مراجعة النقطة الاستدلالية بعد 14 سنة من الانتظار منح للعائلات المعوزّة وأخرى في عز «جائحة كوفيد» إدماج 300 ألف موظف ب1541 بلدية لم تعد الزيادات في الأجور ومسعى تحسين القدرة الشرائية للمواطن مجرد خطابات ووعود، بعد أن جسّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على أرض الواقع، التزامه التاسع والعشرين من بين أربعة وخمسين تعهدا خلال حملته الانتخابية، والقاضي برفع ودعم القدرة الشرائية للمواطن، من خلال ضمان دخل لائق للمواطن عبر مراجعة الحد الأدنى للأجر المضمون والإعفاء الضريبي التام للمداخيل المنخفضة. فشهدت الجزائر، ولأول مرة، أربع زيادات في الأجور خلال 24 شهرا فقط، في انتظار الزيادة الخامسة خلال عام 2023 بعد أن قرر الرئيس تبون إدراج مراجعة منحة البطالة وأجور العمال ومنح المتقاعدين في قانون المالية 2023. في أجندة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، التزامات عديدة تعهد بها خلال حملته الانتخابية، منها ما يتسم بطابع الاستعجال ومنها ما يتطلب التريث والصبر على المستجدات الاقتصادية على وجه الخصوص. فالرئيس تبون فتح الباب على مصراعيه للاستماع للمواطن والتكفل بانشغالاته من خلال استحداث هيئات تنظيمية تسهر على ضمان بلوغ صوت المواطن لأعلى هرم في السلطة. التكفل بالانشغال الأكبر للمواطن تمثل في سلسلة من الزيادات في الأجور والمنح التي أقرها رئيس الجمهورية خلال 24 شهرا فقط عقب انتخابه رئيسا للبلاد، وهي الزيادات التي جاءت في وقت عانت فيه اقتصاديات الدول من تداعيات الأزمة الصحية التي كبحت النمو الاقتصادي وفرضت شللا على الوظائف ومختلف الخدمات. زيادات ومنح وفي الوقت الذي هوت فيه أسعار النفط لأدنى مستوياتها التاريخية، وهي التي تمثل المورد الرئيس لمداخيل الخزينة العمومية، خرج الرئيس تبون بقرار هو الأول من نوعه منذ ثماني سنوات، تمثل في زيادة الحد الأدنى للأجر المضمون من 18 ألف دينار جزائري، إلى 20 ألف دينار جزائري؛ قرار أتى على ضوء أوضاع اقتصادية صعبة، زادتها تداعيات الوباء الذي كرست فيه الحكومة الطابع الاجتماعي للدولة، من خلال منح قدرها 10 آلاف دينار جزائري لدعم العائلات المعوزة. وبالإضافة إلى هذا، قدمت الحكومة منحا معتبرة للمنتسبين لقطاع الصحة في إطار دعم جهود مكافحة الوباء، بلغت 120 ألف دينار جزائري للأطباء و60 ألف دينار للممرضين كل ثلاثة أشهر، لازالت سارية الى غاية اليوم. كما سهرت الحكومة على دعم وتعويض أصحاب الحرف والتجار والناشطين في قطاع الخدمات التي تأثرت بإجراءات الغلق لمكافحة انتشار الجائحة. إعفاء من الضرائب وضمن مخطط إصلاح شامل لنظام الضريبة على الدخل الإجمالي من أجل التخفيف من الضغط الجبائي على عائدات الأسر، وفي إطار قانون المالية لسنة 2022، تقرر إعفاء كل من يقل دخله الشهري عن 30 ألف دينار جزائري من الضريبة على الدخل الإجمالي. كما شهد قانون المالية لنفس السنة، سلّما جديدا لنظام الضريبة على الدخل الإجمالي والتي تم تخفيضها بشكل متفاوت حسب درجات الموظفين والأجراء، وهو القرار الذي ساهم في زيادة الأجور للمرة الثالثة بعد رفع الحد الأدنى للأجر المضمون، والإعفاء الكلي من الضريبة على الدخل الإجمالي التي مست الفئة