على الرغم من عودة الدبلوماسية الجزائرية إلى النشاط بقوة، لاسيما على المستوى القاري، لكن ينبغي أن تواكب الدبلوماسية الموازية بمختلف قنواتها للدبلوماسية الرسمية المرافقة، من خلال تعزيز دور المجتمع المدني والمؤسسات المنتخبة والأحزاب السياسية. أصبح العمل الدبلوماسي للحكومات في عالم اليوم، في حاجة ماسة إلى روافد تدعمه وتساعده، من أجل تنمية قدراته على دعم وتطوير العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف بين الدول، وهذا في إطار الدبلوماسية المرافقة، التي يقصد بها تلك الجهود غير الرسمية المبذولة في المجال الدبلوماسي والتي تعنى بها الفواعل غير الرسمية، من منظمات غير حكومية وهيئات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات ووسائل الإعلام وجماعات الضغط… والدين يتمتعون بدرجة معينة من التخصص في مجالات مختلفة وذلك بهدف تنفيذ السياسة الخارجية عن طريق الاتصال والتعاون والحوار الدولي. إن الدبلوماسية المرافقة تعتبر إحدى الوسائل الحديثة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية للدول، كما تسعى إلى تنمية العلاقات التي تربط بين الشعوب باعتبارها أحد أبرز المحركات الأساسية لإدارة المجتمع الدولي وقضاياه السياسية والإقتصادية والبيئية والأمنية والإجتماعية، خاصة إذا علمنا أن الدبلوماسية التقليدية بمفهومها الكلاسيكي، المتمثل في جهاز وزارة الخارجية والبعثات، باتت تواجه تحديات كبيرة، بسبب التوسع المطرد للتعاون الدولي وانفتاح المجتمعات على بعضها البعض، وظهور موضوعات وقضايا جديدة ومعقدة على جدول أعمال السياسة الخارجية. في هذا الشأن، تبرز أهمية ودور مراكز البحث والفكر المتخصصة، لما تقدمه من دعم وترشيد القرار الخارجي للدول بفضل الدراسات والبحوث العلمية، التي تنجزها، علاوة على الندوات وحلقات النقاش التي تنظمها، خاصة تلك النشاطات والتظاهرات العلمية التي تكون بالتعاون والشراكة مع جامعات ومراكز بحث أجنبية وتخدم المصلحة الوطنية؛ وبالتالي يمكن اعتبار نشاط مثل هذه المؤسسات بمثابة عمل دبلوماسي، يدخل ضمن نطاق -الدبلوماسية الفكرية. إن تواجد مثل هكذا مراكز فكرية، من شأنها أن تساهم في انتشار أنماط مختلفة من الوعي أفقيا على المستوى الشعبي، وعمودي على مستوى الدولة. ومع بروز تحديات جديدة وتعدد تأثيراتها، فإن الدور المطلوب أن تلعبه مراكز الدراسات والبحوث قد تغير، إذ أصبحت معنية بترشيد صناعة القرار في الدول، سواء طُلب منها ذلك أم لا.