مع عالم الصحافة؟ بدأت ميدان السمعي البصري في 1987 ثم كان لي مرور على ''تي في 5 موند'' بين 1997 و2005 بعدها اشتغلت في مجال الثقافة واللسانيات، ثم كانت العودة ل''تي في 5''في 2008 كمديرة عامة للقناة. لكن مسيرتي في عالم الصحافة لم تكن في التحرير أو التقديم أو انجاز تقارير، فانا كنت مسؤولة نشر ولم اشرف على رئاسة التحرير في حياتي مهمتي في ''تي في 5 موند'' إدارية بحثة كالإشراف على عدة أمور ك(التوزيع، التسويق، الاتصال، البرامج، السينما، واب.تي.في) وأشرفت أيضا على برامج تعلم اللغة الفرنسية التي يقترحها موقع القناة. ̄ ماذا يمكن أن تقولونه في ختام حوارنا هذا؟ ̄ ̄ في فرنسا أَحَب الشخصيات للفرنسيين نجدها من أصول مختلفة منها زين الدين زيدان، عمر سي (من أصل سينغالي)، غاد المالح (من اصل مغربي) وغيرهم، وأنا اعتز كثيرا باني ولدت بمدينة جزائرية هي سكيكدة، وأحس بالقرب أكثر إلى الفرنسيين ذوي الأصول الجزائرية. هي إذا علاقات نسجها تاريخ سيصنع مستقبلنا وسيقربنا أكثر وتزداد فيه روابط المحبة والتعاون بيننا، وشكر خاص لجريدتكم.