يبدو أنّ ساعة الصّفر لانطلاق معركة «سرت-الجفرة» أصبحت قريبة، ما يعني أنّ الأزمة اللّيبية مقبلة على تصعيد خطير قد يصل إلى درجة نشوب حرب مسلّحة متعدّدة الأطراف تهدّد بحرق المنطقة بأسرها. المواجهة العسكرية التي يخشى الجميع نشوبها في ليبيا أصبحت مسألة وقت فقط، هكذا يعتقد جلّ المراقبين السياسيين، الذين يؤكّدون بأنّ المؤشّرات كلّها تعزّز خيار القوّة في الجارة الشرقية خاصّة بعد أن حصل الجيش المصري على الضوء الأخضر من البرلمان للتدخّل عسكريا في ليبيا التي أصبحت مرتعا للتدخلات الخارجية، وساحة تجتذب العديد من المرتزقة وتجار الدمّ. أمام هذا الوضع القاتم، تتصاعد الأصوات الداعية إلى التهدئة،حيث قالت الأممالمتحدة إنّ تفويض البرلمان المصري الإثنين، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإرسال قوات خارج الحدود بالاتجاه الغربي (ليبيا على الأرجح)، يعد مصدر قلق كبير، محذرة من إضافة «البنزين إلى النار». ووافق مجلس النواب المصري في جلسة سرية، أمس الأول، على إرسال عناصر من القوات المسلّحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، بمبرّر الدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي (في إشارة إلى دولة ليبيا)، وذلك عملاً بحكم المادة 152 من الدستور المصري، والمادة 130 من اللائحة الداخلية للبرلمان. التّطوّرات مصدر قلق كبير ردّا على أسئلة صحفيّين بشأن هذا التفويض، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحفي عبر دائرة تلفزيونية: «نتابع ذلك عن كثب..هذه التطورات مصدر قلق كبير». وأضاف: «أعتقد أن هناك حشدا مقلقا للقوات حول سرت، وهو في حد ذاته يعرض حياة المدنيين للخطر، أعني أكثر من 125 ألف مدني». وتابع دوجاريك أنّه «لذلك تواصل ستيفان وليامز (مبعوثة الأمين العام بالإنابة إلى ليبيا) عملها الدبلوماسي، والتقت أمس الأول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ومسؤولين آخرين في الجزائر العاصمة لمناقشة الوضع». وأردف المتحدث الأممي أنّ «الجزائر تبذل جهودا إيجابية لحث الأطراف الليبية على إنهاء العنف، واستئناف العملية السياسية تحت رعاية الأممالمتحدة». وشدّد على أنّه «لا يوجد حل عسكري للأزمة في ليبيا، ويجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في إطار بعثة الأممالمتحدة للدعم بليبيا». وحول ما إذا كانت الأممالمتحدة على اتصال بالقاهرة، قال دوجاريك إنّه «تمّ إجراء اتصالات مع السلطات المصرية. ومستمرون في حث الدول على مساعدة الليبيين على الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار». وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، قد بحثت الإثنين، مع رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، سبل استئناف الحوار السياسي، طبقا لمخرجات مؤتمر برلين. اتّصالات دولية لكبح التّصعيد في الأثناء تتواصل التّحرّكات والاتّصالات الدولية بشأن ليبيا، حيث كثّفت الجزائر من جهودها للدفع باتجاه التهدئة، وقد كانت زيارة وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، أمس، إلى روسيا بدعوة من نظيره الروسي سيرغي لافروف فرصة لبحث التطورات الخطيرة للأزمة في ليبيا، وإمكانية وقف التصعيد هناك، والدفع باتجاه الحل السلمي. من جانبه بحث الرئيس الأمريكي مع نظيره الفرنسي الوضع في ليبيا، وقال ترامب في اتصال هاتفي مع إيمانويل ماكرون أمس الأول إنّ الصّراع الليبي «تفاقم بدخول قوى أجنبية وأسلحة». وفي انتظار تحقيق تقدّم في اتّجاه الحل السياسي السلمي، تتسارع التطورات السياسية والميدانية وسط ترقب شديد لمآلات الوضع في سرت والجفرة، بعد تأكيد قوات حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا أن اقتحام سرت «أمر محسوم وقريب جدا».