تسلمت الجزائر من تونس، أمس، رئاسة المؤتمر ال 3 للوزراء والقيادات المسؤولة عن التعليم والتدريب الفني والمهني في الوطن العربي، وستعمل رفقة الدول العربية، على وضع خطة عمل مشتركة، تدعم آليات مساهمة قطاع التكوين والتدريب الفني والمهني في سوق العمل، وتحديد سبل جذب مختلف فئات المجتمع نحو هذا القطاع، للمساهمة في اقتصاد التنمية وتحقيق التنمية المستدامة بالوطن العربي. أوضح وزير التكوين والتعليم المهنيين ياسين مرابي، في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال الدورة ال3 لوزراء والقيادات المسؤولة عن التعليم والتدريب الفني والمهني في الوطن العربي، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، أن استجابة الجزائر لتنظيم هذه الدورة، تعكس رغبتها في تكريس العمل العربي المشترك، الذي تم التأسيس له في مختلف مواثيق جامعة الدول العربية، لاسيما في القمة الأخيرة المنعقدة بأرضها غرة نوفمبر 2022 الفارط، والتي أكدت من خلال الإعلان المنبثق عنها، ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك لحماية الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل وكذا الالتزام بالمضي قدما في مسار تدعيمه وعصرنته والرقي به إلى مستوى تطلعات وطموحات الشعوب العربية، وفق نهج جديد يُؤازر الأُطر التقليدية ليضع في صلب أولوياته هموم وانشغالات المواطن العربي. واسترسل قائلا: وفق هذا المنظور، سعت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من خلال التأسيس لمؤتمر يجمع مختلف الوزراء والقيادات التي تُعنى بمجال التعليم والتدريب الفني والمهني في الوطن العربي، لتجسيده في الميدان، باعتباره إحدى دعائم الاقتصاديات الوطنية لهذه الدول، من خلال توفير الكفاءات والمؤهلات للعمال على الدوام، وتسهيل سبل الالتحاق بالتكوين لمختلف فئات المجتمع وتأهيلها لولوج عالم الشغل، بهدف تحقيق جودة التكوين في مختلف مساراته. وأكد مرابي، أن هذه الآلية المعتمدة من طرف منظمة «الألكسو»، تعد فضاء تشاركيا لتبادل الرؤى والتصورات حول المشاريع والإمكانات التي يتعين تسخيرها للتنمية الوطنية، نحو آفاق واعدة، بالاعتماد على مخرجات قطاع التعليم والتدريب الفني والمهني، وذلك بالرغم من تفاوت نسب تطور هذا القطاع بين مختلف الدول العربية. واعتبر إشكالية مواءمة التعليم والتدريب الفني والمهني مع سوق الشغل واستشراف مستقبل الاقتصاد الأخضر والرقمنة، نموذجا حديثا يعتمد عليه في اقتصاد التنمية على المستوى العالمي، وتحسين حالة الرفاه البشري والإنصاف الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة، بالإضافة إلى عصرنة طرق التسيير في كافة المجالات. وأشار إلى أن تدارس ومناقشة هذه المحاور، سيمكن دون الشك، الخروج بورقة طريق تسمح لنا بتحقيق الأهداف التي نصبو إليها جميعا والمتمثلة أساسا في اعتماد خطة شاملة لتطوير قطاع التعليم والتدريب الفني والمهني في الوطن العربي، تدعيم آليات مساهمة القطاع في سوق العمالة بالوطن العربي والبحث عن سبل جذب مختلف فئات المجتمع نحو هذا القطاع واستشراف مهن المستقبل الواعدة، إدراج تخطيط استراتيجي لإنشاء مؤسسة للدراسات من شأنها تطوير مجالات التعليم والتدريب الفني والمهني . بدوره، اعتبر وزير التشغيل والتكوين المهني التونسي نصر الدين النصيبي تنظيم هذا المؤتمر، دليل على أهمية الأنظمة ودورها المحوري في النهوض باقتصاديات البلدان العربية، عبر توفير يد عاملة ماهرة حسب متطلبات سوق العمل الوطنية والعربية والعالمية، وكذلك في الحد من نسب البطالة لدى الشباب. ويمثل هذا المؤتمر مثلما قال، «فرصة لتأسيس شراكة فاعلة بين البلدان العربية لتطوير نظم التعليم والتدريب الفني وتبادل التجارب الناجحة بينها في هذا المجال»، مشيرا إلى أن التعليم والتدريب الفني والمهني الذي يطمح إليه البلدان العربية اليوم، هو الذي يركز على تنمية المهارات، ويشجع على الإبداع والابتكار، ويؤدي إلى بناء الإنسان وخلق المواطن المنتج الذي يساهم في بناء وتنمية المجتمع، وهذا ما يستوجب حسبه النهوض به وربطه بالتنمية الشاملة في إطار شراكة متوازنة ومسؤولة مع جميع الأطراف المعنية . واعتبر اختيار عنوان المؤتمر الثالث «مواءمة التعليم والتدريب الفني والمهني لسوق العمل ومستقبل الاقتصاد الأخضر والرقمنة»، خيارا صائبا، حيث أن موائمة التعليم والتدريب الفني لسوق العمل يعتبر من أهم التحديات التي تواجه مختلف منظومات التكوين المهني، ويستوجب ايلائها العناية اللازمة من خلال تثمين التكوين المهني والارتقاء به في كافة مستوياته حتى يتمكن من الاستجابة السريعة لحاجيات القطاعات الاقتصادية من المهارات والكفاءات المستوجبة بالجودة المطلوبة مع العمل على تغيير نظرة الشباب والعائلات والمجتمع ككل للتكوين وجعله مسلكا للنجاح. وفي هذا السياق، دعا «الألكسو» وكافة البلدان العربية، إلى ايلاء جميع التوصيات الصادرة عن هذا المؤتمر الأهمية القصوى للنهوض بالتعليم والتدريب المهني والفني باعتباره رافدا أساسيا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وقد أكد المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألسكو» محمد ولد اعمر، في كلمة له بالمناسبة، هذا التوجه، حيث كشف عن وضع التعليم والتدريب الفني ضمن أولويات برامج «الألكسو» ومشروعاتها وخطة عملها للسنوات الخمس القادمة 2023-2028، التي ستشرع في تنفيذ دوراتها المالية بداية العام القادم. وأبرز أن دور المنظمات المتخصصة والاتحادات العربية، هو تكثيف الجهود للعمل على إبراز أهمية التعليم والتدريب الفني والمهني، وإدراجه ضمن الأولويات الأساسية، خلال العشرية القادمة، لمساعدة الدول العربية ولو بقدر بسيط على التخطيط الجيد لاستحداث تخصصات تساعد على الإعداد للوظائف الأكثر طلبا في سوق العمل، وتوجيه الاستثمارات إلى إنشاء بنية تحتية تساهم في تحقيق التنمية المستدامة. وأوضح المتحدث أن مواءمة التعليم والتدريب الفني والمهني مع احتياجات عالم الأعمال، تقتضي مراجعة المناهج بانتظام في اتجاه دعم ثقافة ريادة الأعمال لدى الدارسين، وتحفيزهم على المبادرة واستثمار مهاراتهم في ابتكار مشاريع وبعث مؤسسات خاصة تراعي المنظمات البيئية وتنمية الاقتصاد الأخضر، وهو ما يستوجب تكثيف البرامج الموجهة للشباب العربي لتوعيته بأهمية الإبداع والابتكار، ومساندته من خلال احتضان المشروعات الناشئة في حاضنات الأعمال، وعرض أفضل التجارب للاستفادة منها. الاهتمام بالتكوين المهني ضمن سياسات الدول العربية رفع المشاركون في الدورة الثالثة لمؤتمر الوزراء والقيادات المسؤولة عن التعليم والتدريب الفني والمهني في الوطن العربي، المنعقد بالجزائر، أيام 24، 25، 26 ديسمبر الجاري، توصيات للدول العربية وأخرى لمنظمة «الألكسو»، طالبوا فيها برفع حجم الاهتمام بميدان التدريب الفني والتكوين المهني ضمن السياسات والتشريعات والأنظمة في الوطن العربي. وتضمنت التوصيات، التي توجت اجتماع الوزراء والقيادات العرب المسؤولين عن التكوين والتدريب المهني، دعوات أخرى للدول العربية لتضمين مناهج التعليم والتدريب الفني والمهني وفق المواصفات والمعايير العالمية ذات العلاقة بالمهنة، توجيه الدراسات والبحوث، الخدمة وتطوير قطاع التعليم والتدريب الفني والمهني في الوطن العربي، مواكبة التحول الرقمي في ميدان التعليم والتدريب الفني والمهني، ضمان تكافؤ فرص التعليم والتدريب الفني والمهني لمختلف شرائح المجتمع، تضمين مفاهيم الاقتصاد الأخضر في مناهج التعليم والتدريب الفني والمهني، اعتماد آليات لدعم مشاريع الشباب المؤهل، تطوير البنى التحتية لقطاع التعليم والتدريب الفني والمهني. كما وجه المشاركون توصيات إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وشركائها، ومركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتعليم، من أجل تضمين جودة التعليم والتدريب الفني والمهني إلى مشروع النموذج العربي للجودة والتميز في التعليم، كما دعوا الألكسو واتحاد الجامعات العربي إلى ضرورة التسريع باستكمال الإطار العربي المشترك للمؤهلات، والتعاون مع الدول العربية من أجل تطوير منصة إلكترونية في التعليم والتدريب الفني والمهني لتكون بمثابة حاضنات رقمية تحفز على الإبداع والابتكار، ووضع دليل استرشادي للمصطلحات الخاصة التعليم والتدريب الفني والمهني.