لم يكتف وزير العدل حافظ الأختام بلقاسم زغماتي، خلال عرضه، أول أمس، لمشروع المتعلق بالوقاية من جرائم اختطاف الأشخاص ومكافحتها أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، بالحديث عن إمكانية تطبيق حكم الإعدام، مؤكدا عدم وجود أي مانع محلي أو دولي ، لأن «الجزائر حرة وذات سيادة وسيتم تنفيذ هذه العقوبة إذا اقتضى الأمر»، بأن التشريع الوطني وخاصة الجزائي يعد من «سمات السيادة الوطنية، لأن هذا التشريع (الجزائي) له علاقة مباشرة بالحفاظ على النظام العام وهو من ممارسات السيادة». أوضح زغماتي في رده عن أسئلة نواب الغرفة السفلى للبرلمان، أنه لحد اليوم «الجزائر لم تمض ولم تنتم ولم تصادق على أي اتفاقية أو معاهدة دولية تمنع اللجوء إلى عقوبة الإعدام، سواء في التشريع أو التنفيذ»، مشيرا أن توصية 2007 الخاصة بجمعية الأممالمتحدة «ليست ملزمة باعتبارها التزاما معنويا وأدبيا فقط». وفيما يتعلق بمشروع القانون محل النقاش والإثراء، أفاد أنه ينقسم إلى شقين؛ شق خاص بالوقاية وشق خاص بمكافحة هذه الظاهرة، موضحا أن الأول، يتم من خلال اعتماد آليات اليقظة والإنذار والكشف المبكر وإجراء دراسات حول أسبابها بهدف فهم دوافع ارتكابها، مع وضع نظام معلوماتي وطني حول جرائم الاختطاف من أجل تسهيل عمل الهيئات المكلفة بالوقاية، مشيرا إلى أن المشروع ينص على تولي الدولة وضع استراتيجية وطنية للوقاية من جريمة الاختطاف واستراتيجيات محلية تصاغ وتنفذ من قبل الهيئات العمومية بمشاركة المجتمع المدني. كما يحدد ذات المشروع، الذي يتضمن 54 مادة مقسمة على سبعة محاور، «الظروف التي يترتب عليها تشديد العقوبة، وهو الشق الثاني للنص القانوني، حيث يحدد الأعذار المعفية من العقوبة، وكذا الأعذار المخففة لها التي يترتب عليها الإعفاء من العقاب أو تخفيض العقوبة وذلك في حالة الإنهاء التلقائي للاختطاف، ما من شأنه حماية الضحية وتشجيع الفاعل على العدول عن الجريمة». سن عقوبتين فقط... السجن المؤبد أو الإعدام وبخصوص التدابير المشددة التي جاء بها المشروع، أوضح الوزير أن «مجمل العقوبات المنصوص عليها ضمنه تعد جنائية»، مبرزا أنه في حال ما تعلق الأمر باختطاف طفل، فإن المشرع «سن عقوبتين فقط هما السجن المؤبد أو الإعدام». كما يستبعد المشروع مرتكبي جرائم الاختطاف الخطيرة من الاستفادة من ظروف التخفيف، لاسيما إذا كانت هذه الجرائم مرتكبة ضد الأطفال أو باستعمال التعذيب أو العنف الجنسي أو بطلب فدية. وأضاف في هذا الإطار، يمكن للنيابة العامة - يوضح الوزير- «من تحريك الدعوى العمومية تلقائيا حتى في غياب الشكوى، كما يحق للجمعيات والهيئات الناشطة في مجال حماية حقوق الإنسان، بمقتضى ذات النص، تقديم شكوى أمام الجهات القضائية والتأسيس كطرف مدني مع المطالبة بالتعويض». ولم يغفل مشروع القانون التنصيص على الآليات المتخذة لمرافقة وتسيير إدماج المختطفين في الحياة الاجتماعية، كما تطرق إلى حماية ضحايا الاختطاف وضمان التكفل الصحي والنفسي والاجتماعي، مؤكدا أن الحماية ستشمل ضحايا جرائم الاختطاف المرتكبة بالخارج، وإلى الرعايا الأجانب، بتسيير رجوعهم إلى مواطنهم. من جهتها، اعتبرت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات، مشروع القانون يتضمن تدابير جامعة مانعة، تندرج في إطار المهام الأصلية لقطاع العدالة، الرامية إلى تسخير القانون من اجل ضمان أمن الأشخاص والممتلكات، والمحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم، ومكافحة هذه الجريمة بكل أشكالها في إطار مقاربة شاملة تأخذ في الحسبان أبعادها، وخطورتها واختلاف أشكالها من منطقة إلى أخرى. النواب يثمنون ثمن نواب المجلس الشعبي الوطني، ما تضمنه نص المشروع واعتبروا أن إمكانية تطبيق حكم الإعدام على مرتكبي جرائم خطف وقتل الأطفال والقصر وذوي الإعاقات، إحقاقا لحق الضحايا، كما أنها تعد مطلبا ملحا من الشعب الجزائري الذي عاش خلال السنوات الماضية على وقع جرائم الاختطاف والقتل والحرق وحتى التنكيل بالجثث، مؤكدين أن القصاص هو الدواء الشافي لمعالجة مثل هذه الجرائم الشنيعة، استناد إلى قوله تعال: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب). وأكد النواب خلال مناقشتهم للنص القانوني، على ضرورة تطبيق ما جاء فيه من إجراءات عقابية لردع مرتكبي الجرم وتحذير من تسول له نفسه الإقدام على مثل هذه الجرائم. كما شددوا على أن لا تسقط هذه الأخيرة بالتقادم، وقالوا إن عدم تطبيق القصاص على المجرمين، يعد تشجيعا لهم لكي يعيثوا في الأرض فسادا، بعد أن أضحى الاختطاف أحد المخاطر الكبرى التي تهدد استقرار المجتمع. وركز النواب على الجانب الردعي بصفة كبيرة بعد تنامي ظاهرة الاختطاف وقتل الأبرياء من الأطفال والقصر بشكل كبير دون قصاص للجناة، الذين لا يمكن أن يكون الفقر دافعا لارتكاب جرائمهم. كما أشاروا إلى أهمية الوقاية، لكن تساءلوا إن كانت السلطات المخولة تمتلك الوسائل اللازمة للجانب الوقائي.