«تقنين» الزيادة في الأجور ومعاشات المتقاعدين ومنحة البطالين يكتسي اجتماع مجلس الوزراء الذي ينعقد، اليوم، برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أهمية كبيرة على عدة أصعدة، كما يحظى باهتمام الجبهة الاجتماعية وعدة قطاعات حيوية، على خلفية دراسته لسلسلة من النصوص التشريعية المهمة، التي من شأنها مواصلة تقوية وتعميق الإصلاحات على صعيد الترسانة القانونية. ويتصدر هذه القوانين، مشروع قانون المالية لعام 2023، الذي سيكرس العديد من المكاسب للطبقة الشغيلة على وجه الخصوص، من بينها الزيادة المرتقبة في الأجور والمنح، حيث يهدف كذلك في العمق إلى تحسين القدرة الشرائية واستكمال المشاريع وتسريع قاطرة التنمية الاقتصادية التي بدأت بتعديلات في قانون الاستثمار. يأتي الاجتماع الذي يتسم بالخصوصية، مباشرة بعد الدخول الاجتماعي والمدرسي، لمواصلة تعبيد مسار الإصلاحات في ظل تحديات داخلية وخارجية مازالت قائمة، وفي ظل تسجيل عدة مؤشرات إيجابية، تبعث على التفاؤل منها ارتفاع قيمة الدينار وكذا انتعاش احتياطي الصرف بفضل ارتفاع أسعار النفط والغاز. وبالحديث عن مشروع قانون المالية لسنة 2023، وصف الخبراء هذا المشروع التمهيدي بالاستثنائي، بالنظر إلى تغير الظرف الاقتصادي إلى الأحسن، بعد انقشاع قيود الجائحة، يقابله التزام رئيس الجمهورية بتكريس المزيد من التحسين والترقية للقدرة الشرائية للجزائريين، كما يتطلع إلى استئناف العديد من المشاريع التنموية المحلية، والتي ستحقق المزيد من الحركية للاقتصاد الوطني. وعلى اعتبار أن الخبراء وصفوا المؤشرات الاقتصادية الكلية بالإيجابية والمهمة للاقتصاد الوطني، الذي تمكن من رفع حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات بشكل لافت، وكل ذلك من شأن أثره أن ينعكس على التنمية المحلية والاقتصاد الوطني بشكل عام، وبالتالي على حياة المواطن. ولعل من المشاريع التي ستحظى بالدراسة في مجلس الوزراء، المشروع التمهيدي لقانون قمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج. علما أنه مشروع واعد ومهم، كونه يتمثل في مشروع إطار قانوني جديد، يمنح الأولوية من أجل تحصيل الأموال الناتجة عن هذه المخالفات والمحافظة على مصالح الخزينة العمومية، عبر تشجيع اللجوء إلى آليات التسوية الودية، وهذا ينتظر منه الكثير في تفعيل عملية التحصيل وتسريعها وكذا تعميق وتوسيع نطاق شفافيتها مما يضاعف من الأموال المحصلة لفائدة الخزينة العمومية. بالموازاة مع ذلك، فإن قطاع التعليم العالي حاضر ضمن العروض التي ستحظى بالدراسة في مجلس الوزراء، بالنظر للاهتمام الذي يوليه الرئيس للجامعة؛ الجسر المتين لسوق العمل، ومن ثم تكوين إطارات الغد، أي كل ما تحتاجه المنظومة الجامعية من الركائز لتحقيق الوثبة المنشودة، حيث يتطلع لبلوغ مستوى نوعي في التكوين بمعايير عالية، والتي دون شك لن تتجسد من دون حوكمة وتعزيز خارطة التكوين الجامعي. من بين القطاعات التي ستكون لها عروض دقيقة ومستفيضة، قطاعات النقل والأشغال العمومية والفلاحة، كونها قطاعات استراتيجية تتواجد في قلب الاقتصاد الوطني، ولأن قطاع النقل والأشغال العمومية يندرجان ضمن الهياكل القاعدية التي تمثل مفاتيح جذب للاستثمار وترقية الآلة الإنتاجية وتكثيف إنشاء المؤسسات المنتجة بما ينعكس على إنعاش السياحة وتحسين حياة الجزائريين عبر تسهيل عملية تنقلهم. بدوره قطاع الفلاحة، أحد أهم القطاعات التي ينتظر منها الكثير، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير إلى أسواق خارجية، سيتم تناوله بالعرض حيث يحظى باهتمام رئيس الجمهورية، علما أن الدخول الاجتماعي انطلق ونقترب شيئا فشيئا من موسم جديد للحرث والزرع.