عرفت الوضعية الوبائية على المستوى الوطني خلال الأيام الأخيرة تدهورا كبيرا جراء ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا، بالرغم من المجهودات المبذولة في سبيل مكافحة انتشاره، إلا أن الأرقام اليومية تعكس خطورة الوضع خاصة بعد تسجيل أكبر عدد من الحالات منذ بداية الجائحة في الجزائر خلال 24 ساعة الأخيرة بإحصاء 365 إصابة جديدة. تعيش المراكز الاستشفائية في ظل تفاقم الوضع الوبائي مؤخرا ضغطا كبيرا بسبب توافد أعداد هائلة من المرضى بصفة يومية على مصالح الأمراض المعدية التي تستقبل المصابين بفيروس كورونا المستجد، زيادة على الطوابير الطويلة التي تشهدها وحدات الفحص لكوفيد -19 بمختلف مستشفيات الوطن. «الشعب» تقربت من بعض الأطباء والمختصين الذين يتابعون مستجدات الوضع الوبائي على المستوى الوطني، حيث أرجعوا ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا بعد أن سجلت الجزائر أكبر عدد يومي منذ بداية الأزمة إلى استهتار الكثير من المواطنين في الالتزام بالقواعد الوقائية وعدم احترام شروط الأمن والسلامة خاصة بعد رفع الحجر الصحي على العديد من ولايات الوطن، بالإضافة إلى الاعتقادات والمعلومات الخاطئة حول الفيروس التي تنشر يوميا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبارها لا تستند إلى أساس عملي وميداني. وحذر المختصون من عدم تحمل المسؤولية خاصة بالنسبة للشباب الذين قد يتسببون في نقل عدوى الفيروس إلى أهاليهم دون علمهم نظرا لنقص الوعي الذي يدفع ثمنه كبار السن والمصابون بأمراض مزمنة خطيرة كالسكري وارتفاع الضغط الدموي أمراض القلب والأمراض التنفسية، خاصة وأنهم الفئات الأكثر عرضة إلى المضاعفات الخطيرة للفيروس، داعين إلى ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية وعدم التهاون في تطبيقها بصفة يومية من خلال احترام مسافة التباعد الاجتماعي وتفادي التجمعات وارتداء الكمامات حفاظا على سلامة الجميع. د، لحرش: زوال كورونا مرتبط باحترام التدابير في ذات السياق، أكدت الدكتورة سهام لحرش طبيبة عامة بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بدرارية «العاشور»، ل «الشعب «، أن جائحة كورونا يمكن أن تطول وتستمر ولا يمكن تحديد نهايتها وزوالها إلا إذا تم اتخاذ كامل التدابير والإجراءات الوقائية لتفادي تفشي الفيروس بشكل أكبر، مضيفة أن الوضع قابل للخروج عن السيطرة خاصة في ظل ما تشهده المستشفيات من ضغط وفوضى بسبب كثرة الحالات التي تستقبلها يوميا مصالح الأمراض المعدية وتزايد عدد الإصابات قائلة إن على الجميع أن يعي بأن الوفيات التي يتم تسجيلها ليست مجرد أرقام وإنما أرواح تفقد يوميا. وأشارت الدكتورة لحرش إلى أهمية الاستمرار في دراسة الوضعية الوبائية على المستوى الوطني من مختلف الجوانب لعدم تسجيل أعداد أكبر من الإصابات وحتى لا تطول هذه الأزمة التي لم تؤثر فقط على المرضى المصابين بفيروس كورونا وإنما حتى على الأشخاص الذين يعانون من أمراض أخرى خاصة أصحاب الأمراض المزمنة، على اعتبار أن الأولوية في التكفل تمنح لمرضى كورونا. د. عيادة: نعيش أزمة وسائل وإمكانات وليس إصابات يرى المختص في الصحة العمومية الدكتور عبد الحفيظ عيادة، أن الجزائر تعيش أزمة وسائل وإمكانات على مستوى الهياكل الصحية، ولا يتعلق الأمر بخطورة فيروس كورونا، موضحا أن ارتفاع الإصابات في الأيام الأخيرة مقارنة بالسابق سببه عدم التزام المواطنين بإجراءات الوقاية واستمرار التهاون في التعامل مع هذا الوباء. في تصريح خص به «الشعب» أكد الدكتور عيادة أن المراكز الاستشفائية على المستوى الوطني أظهرت عيوبها بعد انتشار فيروس كورونا وتفشيه في مختلف الولايات، مشيرا إلى نقص عدد الأسرة بمصالح الإنعاش وقلة وسائل العلاج المتوفرة، ما يجعل التكفل بالمصابين بفيروس كورونا أمرا صعبا، أثبته الطاقم الطبي الذي أعلن عن تدهور الوضع والضغط الحاصل على مستوى مصالح الأمراض المعدية التي تستقبل الإصابات يوميا، قائلا إن التصرفات غير المسؤولة من قبل بعض المواطنين دفع ثمنها الكثيرون بسبب التجمعات واستمرار إقامة الأعراس وحفلات الختان والجنائز. وحسب الدكتور فإن الإشكالية لا تكمن في خطورة