معايير بيداغوجية جديدة لإنجاح استقبال 11 مليون تلميذ قررت وزارة التربية الوطنية الاستجابة لمقترح العودة إلى نظام التمدرس العادي الذي يضم أفواجا تربوية بتعداد كامل خلال الدخول المدرسي المقرر يوم 21 سبتمبر الجاري، مما يستوجب اعتماد العديد من المعايير البيداغوجية لإنجاح تمدرس التلاميذ ومواجهة أزمة الاكتظاظ في المدارس التي ستستقبل قرابة 11 مليون تلميذ. ثمن فاعلون في قطاع التربية قرار وزارة التربية الوطنية القاضي بالغاء العمل بنظام التفويج الاستثنائي بعد اللجوء إليه كإجراء وقائي للحد من انتشار وباء كورونا في الوسط المدرسي، وقد كان القرار متوقعا - بحسبهم - وذلك بعد استشارة الشركاء الاجتماعيين من تنظيمات وطنية لأولياء التلاميذ ونقابات. قرار بحاجة إلى إجراءات عملية في هذا الصدد، قال عضو مجلس وطني لتنسيقية التعليم الابتدائي الأستاذ رضوان بسيكري، إن قرار العودة لنظام التمدرس العادي صائب وبحاجة إلى بعض الإجراءات العملية من أجل إنجاح تمدرس التلاميذ، خاصة في المدارس التي تعاني أزمة اكتظاظ، حيث يجب اتخاذ مجموعة من التدابير لمجابهة المشكل، بالإضافة إلى وضع رزنامة مدرسية حسب خصوصية كل مؤسسة تعليمية، لاسيما المدارس التي تعتمد نظام الدوامين. أضاف أيضا « المؤكد أن الكل يحرص على التحضير الجيد للدخول المدرسي المقبل من جميع جوانبه، سواء في الجانب البيداغوجي او الصحي»، غير أن هذا لا يمنع من أن نظام التفويج المعتمد طيلة موسمين دراسيين له إيجابيات تتعلق بالقضاء على الاكتظاظ الحاصل في أغلب المؤسسات لاسيما الحضرية منها، وكذا تخفيف البرامج التربوية والاكتفاء بالأساسية منها وتخفيض الحجم الساعي لجميع المواد التعليمية. في المقابل، هناك سلبيات عديدة كاستحالة إتمام البرامج وعدم تمكن أغلب الأساتذة من تسيير زمن الحصص المخفض، وكذلك تراجع مستوى التلاميذ خاصة في المدارس التي تعمل بنظام الدوامين، بالإضافة لعدم وجود تكافؤ الفرص بين الأساتذة في توقيت العمل. وعليه، فإن العودة لنظام التمدرس العادي بات ضرورة حتمية مع تحسن الوضع الصحي في البلاد، إلا أنه يستوجب مجموعة من الحلول من أجل القضاء على النقص في المؤسسات التربوية والأقسام البيداغوجية، إضافة إلى النقص الكبير في الأساتذة في ظل تزايد عدد التلاميذ كل سنة. ضمان سيرورة البرامج بدوره الأستاذ بلال تلمساني، قال إن العودة لنظام التمدرس العادي يضمن السيرورة العادية للبرامج والأداء الجيد للتلميذ الذي كان ضحية نقص التعليمات الأساسية، بسبب وضع فرضته الأزمة الصحية، غير أن الوزارة يجب أن تستفيد من الأثر السلبي لنظام التفويج خاصة ما يتعلق ببطء التقدم في الدروس وإشكالية عدم استمرارية تقديم التعلمات بالنسبة للتلميذ والذي أصبح يدرس بصفة متقطعة وهذا يؤثر في نسق الدروس، حيث أصبح التلاميذ يدرسون تقريبا نصف الحجم الساعي. كما صرح أيضا أن العودة إلى نظام التدريس العادي يقتضي معالجة مشكل الاكتظاظ من خلال بناء مدارس وفتح مسابقات لتوظيف أساتذة يوافق عدد التلاميذ المتنامي نتيجة التركيبة الشبابية للمجتمع الجزائري، لذا فان تعديد الايجابيات والسلبيات يحتاج من الفاعلين في القطاع إيجاد آلية لمعالجة النقائص وتثمين المكتسبات بالمحافظة عليها. العودة لن تكون سهلة من جهته، الأستاذ لمونس حكيم قال إنه بعد مرور أكثر من ثلاثة مواسم دراسية على تطبيق نظام التفويج في المؤسسات التعليمية كإجراء وقائي، قررت الوصاية العودة إلى نظام التدريس العادي وتباينت الآراء في الساحة التربوية بين مؤيد لنظام التفويج ورافض له، خاصة في المراحل التعليمية المتوسط والثانوي حيث كانت النتائج احسن، ما يدل أن العودة لن تكون سهلة لاسيما مع التعود على نظام التفويج وقلة عدد التلاميذ في القسم وتقليص الحجم الساعي، مما يجعل السلطات في مواجهة مشكل الاكتظاظ .في هذا الصدد، صرح أن العودة للدراسة العادية ضرورية، لكن هذا لا يلغي إيجابيات نظام التفويج وهي كثيرة، التخلص من كثافة الفصول الدراسية والجلوس الفردي وزيادة الفهم والاستيعاب لدي التلاميذ من خلال الهدوء الذي يشبع حاجة المشاركة في النشاطات التي يقرها الأستاذ داخل القسم وكذا سهولة تقديم التعلمات نظرا إلى قلة عدد التلاميذ في الفوج الواحد، لأن الأستاذ الذي يشتغل بين الحين والآخر في ضبط الصف لا تكون له الأريحية في الأداء. من الإيجابيات المسجلة أيضا-يضيف الأستاذ- سهولة المراجعة ومسألة تحضير الدروس وانجاز الواجبات المنزلية وهذه المسائل مرتبطة بمسائل أخرى منها مطالبة التلميذ بإنجازات كثيرة خارج المدرسة والتي تتطلب منه وقتا والوقت غير متاح بحجم ساعي كبير كما في نظام التدريس العادي. إن نظام التفويج منح وقتا للتلميذ والوقت له دلالة عميقة لدى المربي فحين يجد التلميذ الوقت الكافي لاسترجاع أنفاسه وفسحة لاستجماع قواه من أجل التمكن من السيطرة على مجريات حياته التعليمية سواء بالبيت أو بالمدرسة سوف يتمكن من صناعة نجاحه. وأضاف في ذات السياق، أن كثافة الحجم الساعي وضغط البرنامج الدراسي يحد من حرية الأستاذ والتلميذ، فالمتمدرس بحاجة إلى الترويح عن نفسه وبناء الصداقات وممارسة الهوايات وغير ذلك من الأمور التي تجعل منه مقبلا على تحقيق أهدافه وإشباع حاجاته، وهذا لا يمنع من تسجيل بعض السلبيات لنظام التفويج منها : ثقل المحفظة، ضغط المحتويات، الاختصار في شرح الدرس، كثرة تتابع الدروس . لذا فإن العودة لنظام التدريس العادي أمر ضروري ويحتاج إلى التفكير بعمق في استغلال نقائص نظام التفويج في مقدمتها تخفيف البرامج والحجم الساعي وهما المطلبين الأساسيين التي طالبت التنسيقية بهما في مختلف المحطات، من أجل إنجاح الموسم الدراسي.