الفصل بين المال والسياسة ومحاربة الفساد والمحسوبية والمحاباة ديناميكية قوية نحو التغيير الديمقراطي البناء ورد الاعتبار للطاقات التحرّي في مظاهر الثراء غير المشروع لدى الموظفين العموميين يؤكد مختصون سياسيون واقتصاديون، أنّ السّلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، التي نصبها مؤخرا الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، في إطار تنفيذ رؤية والتزامات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، تنتظرها مهام واسعة وتحدّيات كبيرة، في ظلّ الديناميكية التي تشهدها البلاد نحو التغيير الديمقراطي البناء، واستكمال مسار الإصلاحات الكبرى لبناء الجزائر الجديدة وتكريس مبادئ الشفافية والنزاهة والحكم الراشد ودولة الحق والقانون. يقع على عاتق الهيئة الجديدة لمحاربة الفساد، حفظ الحقوق والرقابة على المال العام وإرساء الصفقات على من يستحقها، بشرط أن تفعل عملها بشكل جدي وصارم ودون هوادة وبسرعة كبيرة. في الموضوع، أكّد الأستاذ في العلاقات السياسية ورجل القانون مخلوف ساحل، في تصريح ل«الشعب"، أن موضوع أخلقة الحياة السياسية والحياة العامة وتعزيز الحكم الراشد في الجزائر، يعدّ من بين التعهدات الانتخابية التي تقدم بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في برنامجه الانتخابي، حيث يندرج ضمن التعهد الرابع، والذي يتم عن طريق الفصل بين مسألة المال والسياسة والرقابة الصارمة، للتمويل السياسي ومحاربة الفساد والمحسوبية والمحاباة وجعل الكفاءة معيارا أساسيا في الاختيار والتعيين في وظائف الدولة المختلفة. وأضاف ساحل، "يكرس هذا التعهد من خلال وضع آليات لضمان نزاهة الموظفين العموميين، وكذا المساءلة والمحاسبة أمام هيئات الرقابة والمواطن، وتأكيد أيضا على الشفافية في إدارة المال العام، وكذا وضع آليات نجاعة القرار والنشاط العام، ومتابعتهما والإجراءات المتعلقة بإدارة الأموال العامة". وأبرز المختص القانوني، أنّ تعديل دستور نوفمبر، تضمن بدوره حيّزا مهمّا لموضوع مكافحة الفساد والوقاية منه، خاصة أن التعديل الدستوري، شكّل حجر الزاوية في سياق تشييد وبناء الجمهورية الجديدة، موضحا أنّ موضوع مكافحة الفساد والذي شكّل موضوعا أساسيا خلال تعديل نوفمبر، تضمّن استحداث السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته. كما أشار المحلّل، إلى أنّ الجزائر تشهد ديناميكية قوية نحو التغيير الديمقراطي البناء، وذلك منذ انتخاب الرئيس تبون، حيث باشر مسار إصلاحات كبرى وعميقة تضمنها برنامجه الانتخابي، الذي التزم به من أجل بناء الجزائر الجديدة، تتعزّز فيها مبادئ الشفافية والنزاهة والحكم الراشد، وتُكرّس فيها أيضا أسس دولة الحق والقانون. وفي هذا الإطار يقول ساحلي يندرج هذا التوجه المرتبط بأخلقة الحياة العامة والحياة السياسية، وهو ما لمسناه من خلال التنصيب الرسمي لرئيسة وأعضاء السلطة العليا للوقاية من الفساد خلال الأيام القليلة الماضية، وهو تأكيد على ضرورة مواصلة أخلقة الحياة العامة، وتعزيز منطق المساءلة والمحاسبة، مع ضرورة وإلزامية وأهمية المضي قدما قي مسار فصل المال بكل أشكاله عن السياسة، قصد إبعاد نفوذه عن كل ما له علاقة أيضا بإدارة وتسيير الشأن العام. في ذات السياق، أشار الأستاذ في كلية العلوم السياسية، إلى ما جاء به القانون رقم22- 08 الصادر في 5 ماي 2022، الذي يحدد تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، وكذا ما يفيد تشكيلها وصلاحيتها، حيث شدد على أن هذا القانون خوّل للسلطة صلاحيات كبيرة ومهمة لا تقل عن الصلاحيات الدستورية في مسألة التحري المالي والإداري، في مظاهر الثراء غير المشروع لدى الموظفين العموميين. وثمن ذات المتحدث، الإرادة السياسية التي ارتأت ضرورة توسيع تشكيلة مجلس السلطة، لتشمل إلى جانب القضاة والشخصيات الوطنية، ممثلين عن المجتمع المدني وذلك بالنظر للدور الذي يمكن أن تؤديه مختلف مكونات المجتمع المدني، كمساهم أساسي وفعال في مكافحة الفساد والوقاية منه، متحدثا في السياق عن خبرة وكفاءة رئيسة السلطة، باعتبارها أستاذة جامعية، وكانت قد تقلدت مناصب هامّة إلى جانب كل أعضاء هذه السلطة، وهو ما من شأنه المساهمة قي تحقيق الأهداف المرجوة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته. ولأنّ سلطة الشفافية لا يقتصر دورها على مجال واحد، فهي تعتبر أداة من أدوات تحقيق النجاعة الاقتصادية، وفق ما يشير إليه الأستاذ في الاقتصاد عبد الرحمان مساهل، حيث أكد أن سلطة الشفافية ومكافحة الفساد، أمر إيجابي بالنسبة للاقتصاد، فهي تساعد على حفظ الحقوق والرقابة على المال العام وإرساء الصفقات على من يستحقها. وأبرز المحلل الاقتصادي، في اتصال مع "الشعب"، أن "الفساد يقضي على المبادرات والاستثمار الحقيقي، وعلى مبدإ النزاهة والمنافسة الشريفة التي هي عماد الاقتصاد، فضلا عن أنه يساهم في إرساء الرداءة والقضاء على الجودة الاقتصادية، ليشير إلى أن تعيين سلطة وطنية للشفافية ومكافحة الفساد، أمر إيجابي من الناحية الاقتصادية، ولكن بشرط أن تفعل عملها بشكل جدي وصارم ودون هوادة وبسرعة كبيرة. وعبّر المتحدث عن تفاؤله بهذه السلطة التي تضمّ ضمن طاقمها وفقا له البروفيسور قدي عبد المجيد، وهو غني عن التعريف واقتصادي بارز، وهذا في انتظار تمثيل الاقتصاديين في هذه الهيئة، لأنها سوف تعالج قضايا ومشاكل ذات بعد اقتصادي، وعلى رأسها الرشوة والفساد المالي والضبابية في منح الصفقات والتوظيف والمسابقات والاحتكار والمضاربة غير المشروعة والثراء غير المشروع وغيرها.