غرب الوطن: أبواب مفتوحة على مندوبيات وسيط الجمهورية    تشجيع المؤسسات الناشئة بالجزائر: إطلاق مجموعة تفكير موضوعاتية مع أبناء الجالية الوطنية بالخارج    دراجات /طواف الجزائر 2025 /المرحلة الثامنة: فوز الدراج الجزائري محمد نجيب عسال    أمطار وثلوج على عدد من الولايات    المحافظة السامية للأمازيغية تسطر برنامجا ثريا للاحتفال باليوم الدولي للغة الأم وأسبوع اللغات الإفريقية    متى ينتهي مسلسل الاخفاء..؟!    الطيب زيتوني..تم إطلاق 565 سوقًا عبر كامل التراب الوطني    وزارة الصحة تنظم فعاليات الأسبوع الوطني للوقاية في تيبازة    بوجمعة يعقد اجتماعا مع الرؤساء والنواب العامين للمجالس القضائية    الصحفية "بوظراف أسماء"صوت آخر لقطاع الثقافة بالولاية    الشهداء يختفون في مدينة عين التوتة    خنشلة.. انطلاق قافلة تضامنية محملة ب54 طنا من المساعدات الإنسانية لفائدة سكان قطاع غزة بفلسطين    انخفاض حرائق الغابات ب91 بالمائة في 2024    السفيرة حدادي تؤدي اليمين بعد فوزها بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي    جانت.. إقبال كبير للجمهور على الأيام الإعلامية حول الحرس الجمهوري    غريب يؤكد على دور المديريات الولائية للقطاع في إعداد خارطة النسيج الصناعي    تسويق حليب البقر المدعم سمح بخفض فاتورة استيراد مسحوق الحليب ب 17 مليون دولار    فريقا مقرة وبسكرة يتعثران    الجزائر تواجه الفائز من لقاء غامبيا الغابون    متعامل النقال جازي يسجل ارتفاعا ب10 بالمائة في رقم الأعمال خلال 2024    بداري يرافع لتكوين ذي جودة للطالب    معرض دولي للبلاستيك بالجزائر    وزير العدل يجتمع برؤساء ومحافظي الدولة    أمن البليدة يرافق مستعملي الطرقات ويردع المتجاوزين لقانون المرور    توفير 300 ألف مقعد بيداغوجي جديد    هكذا ردّت المقاومة على مؤامرة ترامب    حملات إعلامية تضليلية تستهدف الجزائر    هذه رسالة بلمهدي للأئمة    قِطاف من بساتين الشعر العربي    كِتاب يُعرّي كُتّاباً خاضعين للاستعمار الجديد    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    الجيش الصحراوي يستهدف قواعد جنود الاحتلال المغربي بقطاع الفرسية    المغرب: تحذيرات من التبعات الخطيرة لاستمرار تفشي الفساد    عرض فيلم "أرض الانتقام" للمخرج أنيس جعاد بسينماتيك الجزائر    محمد مصطفى يؤكد رفض مخططات التهجير من غزة والضفة الغربية المحتلتين    سفيرة الجزائر لدى أثيوبيا،السيدة مليكة سلمى الحدادي: فوزي بمنصب نائب رئيس المفوضية إنجازا جديدا للجزائر    الرابطة الأولى: نجم مقرة واتحاد بسكرة يتعثران داخل قواعدهما و"العميد " في الريادة    إعفاء الخضر من خوض المرحلة الأولى : الجزائر تشارك في تصفيات "شان 2025"    موجب صفقة التبادل.. 369 أسيراً فلسطينياً ينتزعون حريتهم    تضاعف عمليات التحويل عبر الهاتف النقّال خلال سنة    الديوان الوطني للمطاعم المدرسية يرى النور قريبا    "سوناطراك" تدعّم جمعيات وأندية رياضية ببني عباس    6 معارض اقتصادية دولية خارج البرنامج الرسمي    انطلاق التسجيلات للتعليم القرآني بجامع الجزائر    تنسيق بين "أوندا" والمنظمة العالمية للملكية الفكرية    22 نشاطا مقترحا للمستثمرين وحاملي المشاريع    حمّاد يعلن ترشحه لعهدة جديدة    دراجات: طواف الجزائر 2025 / الجزائري ياسين حمزة يفوز بالمرحلة السابعة و يحتفظ بالقميص الأصفر    محرز ينال تقييما متوسطا    كيف كان يقضي الرسول الكريم يوم الجمعة؟    سايحي يواصل مشاوراته..    صناعة صيدلانية : قويدري يبحث مع نظيره العماني سبل تعزيز التعاون الثنائي    وزير الصحة يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي    وزير الصحة يستمع لانشغالاتهم..النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة تطالب بنظام تعويضي خاص    وزير الصحة يلتقي بأعضاء النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة للصحة العمومية    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلال عام 2022.. الاحتلال اعتقل 7000 فلسطينيّ
نشر في الشعب يوم 04 - 01 - 2023

شهد عام 2022، العديد من التّحولات على صعيد واقع عمليات الاعتقال التي نفّذتها قوات الاحتلال الصهيوني، والتي ارتبطت بشكلٍ أساس بتصاعد الحالة النضالية، والكفاحية ضد الاحتلال، ولطالما شكّلت عمليات الاعتقال الممنهجة سياسة ثابتة اتخذ منها الاحتلال، الأداة الأبرز في محاولته لتقويض أي حالة نضالية يمكّن أن تسهم في تحقيق تقرير المصير، والحرّيّة للشعب الفلسطينيّ. يستعرض التقرير السنوي الصادر عن مؤسسات الأسرى: (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطينيّ، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة القدس)، إلى جانب القراءة العامة في عمليات الاعتقال، قراءة لجملة من القضايا المركزية، والتي تتمثل بجملة من السّياسات الثّابتة التي انتهجها الاحتلال الصهيوني على مستوى واقع عمليات الاعتقال، إضافة إلى قضايا مركزية على صعيد الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال، وقراءة لجملة من السياسات، خاصّة في ظلّ العديد من المتغيرات السّياسية، والقانونية.
