عزّزت الجزائر وإيطاليا، بشكل لافت، شراكتهما الاستراتيجية في مجال الطاقة من خلال العملاقين سوناطراك، وإيني، اللذان حققا نتائج جدّ إيجابية في المشاريع الاستكشافية، ويترجم ذلك جودة العلاقات السياسة والتفاهم الكبير حيال عديد الملفات الإقليمية. تتجه روما، بخطى ثابتة لتصبح الشريك الطاقوي الرئيسي للجزائر، عن أوروبا، إذ تشير التقديرات إلى آفاق واعدة للبلدين في مجال إنتاج وتسويق النفط والغاز. وباتت إيني الإيطالية، في طليعة الشركاء الأجانب لسوناطراك في الآونة الأخيرة، وأثبت مكانتها التاريخية في قطاع المحروقات الجزائرية، بإقبالها على الاستثمارات الاستكشافية في إطار قانون المحروقات الجديد. وأعلنت سوناطراك وشريكها إيني عن نجاحهما في حفر أول بئر استكشافي، في 20 مارس الماضي، بما يعادل 7000 برميل/يوم من النفط و140 الف متر مكعب/ يوم من الغاز المصاحب في محيط الاستكشاف زملة العربي الواقع بحوض بركين. وأشارت التقديرات الأولية إلى أنّ الاكتشاف يحتوي على ما يقرب من 140 مليون برميل من النفط الخام. ومن الواضح، أنّ هذه النتائج، كان لها وقعا خاصا في العلاقات الثنائية، وأضيف لتقليد الثقة المتبادلة بين الجزائر باعتباره المورد الذي يفي بالتزاماته باستمرار، وإيطاليا بكونها شريك تاريخي لم تغادر شركاتها الطاقوية الجزائر في أحلك الظروف التي مرت بها عكس كثير من الدول. نوعية الشراكة الاستراتيجية في مجال الطاقة، وجدت الغطاء السياسي اللازم من قبل قادة البلدين، حيث أطلع رئيس الوزراء الايطالي، ماريو دراغي، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الجمعة، عن زيارة وفد عن شركة ايني إلى الجزائر. هذا الوفد، وصل الذي وصل، أمس، قاده المدير العام للمجمع الايطالي كلوديو ديسكالزي، أين التقى بالرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، توفيق حكار. وحسب البيان الذي أعقب الاجتماع، فقد توسعت المناقشات لتزويد ايطاليا بالغاز، وجدّدت الرغبة في تسريع تطوير مشاريع بترولية وغازية جديدة بمنطقة بركين جنوب، وذلك في إطار العقد الذي دخل حيّز التنفيذ، في 6 مارس المنصرم. ويتضمّن هذا المشروع إنشاء، «منطقة نشاط جديدة لتطوير حقول النفط والغاز بالمنطقة بالاعتماد على المنشآت الحالية MLE-CAFC بمحيط 405 ب»، وفق «وتيرة المسار السريع»، حسب ذات المصدر. هذه الوتيرة وبالنظر إلى الأنشطة المبرمجة، ستسمح بزيادة الإنتاج بداية من هذا العام، حيث ينتظر أول إنتاج خلال شهر جويلية، أيّ بعد ثلاثة أشهر فقط من دخول هذا العقد حيّز التنفيذ. واستعرض الجانبان المبادرات قصيرة ومتوسطة المدى التي من شأنها أن تساهم في الرفع من إمداد هذا البلد عبر خط أنابيب نقل الغاز ترانسماد / إنريكو ماتي. ويفهم من ذلك أنّ انطلاق مفاوضات جادة بشأن كميات إضافية ستحسم قريبا. وتخطط سوناطراك وإيني لحفر بئر ثانية، خلال شهر أفريل الجاري بغرض تقييم حجم الاكتشاف الذي يمتد إلى الرقعة المجاورة سيف فاطمة 2 (التي تجري أشغال الاستكشاف بها من قبل سوناطراك وإيني كذلك). الشراكة الاستراتيجية المعلنة، ينتظر أن تعود بالفائدة على البلدين، إذ سترسم ايطاليا نفسها كشريك أوروبي رئيسي للجزائر، في مجال الطاقة، وتتعزّز هذه المكانة بالتفاهم اللافت في عديدة الملفات الإقليمية. ولطالما أظهر البلدان قدرة كبيرة، على ضمان مستوى عال من الجدية والثقة، لعلاقتهما الثنائية، عكس بعض الحكومات التي لم يعد من الصائب المراهنة على اتزان مواقفها أو الذهاب معها إلى أقرب المسافات.