يضيق الحبل رويدا رويدا حول عنق النظام المغربي الذي يجد نفسه محاصرا بكومة من الفضائح الثقيلة التي تثير زوبعة من الغضب الداخلي والسخط الخارجي، وتفقد المملكة ثقة العالم الذي بات يشكّك في سلوك وسياسة المخزن التي تقوم على الفساد والابتزاز والجوسسة والخيانة. خارجيا، وضعت فضيحة البرلمان الأوروبي المغرب في وجه الاعصار بعد أن كشفت تورطه في قضية فساد مالي مشينة أضيفت إلى قضية التجسس ببرنامج بيغاسوس الصهيوني، والتي لم يسلم منها حتى الرؤساء، ليسقط نظام المخزن سقطة قد لا يخرج منها سالما، خاصّة بعد أن وضع وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل الخميس في الرباط، النقاط على الحروف، وأكّد بأنّه "لا افلات من العقاب" في هذه القضية، ما يعني أنّ المغرب مقبل على أيام صعبة من التحقيقات والعقاب. ولا يبدو أن المغرب يتوفر على أي حظوظ للافلات من العقاب، لأنّ تورّطه في هذه القضية التي تفجّرت الشهر الماضي ثابت، وفي ديسمبر أكّد الايطالي فرانشيسكو جورجي وهو مساعد برلماني، للمحققين انه كان ضمن منظمة يستخدمها المغرب للتدخل في الشؤون الاوروبية. وزير العدل غير عادل داخليا، تعصف بالنظام المغربي العديد من الأزمات، آخرها موضوع الشبهات التي أثيرت حول نزاهة وشفافية نتائج الولوج إلى مهنة المحاماة، واتهام وزير العدل بالتدخل لصالح إنجاح نجله ومقرّبين، ثم التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها. وقد اهتز المغرب ولم يقعد منذ الأسبوع الماضي على وقع التشكيك في نزاهة وشفافية نتائج الاختبار الكتابي لامتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة. الضجة التي أثيرت حول نتائج انتخابات الولوج إلى مهنة المحاماة كانت بسبب توارد عدة أسماء نسب للوزير الوصي على قطاع العدل، ولرئيس جمعية هيئات المحامين ولعدد من المسؤولين والنقباء والمحامين والسياسيين، ممّا فتح المجال واسعا للشك في نزاهة وشفافية عملية الاختبار. في السياق، قالت اللجنة الوطنية لضحايا امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، إن هذا الامتحان بدأ بالغش والتسريبات، وانتهى بلائحة يحكمها منطق الفساد والمحسوبية والزبونية والمصالح السياسية والعائلية. وتوقّفت اللجنة التي أسّسها المتضرّرون من الامتحان في بلاغ لها على اختلالات طالت الامتحان، منها الظروف الكارثية التي مر فيها والتي تضرب مبدأ المساواة، إضافة إلى تواطؤ بعض لجان الحراسة مع بعض الممتحنين. كما سجّل البلاغ تدخل الوزير لتحديد عدد الناجحين، ووجود تواطؤات بينه وبين جمعية هيئات المحامين لتقليص عدد الناجحين، معتبرا أنّ هذه الأخيرة سبب مباشر في الوضع الحالي، وأنّ الإعلان عن حضورها في مرحلة التصحيح كان بغرض تقسيم الكعكة. وطالب المتضرّرون باحترام روح القانون، وتكريس فعلي لدولة الحق والقانون، مؤكدين ألا علاقة لهم بأي مناورات حزبية سياسوية رخيصة. وناشدت اللجنة بإعفاء وزير العدل، ومساءلته جنائيا ومدنيا وكل المساهمين والمشاركين معه تبعا لجرائمهم على خلفية امتحان العار، مع إلغاء هذا الامتحان وتعويضه بامتحان كتابي في أقرب وقت ممكن.