ووفقًا لمتابعة المؤسسات الحقوقيّة المختصّة في شؤون الأسرى، فإن قوات الاحتلال اعتقلت (7000) فلسطينيّ بما فيها القدس وغزة، وهذه النّسبة أعلى مقارنة مع العام الماضي، تحديدًا في محافظات الضّفة، ففي العام الماضي، وصلت عدد الحالات الاعتقال في الضّفة بما فيها القدس (6000) حالة، فيما سُجلت في حينه (2000) حالة اعتقال للفلسطينيين، في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. وكانت أعلى الأشهر التي تركّزت فيها عمليات الاعتقال شهر نيسان/ أبريل وبلغت 1228، يليه شهري أيار / مايو، وشهر أكتوبر/ تشرين الأول ب690 حالة اعتقال. وعلى صعيد أعداد حالات الاعتقال في المحافظات الفلسطينية، بقيت القدس الأعلى ما بين المحافظات وبلغت حالات الاعتقال قرابة (3 آلاف) حالة، فيما سجّل (106) حالات اعتقال من قطاع غزة، منهم (64) حالة كانت من نصيب الصيادين، حيث لوحظ تصاعدا لافتا في استهداف الصيادين. وبلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال هذا العام، (882) حالة اعتقال، ومن بين النساء نحو (172) حالة اعتقال، فيما بلغت عدد أوامر الاعتقال الإداريّ التي صدرت ما بين أوامر جديدة وتجديد، أكثر من (2409) أمر اعتقال إداريّ بما فيهم أوامر صدرت بحق مقدسيين وفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1948، حيث شكّلت قضية الاعتقال الإداريّ المحطة الأبرز في التحوّلات التي شهدها هذا العام، وذلك توسيع دائرة الاعتقال الإداريّ، وبلغ عدد الجرحى الذين تعرّضوا للاعتقال أكثر من (40) جريحًا. ويمكّن التأكيد على مجموعة من التّحولات ليس فقط على صعيد التّصاعد في عمليات الاعتقال، بل أيضًا على مستوى الجرائم التي رافقتها، حيث يعتبر هذا العام هو الأكثر دموية وكثافة في العنف، حيث ارتكبت قوات الاحتلال جرائم ممنهجة، ومركبة بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، وتصاعدت عمليات الإعدام الميداني، وامتد ذلك إلى بلدات بأكملها، تعرضت لسياسة «العقاب الجماعي». وبحسب المئات من الشهادات التي وثقتها المؤسسات، فإن قوات الاحتلال تعمدّت استخدام كافة أنواع الأسلحة خلال عمليات الاعتقال، بما في ذلك إطلاق الرصاص الحي، والكلاب البوليسية، إلى جانب عمليات التّرهيب، والترويع، وفي بعض الحالات استخدمت أفراد العائلة كدروع بشرية، ونفّذت عمليات اعتقال، بهدف الضغط على المطاردين، لتسليم أنفسهم، وطال ذلك أشقائهم، وأصدقاء لهم، وأمهاتهم، وزوجاتهم، وأبنائهم. عدا عن أنّ بعض المناطق تحوّلت إلى مناطق منكوبة اعتقاليًا، إن ما تحدثنا عن نسبة عمليات الاعتقال فيها مقارنة مع عدد سكانها، وكان أبرزها بلدة سلواد في محافظة رام الله والبيرة، وكذلك مخيم الدهيشة في بيت لحم. وتمثلت الأضرار المادية التي لحقت بالمنازل، من أبرز ما ورد في الشهادات التي وثقتها المؤسسات، حيث إن ما نسبة 80% من منازل المواطنين تعرّضت لعمليات تخريب واسعة، خلال الاقتحامات التي نفّذتها قوات الاحتلال، عدا عن عمليات هدم المنازل التي تركزت في محافظة جنين، وطالت منازل معتقلين، وشهداء.
