بعدما تمكن من دخول تاريخ المصارعة الجزائرية والرياضة الجزائرية ككل، بإحرازه أوّل ميدالية في البطولة العالمية للمصارعة الاغريقو رومانية، اتصلنا بعبد الكريم فرقاط، صاحب برونزية بطولة العالم بصربيا الأخيرة، الذي تحدث لنا عن أجواء المنافسة وعن كيفية دخوله التاريخ، كما أكد لنا بأن المرحوم رابح شباح، رئيس الاتحادية الذي وافته المنية، منذ ثلاثة أسابيع وضع فيه ثقة كبيرة. - الشعب: هنيئا لك العودة إلى الجزائر بالميدالية البرونزية من بطولة العالم بصربيا في اختصاص المصارعة الإغريقو رومانية؟ عبد الكريم فرقاط: أشكركم على هذا الاتصال والاهتمام، ليس أمرا سهلا أن تصل لمنصة التتويج في بطولة عالمية، خصوصا في الظروف الصحية التي عشناها، منذ شهر مارس المنصرم، تعبنا كثيرا وعملنا دون انقطاع تحضيرا للبطولة العالمية التي يتبارى فيها أفضل المصارعين في المعمورة، والحمد لله كلّل عملنا في النهاية بنيل ميدالية برونزية ضد أفضل المصارعين في العالم. بلوغ المستوى العالمي ليس بالأمر السهل، وما ساعدني على التألق في هذه البطولة هو أنني شاركت في مناسبتين في البطولة العالمية، الأمر الذي جعلني أدخل المنافسة دون عقدة، خصوصا أنني حضّرت لها جيدا، رغم أننا توّقفنا عن التدرب رفقة المجموعة بسبب فيروس كورونا، لكني تحدّيت الأفضل في العالم وأصررت على التألق لأنني قررت مواصلة العمل منفردا، كما أشكر من ساعدني لبلوغ هذا المستوى في مقدمتهم الاتحادية الجزائرية للمصارعة التي وقفت إلى جانبنا، وكذلك المرحوم رابح شباح الذي كان يهتم بكل صغيرة وكبيرة وقام بالمستحيل لرؤية مصارع جزائري يصعد فوق منصّة التتويج في البطولات العالمية، للأسف رحل عنا أيام فقط قبل تمكني من الظفر بالميدالية البرونزية، ومن هذا المنبر أتمنى له الرحمة وأهدي الميدالية لروحه الطاهرة ولعائلته الكريمة، كما لا أنسى المؤسسة العسكرية التي ساعدتني كثيرا على الرفع من جاهزيتي، وفتحت لي أبواب التألق رفقة المنتخب الوطني العسكري. - وكيف كانت المنافسة؟ أوّل منازلة كانت ضد مصارع تركي، خسرت معه لأني كنت نوعا ما قلقا، وعانيت كثيرا من تبعات الحمية الغذائية الصارمة التي خضعت لها، وبعدها التركي تأهل إلى الدور نصف النهائي وفاز بسهولة، الأمر الذي سمح لي بالعودة للمنافسة، أين واجهت رومانيا فزت عليه بواقع 14 نقطة مقابل 5، وفي مباراة المركز الثالث واجهت بمولدوفيا بطل العالم السنة الماضية في صنف أقل من 23 سنة وفزت عليه بنتيجة (6 – 4)، وهو ما مكنني من العودة بالميدالية البرونزية. - أصبحت أوّل جزائري ينال ميدالية بالبطولة العالمية في تاريخ المصارعة الجزائرية؟ الحمد لله دخلت التاريخ من بابه الواسع وتمكنت من تشريف الراية الوطنية، المرحوم شباح كان يعلق عليّ آمالا كبيرة من أجل الصعود فوق البوديوم وشجعني كثيرا على ذلك، تمنيت كثيرا أن يكون معنا ويحضر ذلك التتويج، لكن قدر الله ما شاء فعل، رحيله عنا زاد من عزيمتي وقبل التنقل إلى صربيا وضعت هدفي الرئيسي العودة بميدالية لإهدائها لروحه. ^ هدفك المباشر الألعاب الأولمبية، أليس كذلك؟ ^^ الآن، أنا مصارع في وزن 55 كلغ ووزني ليس أولمبيا، يجب عليّ أن أضيف خمس كيلوغرامات، وأحضر جيدا للأولمبياد، بعدها أقوم بالتجارب مع زميلين في المنتخب الوطني، لتختار المديرية الفنية مصارعا واحدا يتنقل للمشاركة في التصفيات المؤهلة لأولمبياد طوكيو قصد تمثيل الجزائر، أتواجد أمام تحديين وهما رفع الوزن والتأقلم معه وبعدها العمل على التفوق على زملائي، وكل هذا يلزمه تحضير ذهني كبير، خصوصا بعدما قمت بحمية غذائية صارمة قبل التنقل إلى صربيا للمشاركة في البطولة العالمية وهذا ليس بالأمر السهل، خصوصا عندما تكون متعودا على التنافس في وزن معين، لكن سأضحي من أجل إقناع المدربين بالمشاركة في الأولمبياد وتحقيق أحد أحلامي. - كل الأنشطة الرياضية كانت متوقفة في الجزائر بسبب جائحة كورونا، كيف سيّرت الوضعية وتمكنت من التألق في البطولة العالمية؟ بالإرادة والعزيمة على النجاح، وضعت أمامي التألق في البطولة العالمية، تحدثت مع رئيس الاتحادية، رابح شباح، شهر أفريل المنصرم مباشرة بعد البطولة الإفريقية التي نلتها هنا في الجزائر، وطلبت منه منحي الموافقة للرفع من وزني كون التصفيات لأولمبياد طوكيو كانت مبرمجة في المغرب وبعدها ألغيت بسبب فيروس كورونا، لكنه وقتها قال لي بالحرف الواحد: «هذه السنة ستصعد فوق منصّة التتويج بالبطولة العالمية»، وطالبني بالعمل والتضحية لبلوغ ذلك، أنا من جانبي استوعبت ذلك الكلام جيدا ووضعته هدفا بعدما أقنعني بأني لست بعيدا عن المستوى العالمي، عندما يضع المسؤول الأول على الرياضة التي تمارسها ثقة كبيرة في مستوياتك ويدعمك كن متأكدا بأن نجاحك قريب، ورغم انتشار فيروس كورونا في الجزائر وغلق كل قاعات التدريب عبر الوطن، إلا أني لم أتوقف عن التدريب في الهواء الطلق للحفاظ على لياقتي البدنية، وكنت أتلقى اتصالات من بعض الزملاء من الحراش وبئرتوتة والسويدانية، وكنت أتنقل عندهم من أجل التدرب سويا، إلى غاية إعادة السماح لنا بالعودة إلى أجواء التدريبات، أين رفعت من وتيرة العمل مع الناخب الوطني في تربصات تيكجدة وسيرايدي وسويدانية الذي تيقن بأني جاهز من الناحية البدنية، وهو ما سمح لي بتحقيق مرادي. - هناك استحقاقات كبيرة بانتظارك في السنتين المقبلتين، ما هي أهدافك؟ الآن هدفي الأول إقناع الطاقم الفني للمنتخب بالمشاركة في التصفيات المؤهلة للألعاب الأولمبية، وإذا تم اختياري سأضحي من أجل تحقيق حلمي بالتنقل إلى طوكيو، وبعدها لدينا البطولة الإفريقية وألعاب البحر الأبيض المتوسط، وسأعمل على تطوير مستواي أكثر لفرض نفسي في كل الاستحقاقات التي تنتظرنا بهدف تشريف الراية الوطنية.