نجحت الجزائر، في توحيد كلمة ومواقف قادة الدول العربية، بخصوص الملفات والقضايا المصيرية المطروحة على اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في دورته 31، التي احتضنته الجزائر، يومي 1 و2 نوفمبر. أبان القادة العرب في أشغال اليوم الثاني والأخير من قمة الجزائر، عن موقف واحد يدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ويفضل خيار الحل السلمي للأزمات السياسية في كل من اليمن وسوريا والسودان وليبيا، ويشجع التكامل الاقتصادي لتحقيق الأمن الغذائي ومجابهة التحديات الاقتصادية والرهانات العالمية. الرئيس الفلسطيني: تشكيل لجنتين لدعم فلسطين قانونيا وسياسيا طالب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمس، القمة العربية بتشكيل لجنتين واحدة عربية لتنفيذ مبادرة السلام العربية ومساعدة فلسطين على الحصول على العضوية الدائمة في الأممالمتحدة، وأخرى قانونية تتابع الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني جراء إصدار وعد بلفور. وقال في كلمته، نتطلع إلى إصدار القمة العربية قرارا يقضي بتشكيل لجنة وزارية عربية للتحرك على المستوى الدولي، لفضح ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتنفيذ مبادرة السلام العربية، ونيل المزيد من اعتراف الدول الأوروبية بدولة فلسطين، والحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، ومنع نقل سفارات الدول إلى القدس، وعقد مؤتمر دولي للسلام على قاعدة الشرعية الدولية، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2334، والقرارين 181 و194، وهما القراران اللذان كانا شرطين لقبول عضوية الكيان الصهيوني في الأممالمتحدة، واللذان لم تلتزم بهما. وأضاف "نتطلع إلى دعمكم لتشكيل لجنة قانونية لمتابعة الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني جراء إصدار الحكومة البريطانية وعد بلفور في عام 1917، وصك الانتداب، بالتعاون مع الولاياتالمتحدة الأميركية، وتداعيات ذلك على الشعب الفلسطيني، وارتكاب الكيان الصهيوني أكثر من 50 مذبحة خلال وبعد نكبة عام 1948، وما تلا ذلك من تدمير ونهب لأكثر من 500 قرية فلسطينية". وأكد الرئيس الفلسطيني، أن الجرائم لا تسقط بالتقادم، لذلك طالب جميع الأطراف التي ارتكبت هذه الجرائم، بالاعتراف بما اقترفته، والاعتذار عنها، وجبر الضرر، مشيرا إلى أن هذا اليوم يصادف مرور 105 أعوام على صدور وعد بلفور المشؤوم، وما زالت تداعياته قائمة إلى يومنا هذا. وختم يقول: "الشعب الفلسطيني، وهو يواجه المحتل وسياساته العنصرية بكل صمودٍ وتحدٍّ، ينتظر من أشقائه أن يواصلوا وقوفهم معه اليوم من خلال تفعيل قرارات القمم العربية السابقة بشأن الدعم المالي لموازنة دولة فلسطين، وتفعيل شبكة الأمان العربية التي أُقرّت سابقا، مؤكدين أهمية تنفيذ قرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول توفير الدعم لمدينة القدس وصمود أهلها، بشكل مؤثر وهي تتعرض لأشرس حملة إسرائيلية لتهويدها وتغيير معالمها الفلسطينية العربية والإسلامية". الرئيس المصري: تبنّي مقاربة شاملة لمواجهة الأزمات دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تبني مقاربة مشتركة وشاملة تهدف إلى تعزيز القدرات الجماعية على مواجهة مختلف الأزمات التي تواجهها الدول العربية، استنادا على أسس واضحة تقوم على تكريس مفهوم الوطن العربي الجامع والدولة الوطنية ودعم دور مؤسساتها الدستورية. واعتبر السيسي، خلال جلسة علنية في أشغال اليوم الثاني لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، ضمان قوة وحدة الصف العربي "خطوة أساسية" على صعيد تأسيس علاقات جوار إقليمي مستقيمة تستند إلى مبادئ غير قابلة للمساومة وملزمة للجميع، وهي احترام استقلال وسيادة وعروبة دولنا، وتحقيق المنفعة المتبادلة، وحسن الجوار والامتناع الكامل عن التدخل في الشؤون العربية. وأوضح أن تكامل القدرات المتباينة للدول العربية، تقتضي إنشاء منظومة صلبة