شهدت اكتشافات النفط والغاز العالمية نموًا ملحوظًا خلال العام الماضي بدعم ارتفاع أسعار الخام، وقادت شركة سوناطراك الجزائرية اكتشافات الشركات العالمية من النفط والغاز في 2022، تليها شركة إكونيوز النرويجية، بحسب البيانات التي أصدرتها عدة مواقع متخصصة في المجال. أشارت الحصيلة التي أعلنت عنها سوناطراك، باعتبارها الشركة الأولى في إفريقيا، أنّها دعّمت مكانتها في السوق الدولية للنفط والغاز، بفضل 15 اكتشافا جديدا خلال سنة 2022، ويعد بئر ترسيم غرب عقلة الناصر 2 الواقعة شمال حقل حاسي مسعود من أكبر الاكتشافات في مجال النفط، وتُقدّر احتياطياته بنحو 415 مليون برميل، ما أسهم في رفع إجمالي احتياطيات النفط غرب عقلة الناصر 2 إلى 961 مليون برميل، وهو ما يعادل ثلاث سنوات إضافية من الإنتاج، وفق معدل الإنتاج الحالي الجزائري والمقدر بمليون برميل يوميا. في مجال الغاز كذلك، حقّقت سوناطراك اكتشافات مهمة، وذكرت الحصيلة اكتشاف الغاز المكثف بمحيط عين أمناس 2 بحوض إليزي، واكتشافات بالشراكة مع إيني في كتلة الاستكشاف سيف فاطمة 2 الواقعة على مستوى حوض بركين، فضلا عن اكتشاف بمنطقة البحث بتاغيت في حوض بشار، ممّا يؤكّد وجود إمكانات غازية هامة في هذه المنطقة، حسب المجمع. ويرى الباحث في مجال الطاقة، الدكتور العربي بلقايد، حسبما أوضح في تصريح ل «الشعب»، أنّ الثورة التي تقودها سوناطراك في مجال الاستكشاف ترجع للسياسة الجديدة للدولة الجزائرية، من خلال تخصيص ميزانيات كبيرة للبحث والتنقيب وتشجيع الشركات العالمية للتنقيب عن النفط والغاز بالجزائر، بالإضافة إلى قانون المحروقات الجديد والجهود التي تبذلها الجزائر لتحسين مناخ الأعمال وتمكين المستثمرين، خاصة الأجانب، من العمل في بيئة تنافسية، وأضاف أنّ الاكتشافات الجديدة من شأنها تحفيز العديد من الشركات لدخول السوق الجزائرية التي توفر فرصا واعدة، لاسيما وأن شركة شيفرون الأمريكية أعلنت، خلال شهر فيفري المنصرم، عن استثمار 17 مليار دولار في مجال التنقيب في العالم، وأن حصة كبيرة من هذا المبلغ سوف يوجه للتنقيب عن النفط والغاز بالجزائر تحديدا، وهذا مؤشّر جيد عن تعافي قطاع المحروقات في الجزائر، والذي عرف ركودا كبيرا في العقد الأخير بسبب الفساد الذي مسّ الشركة، وتراجع الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة، وهذه الاكتشافات الجديدة من شأنها أن تعزّز مكانة الجزائر باعتبارها مزودا رئيسيا للطاقة في العالم، لاسيما في مجال الغاز، والعقود التي أبرمتها الجزائر مع إيطاليا مؤخرا خير دليل على ذلك. تعزّز مكانة الجزائر الإستراتيجية علاوة على ذلك، يرى دكتور العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبد المجيد شيبي، أنّ الاكتشافات الجديدة مهمة من الناحية الإستراتيجية، حيث تعزّز مكانة الجزائر إقليميا ودوليا، فالأزمة الأوكرانية فرضت على الدول الأوروبية البحث عن مصادر جديدة للطاقة، والجزائر حاليا في موقع قوة نظرا لموقعها الجغرافي القريب من القارة الأوروبية، بالإضافة إلى الإمكانات الطاقوية الهائلة التي تمتلكها سواء من حيث الإنتاج أو الاحتياطات المؤكّدة، وتعتبر الجزائر من العشرة الأكبر إنتاجا للغاز الطبيعي في العالم، إذ بلغ إنتاجها السنة الماضية 100.8 مليار متر مكعب، كما تعتبر خامس أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وفي عام 2022 زادت الصادرات بأكثر من 28 في المائة عن عام 2021. وفي عام 2022 زوّدت الجزائر بنحو 14 في المائة من طلب أوروبا من الغاز الطبيعي، ومن المتوقع زيادته في عام 2023 لاسيما مع دخول الأنابيب الجديدة الخدمة، والتي تربط الجزائربإيطاليا بشكل مباشر. اتّفاقيات نوعية لتزويد أوروبا بالغاز كشفت حصيلة سوناطراك لسنة 2022 على توقيع عدة اتفاقيات مع دول أوروبية لتزويدها بالغاز الجزائري، ومن أهم هذه الاتفاقيات اتفاقية مع مجمّع الطاقة اليوناني لتمديد عقد بيع وشراء الغاز الطبيعي المسال، اتفاقية مع شركة 'إيني» بهدف زيادة حجم الغاز المصدر، اتفاقية مع شركة «ناتورجي» لبيع وشراء الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب الغاز «ميدغاز» مع مراجعة الأسعار التعاقدية في ضوء تطورات السوق، وكذا توقيع عقد شراء وبيع الغاز الطبيعي مع الشركة السلوفينية «جيوب لاين» لتزويد سلوفينيا بالغاز الطبيعي عبر خط أنابيب الغاز الذي يربط الجزائربإيطاليا، ومن شأن هذه الاتفاقيات أن تعزّز مداخيل الجزائر من العملة الصعبة، كما تسعى الجزائر خلال العامين القادمين الوصول إلى 100 مليار متر مكعب صافي الصادرات من الغاز الطبيعي، وهذا ما أعلن عنه وزير الطاقة الجزائري في وقت سابق.