تلاشت آمال الاحتلال المغربي في تجديد الاتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما خلط أوراقه، وحرمه من مداخيل مهمة جدا كانت تدرها عليه 1200 كلم من الساحل الصحراوي المطل على المحيط الأطلسي. توقف، أمس، بشكل رسمي نشاط السفن الأوروبية في المياه الصحراوية، ما يعني أن المغرب خسر عوائد مالية قيمتها 208 ملايين أورو، ما يعادل 2.25 مليار درهم. ليسدل الستار على واحد من مسلسلات النهب المغربي لثروات الصحراويين التي تمتد إلى أكثر من 35 سنة، أي منذ 1988. يأتي هذا في انتظار قرار نهائي من محكمة العدل الأوروبية حول الموضوع، نهاية العام الجاري، الذي ينتظر أن يكون في صالح الصحراء الغربية وممثلها الشرعي والوحيد جبهة "بوليساريو". وتشير الوقائع إلى أن القرار سيكون في صالح "بوليساريو، بالنظر لكون كل التصريحات الأوروبية تصب في خانة "صعوبة وعدم إمكانية تجديد الاتفاقية"، وهي التي دخلت حيز التنفيذ في 18 جويلية 2019 رغم قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر في ديسمبر 2016، والذي أكد أن الصحراء الغربية والمغرب "منطقتان منفصلتان ومتميزتان". وأتى قرار المحكمة في أعقاب معركة قانونية قادتها جبهة البوليساريو، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، لوضع حد لهذه الاتفاقيات غير الشرعية. عوائد مالية بخلفيات سياسية ورغم الفوائد المالية التي تجنيها الرباط جراء نهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية المحتلة، إلا أن أهمية الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي والتي تشمل الصحراء الغربية المحتلة، تكمن في خلفيتها "السياسية أكثر من عائداتها المالية"، حيث يسعى المخزن، عبر سياسته التوسعية واستغلال الثروات الصحراوية، إلى أن يثبت "صدق" روايته المتعلقة ب«سيادته" المزعومة على الصحراء الغربية، وأن المياه الإقليمية الصحراوية إنما "تقع ضمن نطاقه الجغرافي"، بحسب المرصد الدولي لمراقبة موارد الصحراء الغربية. وضرب المخزن بقرار محكمة العدل الأوروبية عرض الحائط، من خلال الإمضاء على الاتفاقية مع دول النادي الأوروبي، الأمر الذي سمح ل128 سفينة تابعة للاتحاد الأوروبي بالصيد بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية للصحراء الغربية المحتلة، بعد تعليق نشاط هذا الأسطول منذ 14 جويلية 2018. كما سبق أن ألغت محكمة الاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2021، اتفاقية الشراكة في مجال التجارة والصيد البحري، بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي تشمل الصحراء الغربية بطريقة غير شرعية، وحكمت لصالح جبهة البوليساريو، كون الاتفاق أبرم دون موافقة شعب الصحراء الغربية، غير أن المجلس والمفوضية الأوروبيين استأنفا القرار في ديسمبر من نفس العام. تشاؤم أوروبي وقال المفوض الأوروبي للبيئة والمحيطات والصيد، فيرجينيوس سينكيفيسيوس، إن تمديد اتفاقية الصيد البحري مع المملكة المغربية، أمر "صعب ومعقد"، نظرا للقرار الذي يرتقب اتخاذه، قبل نهاية العام الجاري، من قبل محكمة العدل الأوروبية. ولفت سينكيفيسيوس إلى أن "قرار المحكمة الأوروبية بإلغاء اتفاقيات التجارة والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في سبتمبر 2021، بسبب إبرامها دون موافقة الشعب الصحراوي، يعقد الوضع العام". كما سبق للمفوضية الأوروبية أن أكدت، شهر يونيو الماضي، عدم وجود مفاوضات لتجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب، في انتظار حكم محكمة العدل الأوروبية المقرر نهاية السنة الجارية. وفي السياق، دعا المفوض الأوروبي، شهر مارس الماضي، إلى دراسة سبل إيجاد فرص جديدة للصيد ضمن اتفاقية الاتحاد الأوروبي وموريتانيا، بالنظر إلى أنه قد يكون "من المستحيل تجنب توقف أنشطة الصيد" التي تقوم بها سفن الاتحاد الأوروبي، والتي تعود أغلبيتها إلى إسبانيا، في مياه الصحراء الغربية المحتلة. كما شهدت قبة البرلمان الأوروبي رفع عدة أصوات منددة بنهب الموارد الطبيعية للصحراء الغربية وإدراج المياه الإقليمية الصحراوية المحتلة ضمن الاتفاقيات المبرمة بطريقة غير قانونية، حيث شدد برلمانيون على التزامهم بالشرعية الدولية ودعمهم التاريخي لمطالب الشعب الصحراوي الشرعية في الحرية والاستقلال، والدفاع عن حقوقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية. خياران لا ثالث لهما وتجد دول النادي الأوروبي نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، في ظل قرارات محكمة العدل الأوروبية، بحسب ما قدمته جبهة البوليساريو، إما الاستمرار في دعم "قرصنة المغرب" للثروات الطبيعية في المياه الإقليمية للصحراء الغربية أو اختيار طريق الشرعية الدولية. من جهته، أكد محامي جبهة البوليساريو أمام المحاكم الاوروبية، جيل ديفيرز، أن الصيد في المياه الصحراوية الخاضعة ل«تراخيص" مغربية قد انتهى، بعد رفض المفوضية الأوروبية تجديد الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب كونها تخرق القانون، موضحا أن تراخيص الصيد التي ستقدمها جبهة البوليساريو "تحافظ على الحصص وجميع المعايير التي تم تطبيقها في إطار الاتفاقية مع المغرب وتضمن سلامة أولئك الذين يصطادون في مياه المنطقة الخالصة للصحراء الغربية".