الوباء وإنما في الهياكل الصحية التي باتت غير قادرة على استيعاب جميع المرضى الذين يتوافدون عليها للتشخيص أو العلاج، فلم يجد الأطباء والممرضون الذين أصيبوا بحالة رعب، الحلول التي تضع حدا للمشاكل التي تعيشها المستشفيات الجزائرية حاليا بعد أن ساءت الأمور، نظرا لنقص عدد الأسرة وعدم توفر الإمكانات اللازمة، وتعذر عليهم تقديم الرعاية الطبية لمرضى كوفيد -19 خاصة الذين هم بحاجة إلى تكفل استعجالي على مستوى العناية المركز المخصصة للحالات التي تستدعي استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي لمساعدة المرضى على التنفس. «كوفيد – » 19 لم تطرأ عليه طفرة جينية كما يشاع نفى المختص في الصحة العمومية الدكتور عيادة، أن يكون فيروس كورونا كوفيد -19 قد تحول إلى سلالات أكثر عدوانية أو أن طفرة جينية طرأت عليه كما يشاع نظرا لانتشاره بوتيرة أعلى من السابق وهو ما لم يكن متوقعا، حيث سبق له وأن بشر الجزائريين من خلال فيديو مباشر عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك «بأن الوباء سيزول تدريجيا قبل نهاية الشهر بعد تسجيل انخفاض في عدد الإصابات، موضحا في ذات السياق أنه بالرغم من تفشي هذا الوباء في الأيام الأخيرة إلا أنه لم يتغير والدليل على ذلك أن عدد الإصابات وحالات الشفاء المعلن عنها من طرف وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات فيها تقارب كبير. وأضاف الدكتور عيادة أن المنظومة الصحية تفتقد إلى نظرة طويلة المدى ورؤية استشرافية مستقبلية من شأنها أن تساهم في رسم الأهداف ومواجهة مختلف الأزمات الصحية التي يمكن أن تصيب الجزائر كالأمراض الخطيرة والأوبئة من خلال ضمان التسيير الجيد للقطاع وتشكيل خلية أزمة تعمل في الميدان. التشخيص الإكلينيكي الحل الوحيد اعتبر الدكتور عيادة، التشخيص الإكلينيكي للحالات التي يشتبه في إصابتها بفيروس كورونا هو الحل الوحيد لمباشرة العلاج في ظل استمرار مشكل الفحص وتحاليل الكشف عن الفيروس على مستوى المخابر التابعة لمعهد «باستور» عبر القطر الوطني، بالرغم من ارتفاع عدد التحاليل إلا أنها تبقى غير كافية لاستيعاب العدد الكبير من المرضى الذين يتوجهون يوميا إلى المراكز الاستشفائية للقيام بها. في ذات السياق، أشار محدثنا أن أي شخص تظهر عليه أعراض تنفسية تشبه علامات الإصابة بكورونا التي يعرفها الجميع كفقدان حاستي الشم والتذوق والحمى والسعال وضيق في التنفس فإنه يعتبر مصابا بفيروس كورونا إلى غاية إثبات العكس داعيا في هذه الحالة إلى أخد الاحتياطات اللازمة من خلال الالتزام بالعزل والتباعد الاجتماعي واحترام النظافة اليومية وارتداء الكمامة بالإضافة إلى استهلاك كل ما يساهم في تقوية الجهاز المناعي ضد الفيروس. البروفيسور خليفة: أجرينا 17000 تحليل للكشف عن الفيروس كشف مدير ملحقة باستور البروفيسور فضيل خليفة عن إجراء 17000 تحليل للكشف عن فيروس كورونا «كوفيد -19 «منذ انطلاق المخبر بقسنطينة في العمل إلى غاية الآن، مشيرا إلى ارتفاع عدد الفحوصات في الأيام الأخيرة تزامنا مع ارتفاع الإصابات، حيث أجرى المخبر في يوم واحد 760 تحليل. وقال مدير ملحقة معهد باستور في تصريح ل «الشعب» إن المخبر يحصي يوميا حالات إيجابية جديدة ويعرف في الفترة الأخيرة ضغطا كبيرا بسبب تفشي الوباء في مختلف المناطق بقسنطينة، مرجعا تفاقم الوضع إلى نقص الوعي وعدم الانضباط في التقيد بالإجراءات الاحترازية التي تساهم في منع انتقال العدوى من شخص إلى آخر. وحسب محدثنا فإن المخبر يبذل قصارى مجهوده لإجراء أكبر عدد من الفحوصات يوميا في وقت قصير، بعد أن كانت الملحقة تقوم بإرسال العينات إلى معهد باستور بالجزائر العاصمة لمعرفة نتائج التحاليل وتستغرق مدة أطول نظرا لعدم توفر الإمكانات والمعدات اللازمة في وقت سابق. وحذر البروفيسور خليفة من نقص الوعي والتصرفات غير المسؤولة خاصة من قبل الشباب الذين يتسببون في النشر السريع للفيروس ونقله إلى الأهالي والأقرباء من كبار السن والأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة، ما يعرضهم إلى مضاعفات خطيرة قد تصل إلى حد الموت وهو ما تشهده الجزائر يوميا بتسجيل عدد كبير من الإصابات وحالات الوفاة.