تمضي الجزائر الجديدة في سعيها لتوسيع مدارها الاقتصادي وتقوية شراكاتها الإقليمية، وهذا بعد تجربة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي التي أبانت عن فشلها، وعليه تتجه الجزائر بخطى ثابتة نحو ولوج أحد أكبر التكتلات الاقتصادية قوة في العالم وهي مجموعة «بريكس»، التي تجمع الدول الخمس الأسرع نموا في العالم؛ خطوة ستسمح لها بتوطيد وتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع دول المنظمة وبالأخص روسياوالصين، العضوين الدائمين في مجلس الأمن، ما سيكسبها مزيداً من الوزن والقوة والتأثير. أتت ردود الفعل الإيجابية سريعة من طرف دول أعضاء منظمة «بريكس»، بعد تقديم الجزائر طلب الانضمام الرسمي إليها، لتعبر بذلك عن مكانة الجزائر وقدراتها الاقتصادية، وحاجة التكتل الاقتصادي لمؤهلاتها، ويدعمها في ذلك موقعها الجغرافي المتميز والاستراتجي بشمال أفريقيا وجنوب أوروبا، المسهل للعمليات اللوجستية، علاوة على الاستثمارات الإستراتيجية في البنى التحتية التي تتوفر عليها أو تعمل على إنجازها، ما يمكنها من أن تصبح قاعدة صناعية ولوجستية إضافية لدول كبرى، كالصين والهند والبرازيل، الساعية للتعمق في الأسواق الإفريقية، من خلال الاستغلال الأمثل للموقع الاستراتيجي لبلد تعتبر مفترق طرق بين القارات، ومدخلا آمنا إلى عديد الدول الإفريقية، حيث تتميز الجزائر باستقرار سياسي وأمني يرفع من جاذبية البلد في مناخ المال والأعمال. ولعل آخر اعتراف بمكانة الجزائر، جاء على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أكد أن هناك العديد من الطلبات الرسمية للانضمام إلى مجموعة «بريكس» وعدد المتقدمين بها بات يفوق عدد أعضاء المجموعة الرسميين، والجزائر من بين هذه الدول، وقال لافروف «لقد اتفقنا في اللقاءات الأخيرة التي تمت في العام المنصرم، على وضع نهج مشترك للبت في طلبات الانضمام، وكخطوة أولى سنتفق على معايير وخصائص وشروط قبول أعضاء جدد في مجموعتنا، والجزائر بالتأكيد وفقا لمميزاتها وخصائصها كافة، تحتل الصدارة في قائمة المتقدمين». وأضاف لافروف، خلال لقاء صحفي مع قناة روسيا اليوم، أن الرئيس عبد المجيد تبون، سبق وشارك شهر جوان 2022، في القمة 14 ل «بريكس» التي انعقدت عبر تقنية التحاضر المرئي، برئاسة الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث كان من بين الضيوف المدعوين، وخلالها جرت نقاشات مثيرة للاهتمام، وفاق حينها عدد الضيوف ثلاثة أضعاف عدد أعضاء «بريكس» وأعرب نصفهم عن الرغبة بإقامة علاقة قوية مع المجموعة. وأكد وزير الخارجية الروسي أنه «في غضون العامين القادمين سنرى نتائج فعلية في إطار توسيع المنظمة وعدد شركائها الذين سيدفعون قدما بتلك الأهداف والمهام المتفق عليها بين الأعضاء كافة». وتأتي تصريحات لافروف الداعمة لانضمام الجزائر إلى تكتل «بريكس»، بعد نحو أربعة أشهر على تصريحات المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ودول إفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، الذي أعرب عن ترحيب بلاده برغبة الجزائر الانضمام إلى عائلة «بريكس»، حيث قال بوغدانوف «نرحب برغبة شركائنا والأشخاص ذوي التفكير المماثل في الانضمام إلى عمل تنسيقات مثل «بريكس» ومنظمة شنغهاي للتعاون وغيرها، روسيا لديها علاقات ممتازة مع الجزائر ونحافظ على حوار يقوم على أساس من الثقة المتبادلة». وجاءت تصريحات بوغدانوف، عقب ترحيب جمهورية الصين، والتي أكدت هي الأخرى على لسان وزير شؤون خارجيتها، ترحيبها برغبة الجزائر في الانضمام إلى «بريكس»، مشيرة إلى أن الجزائر بلد ناشئ كبير وممثل للاقتصادات الناشئة. وسبق لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، التأكيد في أحد اللقاءات الصحفية، أن الجزائر تتوفر على نسبة كبيرة جداً من الشروط الاقتصادية المؤهلة للانضمام إلى هذه المجموعة التي تهم الجزائر، باعتبارها قوة اقتصادية وسياسية، ما يتيح لها الابتعاد عن جاذبية القطبين، لكونها رائدة في عدم الانحياز وعليه فهذا هو اتجاهها. وكان الرئيس تبون قد أشار في سبتمبر 2022، خلال افتتاح أشغال لقاء الحكومة والولاة، إلى أن الجزائر تسعى إلى رفع الدخل القومي «بشكل يمكننا من الانضمام إلى مجموعة بريكس»، مؤكدا العمل في هذا المسعى.