لقد تركت هذه الجرائم أثرًا كبيرًا على واقع الحياة الفلسطينية، وفرضت تحوّلات وصعوبات كبيرة، على العائلات التي تعرضت لعمليات الاعتقال، والاقتحامات المتكرّرة، خاصّة على صعيد الصّحة النفسية للأطفال، فهناك العديد من الأطفال بحسب عائلاتهم، أصبحوا يعانون من مشاكل نفسية واضحة، كما ولم تتوقف سياسة الحبس المنزليّ التي طالت بحسب المؤسسات أكثر من (600) مواطن، تركزت في القدس بشكل خاص. ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتّى نهاية عام 2022، (4700) أسير/ة، بينهم (29) أسيرة، و(150) طفلاً/ة، وقرابة (850) معتقلًا إداريًا، بينهم (7) أطفال، وأسيرتان، و(15) صحفيًا/ة، وخمسة نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني وهم: مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وحسن يوسف، الذي ما يزال موقوفًا، واثنين رهن الاعتقال الإداريّ، وهما: محمد ابو طير، وناصر عبد الجواد. ومن بين الأسرى (330) أسيرًا تجاوز على اعتقالهم أكثر من 20 عامًا، من بينهم (25) معتقلين منذ ما قبل توقيع اتفاقية (أوسلو)، وهم الأسرى القدامى، أقدمهم الأسيران كريم يونس، وماهر يونس المعتقلان بشكلٍ متواصل منذ عام 1983، وتنتهي محكوميتهما الشهر الجاري، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ هناك عدد من الأسرى المحررين في صفقة (وفاء الأحرار) الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم وهم من قدامى الأسرى، أبرزهم الأسير نائل البرغوثي الذي يقضي أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة، والذي دخل عامه (43) في سجون الاحتلال، قضى منها (34) عاماً بشكل متواصل، إضافة إلى مجموعة من رفاقه نذكر منهم علاء البازيان، ونضال زلوم، وسامر المحروم. وارتفع عدد الأسرى الذين صدرت بحقّهم أحكامًا بالسّجن المؤبد إلى (552) أسيراً، وأعلاها حكمًا من بينهم الأسير عبد الله البرغوثي ومدته (67) مؤبداً. وباستشهاد الأسير القائد ناصر ابو حميد: فإن عدد شهداء الحركة الأسيرة ارتفع إلى (233) شهيداً، وذلك منذ عام 1967، بالإضافة إلى مئات من الأسرى اُستشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السّجون، كذلك ارتفع عدد الأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم: (11) أسيرًا وهم: أنيس دولة الذي اُستشهد في سجن عسقلان عام 1980، وعزيز عويسات منذ عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح وثلاثتهم اُستشهدوا خلال عام 2019، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر خلال العام المنصرم 2020، والأسير سامي العمور الذي اُستشهد عام 2021، والأسير داود الزبيدي الذي اُستشهد عام 2022، ومحمد ماهر تركمان الذي ارتقى بذات هذا العام في مستشفيات الاحتلال، إضافة إلى الأسير ناصر أبو حميد الذي استشهد في شهر كانون الأول 2022. فيما بلغ عدد الأسرى المرضى، أكثر من (600) أسير يعانون من أمراض بدرجات مختلفة وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثة، منهم (24) أسيرًا ومعتقلًا على الأقل مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة.
اعتقال النّساء واستهدافهنّ:
واصل الاحتلال استهداف النّساء الفلسطينيات، حيث بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف النّساء (172)، وتركزت عمليات اعتقال النساء في القدس، وخلال عام 2022، وقد برز خلال هذا العام سياسة اعتقال النّساء واستدعائهم والتحقيق مهم، بهدف الضغط على أحد أفراد العائلة المطاردين بتسليم أنفسهم، أو التّحقيق معهم بعد اعتقال أحد أفراد العائلة، وتركزت هذه السياسة في المحافظات التي شهدت تصاعدا كبيرا في المقاومة، أما على صعيد واقع الأسيرات وكما كافة الأسرى، فقد تعرضت الأسيرات إلى كافة الإجراءات التنكيلية الممنهجة والتي تشكّل غالبيتها سياسات ثابتة، تهدف إلى حرمهنّ من العديد من الحقوق.
وكانت أبرز القضايا الحاضرة خلال عام 2022، تصاعد جريمة الإهمال الطبيّ المتعمد بحقّهنّ، حيث عانت الأسيرات من حرمانهنّ من الرعاية الصحيّة والنفسيّة، وتصاعدت الحالات المرضية بين صفوفهنّ، وفرضت عليهنّ تحديات داخلية كبيرة، وكانت المحطة الأكثر ألمًا عليهنّ، هي استشهاد الأسيرة المسنّة، سعدية فرج الله من الخليل، والتي ارتقت بعد جريمة نفّذت بحقها من خلال المماطلة في توفير الرعاية الصحيّة، والاستمرار في اعتقالها رغم وضعها الصحيّ الصعب، حيث استشهدت في الثاني من تموز/ يوليو 2022 في سجن «الدامون».
وحتّى نهاية العام 2022؛ فإنّ سلطات الاحتلال تعتقل (29) أسيرة في سجونها، بينهنّ قاصرتان وهما: نفوذ حماد، وزمزم القواسمة، وأقدمهنّ الأسيرة ميسون موسى المعتقلة منذ العام 2015، وأعلاهنّ حكماً الأسيرتان شروق دويات وشاتيلا عيّاد والمحكومتان بالسّجن ل(16) عاماً، ومن بينهن أسيرتان معتقلات إداريًا وهما: شروق البدن التي تعرضت للاعتقال الإداري عدة مرات منذ عام 2019، والأسيرة رغد الفني، ومن بين الأسيرات (7) أمّهات يحرمهنَ الاحتلال من احتضان أبنائهنّ، من بينهنّ الأسيرة عطاف جرادات من جنين، هي أمّ لثلاثة أسرى وهم: (عمر، وغيث، المنتصر بالله) جرادات، ومن بين الأسيرات (10) أسيرات جريحات، وأشدهنّ معاناة؛ الأسيرة إسراء جعابيص، من القدس، والمحكومة بالسّجن ل(11) عاماً، والتي اعتقلتها قوّات الاحتلال بعد إطلاق النّار على سيّاراتها ما أدّى إلى انفجارها وإصابتها بحروق شديدة شوّهت وجهها ورأسها وصدرها وبترت أصابعها. وتواصل سلطات الاحتلال انتهاك حقوق الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال، خلافاً لاتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1987، والتي حظرت المعاملة غير الإنسانية والحاطّة بالكرامة، وخلافاً لقواعد الأمم المتّحدة النموذجية لمعاملة السجناء لعام 1955.
