مشروع قانون الأوقاف على طاولة الحكومة قريبا هناك توجه عالمي نحو تغيير النمط المجتمعي للمجتمعات الإسلامية والعربية، لمحاربة الغزو الفكري والتطرف الذي يمثل أهم أهداف الحروب السيبرانية، هذه التحديات من بين أهم مخرجات اجتماع اتحاد المجالس البرلمانية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي. ويعد إنشاء معهد للتأمين الفكري، من بين المقترحات التي تقدم بها رئيس الجمهورية ولاقت ترحيبا من قبل الحضور، حسبما يؤكده وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي. أبرز الوزير بلمهدي خلال نزوله، أمس، ضيفا على القناة الإذاعية الأولى، أن «إنشاء معهد للتأمين الفكري» التي جاءت في رسالة الرئيس، تعد نظرة استشرافية، وقال «نحن منخرطين فيها أساسا، وإن تشكل عبر العالم الإسلامي فهذا سيزيد في التجارب»، وأن الجزائر مستمرة في مكافحة الإرهاب الفكري، مفيدا أن هناك مشاركة للأئمة مع نظرائهم في رابطة علماء ودعاة دول الساحل لإصدار دليل خاص بالأئمة، يتحدث عن مكافحة ظاهرة العنف والتطرف ومعالجتها، إضافة إلى دليل آخر سمي ب «ميثاق المسلم في أرض المهجر»، الذي احتفى به كثير من السفراء، لأنه يعطي رؤية لكيفية اندماج المواطن المسلم في المجتمعات الغربية دون أن يكون هناك صدام. انخراط الأئمة في نشر الوسطية ومحاربة الفكر المتطرف فيما يتعلق بالحروب السيبرانية وهي حروب جديدة تشكل خطرا كبيرا على بقاء المجتمعات وحتى الدول، تطرق الوزير بلمهدي إلى تكوين الأئمة، مع التركيز على كيفية التعامل مع الفضاء الأزرق لمواجهة خطرها القائم باستمرار. وقد تم تجريب التعامل مع هذا الفضاء خلال فترة الجائحة، حيث تم فتح مسجد افتراضي يقدم الإمام من خلاله الدروس أو المواعظ، كما استحدثت الوزارة مقرأة إلكترونية التي يتابعها عشرات الآلاف من المتابعين من 35 دولة، إضافة الى الجالية الجزائرية بالمهجر، يؤطرها أكثر من 200 عالم وعالمة في القراءات، هذا الجهد الذي تبذله الوزارة ينخرط ضمن التأمين الفكري المنشود. ركز الوزير على أهمية الأمن الروحي في تقوية المجتمع، ويتماشى الخطاب المسجدي مع التوجه الجديد والتحديات وذلك بإخراجه من النمط التقليدي يقول الوزير - حتى يجعل من الإمام يعيش هذه التحديات، حيث أنه لا يكتفي بتقديم الخطبة أو الدرس، بل عليه أن يحيط بكل التغيرات التي تطرأ على المجتمع، وعليه أن يدرك الخطر الذي يترصد الأمة ويعالجه من خلال التنبيه بالوعظ والإرشاد. الجزائر مرجعية في ترسيخ قيم التسامح والمصالحة وذكر الوزير بأن الجزائر قد رفعت مبدأ السلام منذ قديم، وهي بلد يصدر السلام كما صدر النور والعلم في سالف الأزمان، وقامت بترسيخ ما يسمى باليوم العالمي «العيش معا في سلام» من خلال منصات الأممالمتحدة، لأن الجزائر اكتوت بنار الاستعمار والإرهاب، مستدلا بما جاء في رسالة الرئيس عن ضرورة التعاون بين الدول الإسلامية والعربية «حتى نحقق العزة لديننا ولأوطاننا»، موضحا انه لا يمكن الفصل بين ما هو أخلاقي أو ديني عن المجتمع وتطوره. كما لفت إلى أن الخطاب الديني يسهم في المنظومة الأخلاقية، وبالتالي يسهم في المنظومة الوطنية. وأضاف، أنه من مخرجات اجتماع اتحاد المجالس البرلمانية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، اقتراح الرئيس استحداث لجنة حكماء، تساهم في حل مشاكل العالم الإسلامي بلغة الحوار بعد أن أصبحت الجزائر مرجعية في ترسيخ قيم التسامح والمصالحة. كما أشار بلمهدي إلى أن مقترحات الرئيس كانت قوية بشهادة الحضور، مذكرا بالنشاط الذي نظمته رئاسة الجمهورية خلال المؤتمر الدولي للإمام محمد عبد الكريم المغيلي، الذي جمع من كل حدب وصوب الناس الذين يعشقون الحرية والوسطية، ويحبون المرجعية المعتدلة، لافتا إلى أن الدول الإفريقية وخاصة دول الساحل «نتقاسم معها المرجعية الدينية في كل جوانبها، سواء في العقيدة، في الفقه أو في السلوك». وتمثل الزوايا التي منشأها الجزائر وشيوخها جزائريون، مثل القادرية في أمم إفريقيا والتيجانية في إفريقيا والعالم زخما لابد من الاستثمار فيه، مفيدا أن هناك الكثير من الأعمال بصدد القيام بها، خاصة بعد استقبال رئيس الجمهورية لوفود كثيرة لهذه الفرق وإعطائهم منحا للتكوين في الجزائر. في سياق آخر، كشف الوزير بلمهدي عن اكتمال دراسة مشروع قانون الأوقاف الذي سيطرح على مجلس الحكومة، مشيرا الى صدور مرسوم إنشاء الديوان الوطني للأوقاف والزكاة، وقال إنه تم تسجيل 12 ألف عقار ومرقمنة.