قادرة على مواجهة التحديات المشتركة، والأزمات الدولية المستجدة بما في ذلك أزمتي الطاقة والغذاء، لتوفير الحماية من الاستقطاب الدولي الذي أخذ مثلما قال "في التصاعد في الفترة الأخيرة" وباتت تبعاته السلبية تؤثر على التناول الدولي لأزمات منطقتنا العربية. وأكد السيسي أن المضي قدما على طريق اللحاق بركب التقدم والتنمية، يتطلب العمل الجاد على تسوية مختلف أزمات العالم العربي على رأسها القضية الفلسطينية، متمسكا بالمبادرة العربية للسلام للوصول إلى الحل العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ومبدإ الأرض مقابل السلام، وبما يكفل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعيد للفلسطينيين وطنهم، وتسمح بعودة اللاجئين بما يتسق مع مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية. أما بخصوص الأزمة في ليبيا، عبر عن رغبة بلاده في دعم المساعي الحالية في ليبيا للتوصل في أسرع وقت إلى تسوية سياسية بقيادة وملكية ليبية خالصة دون إملاءات خارجية، وصولا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، واحترام مؤسسات الدولة وصلاحياتها بمقتضى الاتفاقات المبرمة، وتنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية في مدى زمني محدد، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة الليبية، بما يحول دون تجدد المواجهات العسكرية ويعيد للبلاد وحدتها وسيادتها واستقرارها. الرئيس العراقي: قمة الجزائر منطلقا للعمل العربي المشترك عبر الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، عن أمله في أن تكون قمة الجزائر منطلقا للعمل العربي المشترك. وقال الرئيس العراقي إن القمة العربية بحاجة إلى تفاهم بناء، يعزز الأمن والاستقرار والمصالح العليا للدول العربية في ظل لحظة دولية فارقة. وأوضح أن تحقيق هذه التفاهمات سيجعل المنطقة العربية أكثر قدرة على مجابهة التحديات والمخاطر الدولية الراهنة. وكانت مواقف بلاده بشأن القضايا السياسية، مطابقة لموقف الدول العربية المشاركة في أشغال القمة العربية في دورتها 31 بالجزائر، حيث أكد تمسك بلاده بموقفه الداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على كامل ترابه وعاصمتها القدس. ودعا الرئيس العراقي إلى حل سياسي ينهي الحرب في اليمن ويخدم تطلعات الشعب السوداني، ويحفظ سيادة سوريا، على كامل أراضيها، مشددا على ضرورة استكمال المحادثات السياسية بين مختلف الأطراف في سوريا، كما جدد دعم بلاده للأشقاء في لبنان لتجاوز الأزمة السياسية والاقتصادية. وفي حديثه عن بلده، قال "إن العراق خاض حربا ضروسا ضد الإرهاب ومستمر في ملاحقة خلاياه، وأمامه تحديات كبيرة للإصلاح ومواجهة الفساد"، مؤكدا "سعي بلاده بعد سنوات الفوضى ليكون مصدرا للاستقرار في المنطقة"، وهو ما يستدعي دعم الدول العربية لبلاده من خلال تحقيق التعاون في مختلف المجالات. الرئيس الموريتاني: العمل الجاد لتحقيق شعار قمة الجزائر أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، أن القمة العربية بالجزائر، تنعقد في ظروف استثنائية تتزاحم فيها أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية، وخطر متنامي للإرهاب، وركود اقتصادي، يهدد كيانات العديد من الدول، وأمنها واستقرار، ما يفرض تعزيز قدرات صمود الدول العربية، والتكيف الناجع والفعال مع التغيرات الجيو استراتيجية، ومضاعفة الجهود لتكثيف التنسيق والتعاون، وهو ما يتطلب العمل الجاد على تحقيق الأمن والسلام وتقوية الإخوة والتعاضد عملا بشعار القمة. وشدد الغزواني في كلمته أمام القمة العربية31 المنعقدة في الجزائر، على أن القضية المركزية للدول العربية هي قضية فلسطينالمحتلة، مؤكدا تمسك بلاده بضرورة إيجاد حل دائم وسريع وعادل يضمن حق الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية طبقا لمبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ومبادرة السلام العربية. أما بخصوص الأزمات في كل من ليبيا