وتعيش الأسيرات خلال مراحل الاعتقال ظروفاً لا إنسانية، لا تراعى فيها حقوقهنّ في السّلامة الجسدية والنّفسية والخصوصية، إذ يحتجزن في ظروف معيشية صعبة، يتعرّضن خلالها للاعتداء الجسدي والإهمال الطبي، وتحرمهنّ سلطات الاحتلال من أبسط حقوقهن اليومية. يذكر أننا وخلال هذا العام فقدنا أول أسيرة في تاريخ الثورة المعاصرة فاطمة البرناوي التي تعرضت للاعتقال عام 1967.
سياسة اعتقال الأطفال:
اعتقلت سلطات الاحتلال خلال عام 2022، (882) طفلًا/ة، رافق ذلك انتهاكات جسيمة تعرضوا لها، إنّ عدد حالات الاعتقال، لا تعكس فقط السّياسة الممنهجة، والثابتة للاحتلال في استهداف الأطفال، وإنما تُشكّل الانتهاكات التي ترافق عمليات الاعتقال لهم، عاملًا مهمًا في قراءة مستوى الانتهاكات الجسيمة التي يتعرضون لها، فمنذ مطلع عام 2022، - ورغم أنّ نسبة الاعتقالات بين صفوف الأطفال لا تعتبر الأعلى مقارنة مع السنوات القليلة الماضية، - إلا أنّ مستوى عمليات التّنكيل كانت من بين مجموعة من السنوات الأكثر تنكيلًا، منذ أواخر عام 2015، تاريخ بداية (الهبة الشعبية). وخلال عام 2022 تصاعد استهداف الأطفال بإطلاق النار عليهم، واعتقالهم من أجل الضغط على أحد أفراد العائلة، كما أنّ بعض الأطفال جرى اعتقالهم وهم مصابون، ونقلوا إلى المستشفيات المدنية للاحتلال، وتعرضوا للاستجواب والتّحقيق. كما وارتفعت وتيرة عمليات الاعتقال الإداريّ بحقهم، وبلغ عدد من تعرضوا للاعتقال الإداري 19 طفلًا، وتبقى اليوم منهم رهن الاعتقال الإداريّ (7) أطفال، ويبلغ عدد الأطفال اليوم في السجون (150)، طفلًا/ ة، يقبعون في ثلاثة سجون (عوفر، الدامون، ومجدو). وفعليًا كما كل المراحل السّابقة لم يفرق الاحتلال بين البالغين والأطفال في اعتقالاته وانتهاكاته لحقوقهم، بل على العكس، فقد ثبت تبعاً لممارسات الاحتلال - التي وثّقتها المؤسسات الحقوقية - إزاء الأطفال تعمّده استغلال حساسية وضعهم، وتأثير الاعتقال على حالتهم النّفسية، بمضاعفة قسوة ظروفهم وتعريضهم للعنف المفرط والتهديد، وواصل الاحتلال بتنفّيذ جملة من السّياسات الثابتة الممنهجة بحقّ الأطفال، والتي تبدأ فعليًا قبل الاعتقال حيث يتعرض الطّفل الفلسطينيّ إلى عمليات تنكيل ممنهجة من خلال بنية العنف الواقعة عليه من الاحتلال. وتتمثل الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال: باعتقالهم ليلًا، والاعتداء عليهم بالضّرب المبرّح أمام ذويهم، وإطلاق النار عليهم خلال اعتقالهم، وإبقائهم مقيدي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين قبل نقلهم إلى مراكز التّحقيق والتّوقيف، عدا عن حرمانهم من الطعام والشراب لساعات تحديدًا في الفترة الأولى من الاعتقال، وحرمانهم من حقّهم في المساعدة القانونية، وكذلك وجود أحد ذويهم، الأمر الذي يعرّض الطّفل لعمليات تعذيب نفسيّ وجسديّ بشكلٍ مضاعف، وذلك في محاولة لانتزاع الاعترافات منهم وإجبارهم على التوقيع على أوراق دون معرفة مضمونها، إضافة شتمهم وإطلاق كلمات بذيئة ومهينة بحقّهم، والاستمرار في احتجازهم تحت ما يُسمى باستكمال الإجراءات القضائية، فقلما تٌقرّ المحكمة بإطلاق سراحهم بكفالة وتتعمد إبقائهم في السّجن خلال فترة المحاكمة. وتبقى قضية الأسير المقدسي، أحمد مناصرة الذي اعتقل وهو بعمر ال13، الشاهد الأهم على جريمة اعتقال الأطفال، إلى ما وصل إليه اليوم من وضع صحيّ، ونفسيّ خطير، ويواصل الاحتلال عزله في زنازين انفرادية، حتّى اليوم، ومع ذلك فإن سلطات الاحتلال وعلى مدار هذا رفضت رغم كل الجهود القانونية، الإفراج عنه، وفعليًا عملت على إغلاق المسارات التي كان بالإمكان إنقاذه، وذلك بعد أن قرّرت إحدى لجان الاحتلال التابعة للجهاز القضائي للاحتلال بتصنيف ملفه كملف (إرهاب).
