ووري، أمس، جثمان الراحلة وردة الجزائرية الثرى بمقبرة العالية في جو مهيب بحضور الأقارب والأسرة الفنية والسياسية والكثير من المحبين الذي اصطفوا قرب المقبرة لتوديع صاحبة روائع «مليت من الغربة» و«ملحمة الجزائر» مرددين عبارة «الله أكبر» وتحت زغاريد النساء وهو ما صنع ج حزن على فقيدة العرب. فرنسا طردت الفقيدة بعد أن اكتشفت أمر تمويلها للثورة الجزائرية .. كانت الساعة منتصف النهار والنصف عندما وصلنا مقبرة العالية لتغطية مراسم جنازة الراحلة وردة الجزائرية التي وافتها المنية الأربعاء الماضي بالقاهرة، ففي جو مهيب تجمع مودعو الراحلة، حيث لم يتمالك الكثيرون أنفسهم وهم يذرفون الدموع ومع قرب موعد وصول الموكب الجنائزي قالت إحدى المواطنات «عبيدي حفيظة» من العاصمة «الله يرحمها، لقد أحببناها كثيرا خاصة أنها كانت أحسن سفيرة للجزائر، وقد نزل خبر وفاتها علينا كالصاعقة.. لقد أخبرتني أمي بالخبر وقد حزنت كثيرا لأجلها وحتى أبي وكل الأسرة، وان غبت عن كل حفلاتها إلا أنني أحتفظ لها ببعض الصور لا لشيء سوى لأنها كانت فخورة بانتمائها للجزائر» وقالت «نصيرة» من العاصمة «أن نبأ وفاة الراحلة وردة قد سقط عليها كالصاعقة، خاصة وأنها حضرت لها الكثير من الحفلات التي نشطتها بالعاصمة، وسردت لنا قصة اختلافها مع أختها التي كانت تفضل المرحوم عبد الحليم حافظ وهو ما زاد من تعلقي بها. وبسماحة كبيرة تحدثت الحاجة «حفصة» بصبر وقبول بالقضاء والقدر حيث قالت: «لقد أحببنا وردة كثيرا خاصة وأنها لم تفوت فرصة للتعبير عن حبها للجزائر، لقد زرعت فينا حب الوطن وعليه اليوم نحن نبكيها وقد غادرتنا وهي تقول «مازالنا واقفين» ونعدها بان نبقى واقفين ... بالمختصر لقد رحلت عنا هرم الأغنية العربية». وكسر الحضور القوي لمختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية هدوء المقبرة بفعل التحركات المكثفة ورصدهم لكل صغيرة وكبيرة أمام مجهودات كبيرة لرجال الأمن لتنظيم الجنازة. وكان كاتب الدولة المكلف بالاتصال الأسبق ورئيس الاتحاد العام للكتاب الجزائريين السابق، عزالدين ميهوبي، يتحدث عن مناقب ومكانة الراحلة في الوسط الفني العربي ويعبر عن حزنه وأسفه لمختلف وسائل الإعلام، مثلما قام به المجاهد الصادق بوقطاية والمؤرخ محمد عباس والكثير من الشخصيات الفنية. وما هي إلا لحظات حتى وصل الوزير الأول أحمد أويحيى وبعده بدقائق وصل الموكب الجنائزي الذي خلق نوعا من الهيستيريا لدى محبي الراحلة الذين اخترقوا الطوق الأمني وساروا في الجنازة رفقة الكثير من الشخصيات كالسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وعبد المالك قنايزية الوزير المنتدب المكلف بالدفاع الوطني والعديد من الوزراء والمثقفين. وسار الموكب العشرات من الأمتار أين وضعوا نعش المرحومة أمام قبر الراحل هواري بومدين وشهداء الجزائر حيث أقيمت صلاة الجنازة وتم الدعاء لها وإلقاء كلمة تأبينية من طرف ممثل وزارة الثقافة، تضمنت مناقب الراحلة خاصة نضالها من أجل القضية الجزائرية، حيث طردت من فرنسا بعد أن ضبطت وهي تتبرع بأموال عائدات الحفلات للثورة الجزائرية لتسافر بعدها إلى المغرب ثم لبنان. وتجاوب الحضور كثيرا مع الكلمة وهم يكبرون «الله أكبر» وتناولت التأبينية اعترافا للراحلة بوطنيتها مثل وطنية «لالا فاطمة نسومر» و«تنهنان» وأكدت أن كل دول العالم تنجب النساء والجزائر تنجب الحرائر، مذكرة بأن الراحلة كانت تحضر للمشاركة في الاحتفالات الرسمية بخمسينية الثورة. وغادر الجميع مقبرة العالية وهم متأثرون من أفول نجمة أخرى من نجوم الجزائر والوطن العربي .