التي تتقاضى أقل من 30 ألف دينار. ومنذ أزيد من 14 سنة لم تتجرأ أيّ من الحكومات السابقة على فتح النقاش حول النقطة الاستدلالية في سلم الأجور، وانحصرت المطالب في وقت سابق حول رفع المنح وإصلاح نظام الضريبة على الدخل وتخفيف الضغط الجبائي على الأسر، ليكون قرار مراجعة النقطة الاستدلالية بمبادرة من طرف الحكومة وعلى لسان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي كشف في إحدى خرجاته الإعلامية عن نية الحكومة في مراجعة النقطة الاستدلالية وهو ما تم تجسيده على أرض الواقع في غضون أشهر قليلة بعد خرجة الرئيس تبون. رفع النقطة الاستدلالية وفي تصريحات إعلامية سابقة، أوضحت مديرة أنظمة الرواتب بالمديرية العامة للميزانية، التابعة لوزارة المالية، نصيرة موساوي، أنّ «رفع النقطة الاستدلالية يتعلق بالزيادة في الشبكة الاستدلالية للمرتبات والتي تخص زيادة عمودية في الرقم الاستدلالي الأدنى لكل صنف، بالإضافة إلى زيادة أفقية تخصّ الزيادة الاستدلالية للدرجات». وأكد نفس المصدر، أنه عند إضافة 50 نقطة في الرقم الاستدلالي للراتب الرئيسي، والزيادة في الدرجات التي تبلغ حتى 30 نقطة، فإنّ الزيادة ستكون بمجموع 80 نقطة مضروبة في قيمة النقطة الاستدلالية (45 ديناراً)، فإذا كانت الزيادة ب3 آلاف دينار في الراتب الرئيسي مثلاً، فسُيضاف لها مجموع زيادة ب65٪ في الأجر، والتي تمثّل قيمة العلاوات والتعويضات المحسوبة بنسبة مئوية من الراتب الرئيسي». ومست الزيادة الرابعة في الأجور من خلال رفع النقطة الاستدلالية في قطاع الوظيف العمومي، أكثر من 2.7 مليون موظف وعون متعاقد. وتشير إحصائيات رسمية، بحسب موقع الإذاعة الوطنية، إلى أن الأثر المالي لهذه الزيادات يقدّر بحوالي 220 مليار دينار جزائري سنوياً. وبحسب نفس المصدر، فإنّ خفض الضريبة على الدخل الإجمالي، يكلّف الخزينة العمومية 180 مليار دينار جزائري سنوياً، لتقدّر الزيادة السنوية في الأجور بشكل إجمالي ب400 مليار دينار جزائري في 2022. منحة البطالة... الاستثناء وشكلّت الجزائر الاستثناء وكتبت تاريخها كأول دولة تُقرّ منحة للبطالين تقدّر ب13 ألف دينار جزائري لفائدة الشباب العاطل عن العمل وفق شروط معينة، في سابقة لم تعهدها الدول الإفريقية والعربية، رغم الأريحية المالية التي تتمتع بها بعض هذه الدول مقارنة بالجزائر. وتمضي الجزائر قُدُما في تكريس سياستها الاجتماعية من خلال دعم العديد من المنتجات الاستهلاكية وبعض الخدمات، حتى في الوقت الذي يشهد فيه العالم تضخما في الأسعار بفعل تداعيات جائحة كوفيد-19، زادتها التوترات الجيوسياسية التي أدت الى زيادات قياسية في أسعار المواد الغذائية الأساسية، وهي الزيادات التي تحملتها الخزينة العمومية حفاظا على القدرة الشرائية للمواطن في المواد الأساسية على وجه الخصوص. ولأن الحديث عن الزيادات في الأجور يقودنا للحديث عن مناصب الشغل وامتصاص البطالة، كان لابد من التنويه لعملية إدماج المستفيدين من أجهزة المساعدة على الإدماج المهني والإدماج الاجتماعي لحاملي الشهادات، والتي عرفت هذه السنة، بحسب وزير الداخلية كمال بلجود، في تصريح له جوان الماضي، إدماج 300 ألف موظف بين عون وإطار وهذا على مستوى 1541 بلدية.