قراءة في عمليات الاعتقال في القدس:
سُجّلت قرابة 3 آلاف حالة اعتقال في القدس خلال عام 2022، من بينهم (654) طفلًا، (129) من النساء والفتيات، وطالت كافة شرائح المجتمع، ورافق تنفيذ عمليات الاعتقالات عمليات تنكيل كثيفة، وضرب واعتداءات، على المعتقلين، وعائلاتهم، اقتحام للمنازل، وتخريبها، وترويع ساكنيها، وتفجير، الأبواب في عدة حالات اعتقال. شَكّلت سلطات الاحتلال خلال شهري نيسان وتشرين الأول الماضيين، (وحدة تحقيق خاصّة في مركز (المسكوبية) للاعتقالات في القدس، نظرًا لارتفاع وتيرة الاعتقالات وتضاعفها خلال هذه الفترة، واستمر العمل في الوحدة الخاصّة عدة أسابيع، فيما شَكّلت إدارة معتقل (المسكوبية) خلال شهر نيسان قسمًا خاصًا للأسرى (الأمنيين). أما الأشهر التي شهدت أعلى معدّل للاعتقالات في القدس فكانت خلال شهر نيسان ب 793 حالة اعتقال، يليه شهر أيار ب 401 حالة اعتقال، ثم تشرين الأول ب 343 حالة اعتقال، وشهر تشرين الثاني ب 214 حالة اعتقال. وشكّلت الاعتقالات الميدانية من المسجد الأقصى وطرقاته وأبوابه، وشوارع القدس، والشيخ جراح حوالي نصف حالات الاعتقال خلال عام 2022، وتعرض غالبية المعتقلين خلالها للضرب المبرح، ولعمليات تنكيل. وفي سابقة خطيرة جرت خلال عام 2022، تنفيذ اعتقالات جماعية من داخل المصلى القبلي في المسجد الأقصى المبارك، بعد اقتحامه منتصف نيسان (الجمعة الثانية من شهر رمضان)، وتعرّض كافة المعتقلين يومها للضرب المبرح بأعقاب البنادق، والغاز السام، والدفع وهم مقيدو الأيدي أرضًا، وخلال ذلك نقل المعتقلين من ساحات الأقصى إلى ساحة البراق، ومنها إلى مراكز التّحقيق، ومعظمهم أفرج عنهم بشرط (الإبعاد عن الأقصى، والقدس، والبلدة القديمة)، ومدد توقيف آخرين لعدة أيام، فيما قدمت لوائح اتهام لعدد من الشبان. ومن بين المعتقلين خلال عام 2022 محافظ القدس عدنان غيث، الذي اعتقل 3 مرات، خلال شهر (آذار، نيسان، وآب)، وقدمت نيابة الاحتلال ضده في شهر آب الماضي، لائحة (اتهام) تضمنت (17 خرقاً لقرار منعه من دخول الضّفة الغربية منذ لحظة صدور القرار)، وأفرج عنه بشرط الحبس المنزلي حتى نهاية الإجراءات (القانونية)، ولا يزال قيد الحبس المنزلي، كما واقتحم منزله خلال الأشهر الماضية عدة مرات. كما كان من بين المعتقلين مدير المسجد الأقصى المبارك الشيخ عمر الكسواني، بعد اقتحام منزله في حي الطور وتخريب محتوياته، ونائب مدير أوقاف القدس الشيخ ناجح بكيرات.
وواصلت سلطات الاحتلال سياسة (الاعتقال فور الإفراج)، المتبعة ضد الأسرى المحررين المقدسيين، باعتقالهم فور الإفراج عنهم من بوابة السّجن أو فور وصولهم إلى مناطق سكنهم، وبعد ساعات أو أيام يتمّ الإفراج عنهم بشروط أبرزها (الإبعاد عن مدينة القدس، الإبعاد عن مكان السكن، ومنع الاحتفاء بالتحرّر) وأواخر شهر أيلول 2022، أصدر وزير الجيش في حكومة الاحتلال، أمرًا يقضي بالحجز ومصادرة أموال أسرى فلسطينيين، من مدينة القدس، والداخل الفلسطيني، حسب قانون ما يسمى (مكافحة الإرهاب لعام 2019)، أمر حجز، بحجة (دعم الإرهاب)، ويستهدف القرار41 أسيرًا من الداخل الفلسطيني، و8 أسرى من القدس من بينهم أسير محرر. وخلال عام 2022، حوّلت سلطات الاحتلال (43) مقدسيًا للاعتقال الإداريّ، ومن بينهم نائبي المجلس التشريعي محمد أبو طير، وأحمد عطون، علمًا أن بعض الأسرى جدّد لهم الاعتقال الإداري لأكثر من مرة. وواصلت سلطات الاحتلال ملاحقة الفلسطينيين في مدينة القدس حول الآراء من خلال متابعة ومراقبة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك، والتيك توك، والانستغرام). وخلال عام 2022 نفذت اعتقالات لفلسطينيين من مدينة القدس، بعد إطلاق النار عليهم، بحجة (تنفيذ أو محاولة تنفيذ عمليات طعن)، ومنهم: الشاب مراد سمير بركات عند مدخل بلدة الثوري في بلدة سلوان، الشاب نذير مرزوق أطلق عليه الرصاص وهو محتجز داخل غرفة المراقبة المقامة عند مدخل باب العامود، الشاب رامي سرور أصيب بعدة رصاصات عند باب القطانين - أحد أبواب الأقصى -، الشاب إسماعيل نمر، أًصيب في مستوطنة «راموت» المقامة على أراضي القدس، علما أن من أطلق النار كان مصورا صحافيًا صهيونيا تواجد في المكان، الفتى محمد أبو قطيش أصيب برصاص الاحتلال داخل ملعب الشيخ جراح.
