تعمل السلطات العمومية على استحداث نسق من الآليات المحكمة المتعلقة بكيفية تسيير التداعيات المترتبة عن تفشي فيروس كورونا، وفق تعليمات دقيقة تعد بمثابة مرجعية في إدارة وضعية استثنائية، تستدعي وسائل أداء في مستوى الحدث القائم في حينه، وتتطلب إلتزاما صارما في التكفل بالإفرازات الأولية. هذا النسق من الآليات المتبناة في ظرف يندرج في إطار التوجه الاستباقي للاحتضان السريع المتلود عن حالات أملتها أحداث قاهرة خارجة عن نطاق صاحب القرار وهذا فعلا ما وقع مع الانتشار الواسع لهذا الوباء الفتاك بالبشر. لتكون الرؤية واضحة أكثر في هذا الصدد، فإن السلطات العمومية تتحرك ضمن هذا المسار المتوازن، إستنادا إلى التسلسل المنطقي في التكيف المباشر مع ما يطفو إلى السطح من مسائل ذات طابع استعجالي في المرافقة الفورية، خاصة إذا تعلق الأمر بالآثار الإنسانية والاجتماعية المستجدة عن الضمانات ذات الامتدادات المنبثقة عن نماذج لم نتعود عليها، مثلما هو قائم مع «الحجر الصحي» المنزلي. في هذا السياق، فإن نسق الآليات المراد اتباعها من الآن فصاعدا، مطالبة الجماعات المحلية بأن تكون ضمن المواقع الأمامية في اعتماد نظام آني متوجه إلى مساعدة المواطنين للتخفيف من وطأة انعكاسات «الحجر» من الجوانب الحياتية خاصة. والفضاء العام المعني بهذا المسعى، الأحياء، القرى والتجمعات السكانية، بإدراج المجتمع المدني، من جمعيات متخصصة في النشاط التضامني، الكشافة والهلال الأحمر، بحكم قدرتهم على التواصل مع الآخر والتغلغل في أعماق العائلات المعوزة ومعرفتهم الشاملة بكل احتياجات الأشخاص في حالة الشدة. ولإعطاء الطابع العملي لهذا النظام لمحلي الخاص، فقد تقرر إضفاء الطابع المؤسساتي عليه من خلال تحميل المسؤولية إلى نشطاء يتولون الإشراف على تلك اللجان أو إسناد الأمر إلى مواطنين نزهاء من الوسط المذكور سالفا. وتكمن مهامهم في إحصاء الأسر، بضبط احتياجاتها الضرورية في الوقت الراهن وإزالة عنها كل الأعباء والإكراهات. وسنحاول من خلال هذا الملف، تناول هذه العملية التضامنية الواسعة في الجزائر العميقة، على ضوء ما أقرّته الجماعات في هذا الشأن، خاصة في الجانب التنظيمي، الذي يفرض الديمومة في مسار العناية بكل الفئات الهشة المتضررة ماديا وغير القاردة على مواجهة وضع كهذا، ناجم عما أفرزه من شدة الأذى تجاه الآخر. وتبعا لذلك، فإن هذا النسق من الآليات المقررة، يترجم إرادة السلطات العمومية في ضمان تغطية اجتماعية، لكل من تعرض لضغط الحجر. وهذا ما تم التشديد عليه مؤخرا، بخصوص الحرص على التكفل بالمواطن الجزائري تكفلا تاما وكاملا عبر التراب الوطني ولن يترك أبدا لوحده في مثل هذه الأوقات الصعبة. في هذا الصدد، جاءت التعليمة الحاسمة في السياق المطلوب لامتصاص تلك الآثار، يكلف بتطبيقها كل من الولاة، الولاة المنتدبين، رؤساء الدوائر، رؤساء البلديات، المديرين المركزيين والتنفيذيين والمنتخبين، كونها تحمل الطابع الاستعجالي لا تنتظر الاجراءات الإدارية الثقيلة، انطلاقا من أن المصالح المحلية بحوزتها البطاقية التفصيلية لكل المعوزين ولا يستدعي الأمر إعادة الإحصاء.