لا نقول للرئيس عبد المجيد تبون شكرا وحسب، بل نتمنى لو أن لقلوبنا وعقولنا مفاتيح فنضعها في أياديهم البيضاء، ليكشفوا عما فيها من عظيم المحبة والتقدير للأشقاء الأوفياء، فنحن نحفظ لسادة المواقف في الشدائد، صور النبل والشهامة والإيثار والكرم، ولوطن المليون ونصف المليون شهيد (الجزائر) ومدرسة العروبة في الثورة وحرب التحرير الشعبية، وأسطورة الوفاء للوطن، والتضحية والفداء، فإن كانت فلسطين كلمة السر في حياة كل جزائري، فإننا في فلسطين قد «عقدنا العزم ان تحيا الجزائر «ونشهد أنكم قد مددتم للمجد يدا، يشهد على طهرها ونقاء نفوسها رب الأرض والسماء. قبل أن تجف دموع أمهات الشهداء في جنين الفلسطينية ومخيمها، وقبل توقف النزيف من جراح الشعب الفلسطيني، وقبل رفع حجر من أنقاض البيوت المدمرة، حضرت المروءة، والسباقون الذين يقدرون معاني الصمود والكفاح ضد جيوش المستعمرين والمستوطنين، حضرت الجزائر توأم فلسطين، فإذا بالجغرافيا تقصر وتصغر حتى لو كانت آلاف الأميال لتصبح الجزائروفلسطين في تلاحمهما كالتحام السواد والبياض في العين، حضر أكثر من خمسين مليون شقيق جزائري بشخص رئيسهم الوفي عبد المجيد تبون، وبقرار من الدولة الحافظة لمعنى السيادة والاستقلال، بتقديم 30 مليون دولار لإعمار جنين الفلسطينية، ولرفع آثار الهمجية الصهيونية الاستعمارية العنصرية، وآثار مرور عقلية رؤوس منظومة الاحتلال الصهيوني الفاشية، ودبابات وطيران وأسلحة جيش جريمة الحرب، والجريمة ضد الإنسانية، جيش كيان الإرهاب الحقيقي المسمى (الكيان الصهيوني). نحن نعلم أن الجزائر لم تخضع لأمر إدارة دونالد ترامب بفرض حصار سياسي ومالي على دولة فلسطينالمحتلة بسبب رفض الموقف الوطني التاريخي لرئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية محمود عباس أبو مازن من خطة ترامب الاستعمارية الجديدة والتي اعتبرناها بمثابة وعد بلفور رقم 2 من الإدارة الأمريكية للصهاينة، لم تخضع الجزائر وتشبثت القيادة الجزائرية باستقلالية قرارها، فالجزائر دولة ذات سيادة على مواردها، وقرارها السياسي الوطني والخارجي، الذي كان ثمن تجسيده ملايين الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين، فواصلت تقديم «الدعم السياسي والاقتصادي للشعب الفلسطيني، وتنتصر لقضيته العادلة، ولنضاله على طريق الحرية والاستقلال» كما ورد في «إعراب الرئيس أبو مازن عن تقديره للرئيس تبون وحكومته وشعب الجزائر الشقيق على قراره بمنح مساهمة مالية عاجلة بقيمة 30 مليون دولار للمساهمة في إعادة إعمار مدينة ومخيم جنين». المساهمة المالية الجزائرية العاجلة في أقصى درجات الأهمية نظرا للحصار المالي على دولة فلسطينالمحتلة، وقرصنة منظومة الاحتلال الصهيوني لأموال الضرائب الفلسطينية، لكني كمواطن فلسطيني أرى الأهمية الأعظم لهذه المساهمة من رئيس الجمهورية الجزائرية التي لا نحبذ وصفها بمصطلح (المساعدة) بمعيار سرعة شعور ألأشقاء في الجزائر واستجابتهم لآلام جراح الصامدين في مخيم جنين والمدينة، وكأن الفلسطيني الذي تألم وقال «آآآخ» فاستجاب الأخ الوفي العربي الجزائري بسرعة ضوء البرق، وكأن الجزائر في جنين، أو كأن جنين ومخيمها في الجزائر !. نستذكر هنا منطق العلاقة بين فلسطينوالجزائر كما أعرب عنها الرئيسان: عبد المجيد تبون ومحمود عباس أبو مازن، في أحدث لقاء بينهما في أكتوبر 2022 عندما أكد رئيس الخمسين مليون جزائري الأوفياء لوطنيتهم وتضحياتهم وعروبتهم وإنسانيتهم أن: « العلاقات بين الجزائروفلسطين أكبر من أن يتم وصفها لما تمثله من قيم مشتركة في النضال والتحرر.. والجزائر ستبقى وفية لمبادئها الأصيلة المنادية بإعلاء الحق ونصرة المظلومين مهما كان الثمن». أما رئيس دولة فلسطينالمحتلة فشهد أن: «الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، ظلت على الدوام فعلا وقولا مع فلسطين» وقال وهو الصادق المخلص العاكس لمشاعر ومواقف الشعب الفلسطيني فيما يصرح: «إن الجزائر غالية على قلوبنا، هذا البلد الحبيب، العظيم بثورته وشهدائه، وشعبه وقيادته عبر تاريخه المجيد، الحافل بالتضحيات والفداء والعطاء والشموخ والإباء، والذي قدم نموذجا تحرريا وإنسانيا مشرفا، وظل على الدوام يدافع عن أمته وقضاياه الوطنية العادلة وحقوقها القومية، وفي طليعتها قضية فلسطين، وحقوق شعبنا الوطنية الثابتة في الحرية والسيادة والاستقلال على ترابه الوطني الفلسطيني».