جرائم وسياسات ثابتة وممنهجة استمر الاحتلال في ارتكابها (جريمة الاعتقال الإداريّ):
تنتهج دولة الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري كسياسة ثابتة، وممنهجة ضد الفلسطينيين منذ عشرات السنوات، وفي الآونة الأخيرة صعّدت سلطات الاحتلال من سياسة الاعتقال الإداريّ بشكل كبير وملحوظ، حيث شنّ جيش الاحتلال حملة اعتقالات واسعة، طالت عدد كبير من الأسرى السابقين، ومعظمهم تمّ تحويلهم إلى الاعتقال الإداريّ، ونتيجة لاستمرار هذه الجريمة، نفّذ المعتقلون خطوات نضالية، وكانت بمثابة صرخة في وجه هذه الجريمة المستمرة بحقّهم، وكرسالة للعالم للمطالبة بوقفها. وخلال هذا العام أصدر الاحتلال (2409) أمر اعتقال إداريّ، وشملت أوامر صدرت بحقّ مقدسيين، وفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 حيث بلغت (63) أمرًا، وكانت أعلى نسبة في الأوامر خلال شهر كانون الأول، وبلغت (315) أمرًا، ويبلغ عدد المعتقلين الإداريين اليوم نحو (850) معتقلًا إداريًا، من بينهم (7) أطفال، وأسيرتان، علمًا عدد المعتقلين الإداريين كانت مطلع العام (500)، ومقارنة مع الماضي فإن أعداد أوامر الاعتقال الإداريّ أعلى، كما أنّ عدد المعتقلين الإداريين هي الأعلى منذ أكثر من عشرة أعوام. وفي إطار مواجهة جريمة الاعتقال الإداريّ: في تاريخ ال25 من أيلول/ سبتمبر 2022، نفّذ 30 معتقلًا إدارياً في سجون الاحتلال إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، تحت شعار إضرابنا حرّيّة، لينضم إليهم 20 معتقلاً من بينهم معتقلون إداريون، بالإضافة إلى أسرى موقوفين، ومحكومين لسنوات، وبالتزامن مع الإضراب قاطع المعتقلون الإداريون كافة درجات المحاكم العسكرية المختصة بالاعتقال الإداريّ، وذلك كخطوة استراتيجية هامة يسعون من خلالها إلى ترسيخ هذه الخطوة كأساس لمواجهة جريمة الاعتقال الإداريّ، واستمر الإضراب المفتوح عن الطعام 19 يومًا، ويواصل اليوم أكثر من (80) معتقلًا إداريًا مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال. وفي السياق، تتعمد أجهزة الاحتلال التنصل من الاتفاقات التي تمّت مع المعتقلين الإداريين الذين خاضوا إضرابات عن الطعام، أو توجيه تهم لهم للالتفاف عليها، ونذكر هنا قضية المعتقلين خليل عواودة، ورائد ريان، ومؤخرًا قضية المعتقل عدال موسى، حيث خاض ثلاثتهم إضرابات وكان أطولها إضراب المعتقل عواودة الذي استمر لمدة 172 يومًا، وتعمد الاحتلال توجيه تهمة جديدة له للاستمرار باعتقاله، والتنصّل من الاتفاق.
لم يسلم الأطفال من سياسة الاعتقال الإداري أيضًا، حيث اعتقلت قوات الاحتلال خلال عام 2022، 19 طفلًا تحت الاعتقال الإداريّ، أربعة أطفال أطلق سراحهم خلال العام، وثمانية تجاوزوا سنّ الطفولة في الاعتقال الإداريّ، وما زالوا تحت الاعتقال الإداريّ، و7 أطفال رهنّ الاعتقال الإداريّ حتى اليوم.
إطلاق النار على المعتقلين (تصاعد في أعداد الجرحى المعتقلين)
صعّد الاحتلال من عمليات إطلاق النار على المعتقلين أثناء اعتقالهم وقبل اعتقالهم، وكان هذا العام الأعلى من حيث أعداد الجرحى منذ عام 2015، حيث تابعت المؤسسات الحقوقية أكثر من 40 حالة اعتقال جرت لجرحى، أطلق عليهم النار أثناء الاعتقال، أو قبل الاعتقال، وجزء منهم أُصيب بإصابات بليغة، واُستشهد أربعة منهم وهم: (داود الزبيدي من مخيم جنين، والفتى محمد حامد من سلواد/ رام الله، ورفيق غنام من جنين الذي أعدم بعد اعتقاله، ومحمد ماهر تركمان من جنين)، ويواصل الاحتلال احتجاز جثمانيّ الشهيدين الزبيدي، وتركمان وهما من بين (11) شهيدًا من شهداء الحركة الأسيرة يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم. وأصعب الحالات التي تمّ متابعتها من بين الجرحى، الجريح المعتقل نور الدين جربوع من جنين الذي أصيب بإصابات بليغة وأدت إلى إصابته بشلل نصفي، ومحمد وليد تركمان من جنين الذي أصيب بحروق بليغة، وسعيد دويكات من نابلس، علمًا أن ثلاثتهم يقبعون في عيادة (سجن الرملة). وأوضحت المؤسسات إنّ هذه الحالات تصاعدت بشكل خاصّ منذ شهر آذار/ مارس 2022، وكان أعلاها من حيث العدد في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2022. ومن بين الحالات التي جرى لاحقًا الإفراج عنها: الجريح شومان من رام الله والذي تعرّض لبتر في إحدى