واليمن وسوريا، فدعا إلى إيجاد حلول سلمية للنزاعات المسلحة على نحو يضمن وحدة وسلامة أراضيهم وحق شعوبها في التمتع بالاستقرار والأمن والنماء. ولفت إلى أنه بدون الأمن والاستقرار في كامل الفضاء العربي لن نصل بالعمل العربي المشترك إلى المستوى الذي تطّلع إليه الشعوب، كما شدد على ضرورة تكثيف التنسيق في إطار مكافحة الإرهاب والتطرف لمواجهة سائر نزاعات بث الفرقة والتعصب الطائفي، وكل ما من شأنه أن يطال السكينة والاستقرار عمومًا على ربوع الوطن العربي. رئيس جمهورية جيبوتي: قمة الجزائر مفصلية اعتبر رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلة، قمة الجزائر مرحلة مفصلية بالنظر لما يتمتع به الأشقاء في الجزائر من حنكة وحكمة تمكنهم من تحقيق الأهداف المنشودة. وأبرز في مداخلته التحديات الجسام التي تواجه الدول العربية والتي لا تهدد حسبه التنمية فقط، بل وجود الدول، ما يضاعف المسؤولية للتصدي للمخاطر المتصاعدة، ولا يتم هذا إلا من خلال التحلي بالروح الجماعية وبناء مستقبل أفضل يلبي طموحات الشعوب العربية ويقطع تدخلات الخارج في الشؤون الداخلية لبلدانهم. وأشاد الرئيس الجيبوتي بحرص الجزائر على الدفاع عن القضايا العربية، آخرها لمّ شمل الفصائل الفلسطينية، التي توج بتوقيع اتفاق الجزائر لإنهاء الانقسام، معتبرا إياه "خطوة هامة" في طريق الوحدة الفلسطينية وترسيخ المشروع الوطني لتحقيق طموح الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس. وتأسف للوضع المتدهور في اليمن، وعدم تمديد الهدنة في ظل الأوضاع الصعبة، معلنا مساندة بلاده الحكومة الشرعية، ودعمه مسائل إنهاء الصراع على أساس مرجعيات المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني بما يضمن وحدة اليمن واستقرارها وسيادته وسلامة أراضيها. ودعا بخصوص القضية الليبية إلى أهمية الوصول إلى تسوية سياسية يتفق عليها الليبيون، مطالبا الانخراط في حوار شامل لتجاوز المأزق الحالي وتلبية تطلعات الشعب الليبي، في حين أشاد بجهود الحكومة الصومالية في مجال إرساء مؤسسات الدولة ومكافحة الإرهاب، ونوه بالإنجازات التي تحققت ودعا إلى تقديم الدعم والعون في هذه المرحلة التاريخية الفارقة. وأعلن دعم بلاده للسودان لتمكين القوة السياسية والمجتمعية من الوصول إلى وفاق يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية، تهيئ لتنظيم الانتخابات وإنهاء الفترة الانتقالية. الرئيس الصومالي: مكافحة الإرهاب يستدعي دعم مالي ركز الرئيس الصومالي حسن الشيخ المحمود في كلمته على وضع بلاده الصعب، وطالب قادة الدول العربية بمساعدة الصومال عن طريق إعفائها من الديون التي باتت تشكل كما قال "عائقا في إقامة الاستثمارات وخلق فرص العمل". وأبرز الرئيس الصومالي حاجة بلاده إلى دور الأشقاء في مسيرة إعفاء الديون، سواء العربية أو الأجنبية ودعا قادة الدول العربية إلى التواصل مع الدول التي لها ديون لبلاده لإعفائهم منها، مشيرا إلى أن بلاده أجرت عدة إصلاحات في نظامها المالي ووضعت سياسات تتماشى مع المعايير المالية الدولية. وأكد حسن الشيخ محمود امتلاك بلاده الكثير من الثروات يمكن استغلالها لمواجهة تفاقم الأزمة الغذائية العالمية نتيجة الحرب الأوكرانية. وعرج الرئيس الصومالي على حجم المعاناة الناجمة عن الجفاف الحاد المستمر ل 5 مواسم، مما أدى إلى موت الماشية وتسبب في أزمة غذائية حادة، مشيرا إلى أن بلاده وفي إطار البحث عن الحلول، قامت بإنشاء وزارة تعنى بشؤون البيئة والتغير المناخي. وبخصوص إستراتيجية بلاده في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن، كشف عن إستراتيجية تتضمن 3 محاور، وهي المواجهة العسكرية والحرب الاقتصادية والحرب الفكرية، وهي الإستراتيجية التي تتطلب الكثير من الموارد، لتحقيق الأهداف المرجوة، وتحقيق صومالٍ خالٍ من الإرهاب يتمتع بالأمن والاستقرار، ومتصالح مع نفسه ومع العالم واستعادة دوره المعهود على المستوى العربي والإقليمي والدولي.