فقدت الساحة الفنية الجزائرية، أمس، أحد عمالقة الفن الجزائري، الممثل والفنان المسرحي أحمد بن عيسى عن عمر ناهز 78عاما، تاركا وراءه إرثا فنيا سينمائيا ومسرحيا زاخرا، حسب ما أشارت إليه وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، معربة عن تأثرها بهذا المصاب الجلل في رسالة تعزيتها لها قائلة «إن الساحة الفنية الجزائرية فقدت أحد قاماتها البارزة، ويرتجل من صهوة الفن مجددا فارس من فرسانها، الذي يغادرنا تاركا ورائه إرثا فنيا مسرحيا وسينمائيا، فهو صاحب عديد الأعمال المسرحية التي تركت بصمتها في عالم أبي الفنون، وصاحب رصيد سينمائي غني». 50 عاما من العطاء وبرصيد ثري من الإبداع، يودع أحمد بن عيسى أحد أعمدة الفن المسرحي والسنيمائي بالجزائر مسيرته الفنية، بعد صراعه مع المرض في فرنسا، وهو المبدع الذي أجمع عليه أهل الفن بأنه فارس من فرسان الفن، وذلك أثناء نضاله بسلاح الفكر الفني خلال توليه إدارة مسرح سيدي بلعباس الجهوي، في فترة عصيبة كانت تمر بها الجزائر (1995)، واستحدث على إثرها مهرجان المسرح الممتاز الذي استقطب عدداً كبيراً من الجمعيات المسرحية. الراحل أحمد بن عيسى ولد في 2 مارس 1944 بمنطقة ندرومة بولاية تلمسان في 2 مارس 1944، من عائلة مكونة من خمس فتيات وأربعة أولاد، ونشأ في مدينة سيدي بلعباس، كان والده ناشطا اعتقل وسجن في الجزائر، لكن أطلق سراحه بعد الاستقلال لينتقل لاحقًا إلى باريسبفرنسا أين عاش قرابة 18 عامًا بها، وخلال هذه الفترة، تلقى التدريب في مدرسة المسرح الوطنية. زاول تعليمه الثانوي بمعهد التعليم الثانوي، وغادر إلى العاصمة في سن مبكرة (17 سنة) للالتحاق بالمسرح، شارك في تربص تكويني نظمه المسرح الوطني عام 1964 بسيدي فرج، حيث كان ضمن المشاركين ال40، قبل أن يلتحق بالمعهد الوطني للفنون الدرامية برج الكيفان عام 1965، ثمّ اشتغل كمدرّس إلى جانب الأستاذ «آلان فيتي»، وبالتزامن دعاه كاتب ياسين إلى المسرح الوطني لأداء أحد الأدوار في مسرحيتي «الخالدون» و»ما ينفع غير الصح» لمصطفى كاتب. كانت لأحمد بن عيسى تجارب مع حبيب رضا وعبد القادر سفيري، لينتقل في 1968 إلى الجامعة الدولية للمسرح بباريس نال خلال جائزة أحسن تمثيل في الجامعة عن دوره في عرض «المطرقة» ل «رامون لاميدا». من أعماله المسرحية بفرنسا «فاجعة الملك كريستوف» ل»جان مارك سيرو»، «الأسلاف يزدادون ضراوة» ل»كاتب ياسين»، «أنظر إلى الحيطان وهي تسقط» ل»جان لوي بريناتي». كما عمل كمساعد مخرج في عدة مسرحيات أخرى. لدى عودة بن عيسى إلى الجزائر سنة 1971، أمضى على أول عقد مع المسرح الوطني الجزائري مع رفيق دربه سيد أحمد أقومي، وأسهم تعامله مع كل من عبد القادر علولة، عز الدين مجوبي، الحاج عمر، محمد بودية، مصطفى كاتب، ولد عبد الرحمان كاكي، وياسين كاتب، في تشكيل وعيه المسرحي كممثل وكمخرج. من أعماله المسرحية بالجزائر «غرفتان ومطبخ» لعبد القادر سفيري، «132 سنة» لولد عبد الرحمان كاكي، «النقود الذهبية» لعبد القادر علولة. على مدار 50 عاما، تكلّل المسار الفني لأحمد بن عيسى بأزيد من 120 فيلم وعشرات المسرحيات، حيث أخرج عدة أعمال للمسرح الوطني الجزائري، مثل: ^ «الزيتونة» عن نص محمد بودية، «الطير الأخضر» لكارلو ڨودزي، «عجاجبية وعجائب» 1986، ^ «وصية دمنة» للأطفال (1994) وأعاد تقديمها في 2004، ^ «الثمن» (2000)^ «المغارة المنفجرة» (2007)، ^ «المفترسون» (2008)، ^ «الرتيلة» مع مسرح عنابة الجهوي ^ «نجمة»، و ^ «الحب المفقود» للمسرح الوطني الجزائري (2015). أما عن أدواره السينمائية فقد شارك أحمد بن عيسى في أعمال تلفزيونية وسينمائية كثيرة، مثل: ^ «كحلة وبيضا» ^ •«الانتحار»، ^ «أبواب الشمس»، ^ «دليس بالوما»، ^ «خارجون عن القانون»، ^ «الصوت الخفي» و ^ «الجزائر للأبد» (2015). وختم أحمد بن عيسى مسيرته الفنية بإخراج مسرحية ^ «ريح الحرور» (الفون) Le Foehn، من إنتاج مسرح تيزي وزو الجهوي (نوفمبر 2017) عن تراجيديا كتبها الأديب الراحل مولود معمري، سنة 1957، علما أنّ أحمد بن عيسى عايش إنتاج المسرحية ذاتها «الريح» على خشبة المسرح الوطني الجزائري عام 1967.