ساقيه عقب إطلاق النار عليه، هو ورفيقه أسيد حمايل قبل اعتقالهما لاحقًا، وكان ذلك في شهر نيسان/ أبريل 2022، ومحمود حجير من نابلس الذي أُصيب واُعتقل في شهر تموز/ يونيو 2022، وأدت الإصابات البليغة التي تعرض لها إلى إصابته بالشلل، ومن بين من تمّ الإفراج عنهم بعد إصابتهم، وباسل البصبوص من رام الله، الذي اُعتقل في شهر تشرين الأول 2022، حيث أعدم الاحتلال اثنين من رفاقه كانا معه خلال عملية إطلاق النار عليهم وهما: (سلامة شرايعة، وخالد عنبر) وتؤكّد المؤسسات أنّ غالبية الجرحى الذين اُعتقلوا تعرضوا لعمليات تحقيق، واستجواب داخل المستشفيات المدنية للاحتلال، وجزءًا منهم جرى نقله إلى مراكز التّحقيق بعد فترة وجيزة، وتعمدّت أجهزة الاحتلال نقل بعض المعتقلين من المستشفيات المدنية، إلى عيادة سجن «الرملة» رغم حاجتهم الماسّة للعلاج، والبقاء في المستشفى، وأبرز هذه الحالات حالة الأسير نور الدين جربوع من جنين. كما أنّ بعض الجرحى نُقلوا لمراكز التوقيف قبل نقلهم إلى المستشفيات، خاصة من جرى اعتقالهم خلال المواجهات، وتعرض الجرحى لعمليات تنكيل ممنهجة، حتّى بعد نقلهم إلى السّجون، ونذكر هنا ما قامت به إدارة سجن «الرملة» مؤخرًا، بعزل الأسير الجريح محمد أبو صبره من نابلس، وتعمّد الاحتلال المماطلة في تزويد المحامين بمعلومات عن الجرحى بعد اعتقالهم، وتطلب ذلك مضاعفة الجهود القانونية من أجل الحصول على معلومات لطمأنة عائلاتهم، وكذلك لزيارتهم حيث جرى إصدار أوامر منع من لقاء المحامي لجزء منهم.
سياسة (العقاب الجماعي):
رافق تصاعد عمليات الاعتقال ازديادًا ملحوظًا في التّنكيل من قبل قوات الاحتلال بحق المعتقلين، وذويهم كسياسة من سياسات (العقاب الجماعي)، التي يمارسها الاحتلال الصهيوني، بحق الفلسطينيين في مناطق تواجدهم، حيث يهدف من خلالها إلى الانتقام، وخلق حالة رعب لدى المدنيين في تلك المناطق، ومحاولة مستمرة لتقويض أي حالة نضالية ضده، وهذه ليست سياسة جديدة، فعلى مدار عقود، مارس الاحتلال شتى الطرق، والأساليب الانتقامية بحق المعتقلين وعائلاتهم. وتبدأ عمليات الاعتقال عادًة بعد منتصف الليل، تقوم بها قوات مدججة من جيش الاحتلال، بأعداد كبيرة، تقتحم القرى والمدن الفلسطينية، وتبدأ بعمليات تفتيش، ومداهمة للمنازل واعتقال، وفي غالبية عمليات الاقتحام، تقوم وحدات الجيش بخلع أبواب المنازل وتفجيرها لتخلق حالة من الرعب، والخوف لدى سكان البيت، تدخل مدججة بالسلاح، وتبدأ بالصراخ غير آبهةً بسكان المنزل، وتشرع بتكسير، وتخريب محتويات البيت تحت ذريعة التفتيش، وفي كثير من الأحيان يقوم جنود الاحتلال بالتحقيق الميداني القاسي مع المعتقلين وعائلاتهم، في نفس البيت قبل عملية الاعتقال، يتخلّل التحقيق الميداني، إجراءات تعسفية منها الصراخ، والشتم وفي كثير من الأحيان تصل إلى الضرب أمام العائلة.
جريمة التعذيب
إنّ سلطات الاحتلال الصهيوني صعّدت من جريمة التّعذيب وسوء المعاملة بحقّ الأسرى والمعتقلين، وذلك مع استمرار تصاعد الحالة النضالية، وشكّلت جريمة التّعذيب إحدى الجرائم والسياسات الثابتة التي انتهجها الاحتلال الصهيوني بحقّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال العام 2022. وتابعت المؤسسات العشرات من الشهادات التي روت عمليات تعذيب ممنهجة جرت بحقهم، خلال التحقيق الميداني، وكذلك التحقيق المنظم في مراكز التّحقيق والتوقيف، وتؤكد المؤسسات الحقوقية، أنّ اتساع دائرة عمليات الاعتقال، وما حملته من تفاصيل، تدفعنا إلى إعادة تعريف جريمة التّعذيب، خاصة أنّ هذه الجريمة لم تعد تقتصر على مرحلة التّحقيق، بل إنّ الاحتلال عمل خلال السنوات الماضية، وكذلك عام 2022 من (تطوير، وابتكار) أدوات حديثة لفرض مزيد من عمليات التّعذيب، ولعلّ المرحلة الأولى من الاعتقال، في مراكز التوقيف التي استخدمت على مدار عقود أداة لتعذيب الأسرى، وهنا نذكر معتقلي (عتصيون وحوارة) المأساة المتواصلة، التي يواجهها المعتقلون عقب اعتقالهم. ويهدف الاحتلال من خلال هذه السّياسة بالدرجة الأولى الضّغط على المعتقل من أجل انتزاع اعترافات منه، وسلبه إنسانيته، وفرض مزيد من السّيطرة والرّقابة عليه، وقد أدت هذه السّياسة على مدار عقود إلى استشهاد العشرات من المعتقلين والأسرى. ووفقاً لمتابعة شهادات المئات من المعتقلين والأسرى سنويًا، فإن جميعهم دون استثناء يتعرضون لأصناف من أساليب التّعذيب وسوء المعاملة، وذلك منذ لحظة الاعتقال، مرورًا بالتّحقيق، وحتّى بعد الزّج بهم في السّجون والمعتقلات، حيث تتخذ سلطات الاحتلال عبر منظومة عنف شاملة طرق متعدّدة لتعذيب الأسير تتعدى مفهوم التعذيب المتعارف عليه، ولا تستثني سلطات الاحتلال أي من الفئات سواء الأطفال، والنساء، والمرضى، وكبار السن. ومنذ عام 1967 قتل الاحتلال (73) أسيراً بعد تعرضهم للتّعذيب، نستذكر الأسير عرفات جرادات الذي ارتقى عام 2013 في زنازين معتقل «مجدو» بعد خمسة أيام على اعتقاله نتيجة تعرضه للتعذيب، وفي عام 2014 قتلت قوات «النحشون» الأسير رائد الجعبري بعد تعذيبه جسدياً، وفي عام 2018 قتلت قوات الاحتلال المعتقل ياسين السراديح لحظة اعتقاله بعد تعذيبه وإطلاق النار عليه من نقطة الصفر، ومن نفس العام قتلت قوات «النحشون» الأسير عزيز عويسات بعد أن عذبته في زنازين معتقل «ايشل» وعلى إثرها نُقل إلى إحدى مستشفيات الاحتلال حتى تاريخ إعلان استشهاده في 20 أيار / مايو 2018. وفي شهر أيلول/ سبتمبر 2018، قتلت قوات الاحتلال المعتقل محمد الخطيب (الريماوي) لحظة اعتقاله من منزله بعد تعرضه للتعذيب، وكان آخر من قتله الاحتلال نتيجة التعذيب خلال التحقيق المعتقل نصار طقاطقة وذلك في تاريخ 16 تموز/ يوليو 2019، علمًا أن الأسيرين عزيز عويسات ونصار طقاطقة من بين الأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم حتّى اليوم. وارتبط تصاعد عمليات التعذيب كما أكدنا سابقًا مع تصاعد مستوى المواجهة، ولعل السنوات التي تلت الهبة الشعبية كانت شاهدة على ذلك، إلا أنّ عام 2019 وتحديدًا بعد شهر آب/ أغسطس كانت المحطة الأبرز في عمليات التعذيب، فقد وثقت المؤسسات الحقوقية عشرات الشّهادات والروايات في حينه لمعتقلين تعرضوا للتّعذيب في معتقل «المسكوبية»، والتي كانت توازي من حيث مستوى العنف والتّعذيب الجسديّ، روايات الأسرى في سنوات الستينيات والسبعينيات، ولاحقًا شهدنا تصاعد في عمليات التّعذيب مع تصاعد المواجهة في شهري نيسانوأيار العام الماضي، ونيسان وأيار من العام 2022.
جريمة احتجاز جثامين الشهداء والأسرى:
تواصل سلطات الاحتلال الصهيوني احتجاز جثامين المئات من الشهداء والأسرى في مقابر الأرقام والثلاجات، وقد تصاعدت هذه السّياسة مجددًا منذ عام 2015، ومع تصاعد أعداد الشهداء هذا العام، فإن عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم منذ عام 2015، (117)، من بينهم (11) شهيدًا أسيرًا، وهم من بين (372)، يواصل الاحتلال احتجازهم في مقابر الأرقام والثلاجات. ونحن في القرن الواحد والعشرين، تشكّل هذه الجريمة المحطة الأكثر ألمًا، حيث يتفرّد الاحتلال الصهيوني بهذه الجريمة عالميًا، بهدف مضاعفة الانتقام من الفلسطينيين بعد استشهادهم، والانتقام من ذويهم بحرمانهم من إلقاء نظرة الوداع عليهم، وتشييعهم بما يليق بنضالاتهم، وتضحياتهم، وبما يتناسب مع الشعائر، والطقوس الدينية المبنية على إكرامهم بدفنهم. ومنذ عام 1967 قدمت الحركة الأسيرة (233) شهيداً، منهم (73) قتلوا جراء التعذيب، و(74) نتيجة الإهمال الطبي المتعمد (القتل البطيء)، و(79) نتيجة القتل العمد، و(7) جراء قتلهم المباشر بالرصاص الحي، وهناك 11 جثمانًا من الأسرى الشهداء ننتظر الافراج وهم: أنيس دولة الذي اُستشهد في سجن عسقلان عام 1980، وعزيز عويسات عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح وثلاثتهم اُستشهدوا خلال عام 2019، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر والذي ارتقى خلال عام 2020، والأسير سامي العمور الذي اُستشهد عام 2021، والأسير داود الزبيدي الذي اُستشهد عام 2022، ومحمد ماهر تركمان الذي ارتقى بذات العام في مستشفيات الاحتلال، وكان آخرهم الأسير ناصر أبو حميد، المحتجز جثمانه داخل معهد أبو كبير في الوقت الحالي. هناك مخاوف كبيرة وحقيقة، من سرقة أعضاء، وأنسجة من جثامين الشهداء الفلسطينيين، وقد صرح قبل عدة سنوات، ( يهودا هس) الذي كان مديرًا لمعهد أبو كبير الصهيوني حتى عام 2010، بأنه كان يشرف بنفسه على سرقة قرنيات عيون الفلسطينيين، وجلودهم لاستخدامها في علاج جرحى الجيش الصهيوني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.