خبراء: المنتجات الجزائرية بحاجة إلى اقتحام الأسواق العالمية تستهدف الجزائر رفع حجم المبادلات التجارية مع الدول الإفريقية، وخاصة البلدان المجاورة عبر طرق برية تربطها بكل من ليبيا وتونس ومالي والنيجر وموريتانيا، وهو المسعى الذي كبر بعد انتعاش ملحوظ في الاقتصاد الوطني، ومن خلال فائض في المنتجات القابلة للتصدير، وذات القدرة التنافسية العالية في قطاعات عدة، مثل المنتجات الكهرومنزلية والإلكترونية ومواد البناء وعدد من المنتجات الفلاحية. بعد افتتاح المعبر الحدودي البري مع دولة موريتانيا سنة 2018، وتجهيز معبر الدبداب الحدودي مع دولة ليبيا بكل ما يلزم من هياكل توافق المعايير العالمية، تحسبا لإعادة افتتاحه بشكل رسمي، وبجواره يُرتقب إنشاء منطقة تبادل حر مع دولتي تونس وليبيا، ها هي الجزائر تستعد لفتح مناطق للتبادل الحر مع دول السّاحل الإفريقي، وهي المناطق التي تضمن رفع القيود الجمركية لتطوير المبادلات التجارية بين بلدان القارة. تشهد القارة الإفريقية غزوا اقتصاديا من قبل بعض القوى الاقتصادية الكبرى، ما يرفع سقف التحدّي لدى البلدان الراغبة في تعزيز اقتصادها القاري مثل الجزائر التي أعادت بعث ملتقيات دولية وصالونات وفضاءات اقتصادية بشكل ملحوظ وقوي، بعد التعافي من الجائحة الصحية، كما تعمل على استحداث آليات للمراقبة وإنشاء فروع بنكية في إفريقيا، مع مواصلة الاستثمار في البنى التحتية. خاصة في النقل البّري والجوّي. وحسب إحصائيات قدمها رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، سيدي محمد بوشناق خلادي، خلال ملتقى وطني، الأسبوع المنصرم، فإن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية تغطّي سوقا تضم 1.3 مليار نسمة، ومن المرتقب إن تصل الى 3 ملايير نسمة في أفق 2050، بناتج داخلي إجمالي قدره 2500 مليار دولار. وبهذا ستكون منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، أكبر فضاء تجاري حر في العالم منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية، وفق المعلومات المقدمة خلال الملتقى. وتصديق الجزائر على اتفاقية تأسيس المنطقة في ماي 2021 يعد "خطوة حاسمة" بالنسبة لاقتصاد البلاد، كونه سيفتح فرصا جديدة للاقتصاد الوطني وسيعزز التجارة بين البلدان الإفريقية مع ترقية الصادرات الوطنية. ويؤكد مختصون على أهمية عنصر التصدير الذي صار ضروريا لدعم النسيج الصناعي الوطني. كما أن التحكم في تكنولوجيات الإنتاج يعد ميزة تنافسية رئيسية لدخول الأسواق الإفريقية بشكل فعال. ويدعو هؤلاء إلى التفكير بعمق في الآفاق الاجتماعية والاقتصادية في إطار تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية من أجل فهم أدواتها بشكل أفضل وتأثيرها في تجارتنا الخارجية. وأوضح الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي البروفيسور مراد كواشي، أن ما يعطّل انطلاق النشاط بشكل فعلي في مناطق التبادل الحر بالسوق الإفريقية، هو عنصر الاستقرار السياسي والأمني الذي أثر سلبا على بداية النشاط بهذه المناطق التجارية، مشيرا إلى أن الجزائر التي تدعم أي جهود لإحلال السلم والاستقرار في إفريقيا، تقدر جيدا ضرورة توفر هذا العنصر من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية وإحياء النشاط الاقتصادي فيما بين الدول الإفريقية. وقال محدثنا، إن المجلس الأعلى للمصدرين الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية في الأيام الماضية، يعتبر خطوة إضافية من الخطوات التي باشرت فيها الحكومة لدعم الصادرات خارج المحروقات، وهو يمثل أيضا دعما للتوجهات نحو زيادة وتفعيل العمق الإفريقي للجزائر. وأشار كواشي إلى أن جهود الحكومة لم تتوقف عند هذا الدعم، بل سجلت عودة قوية للمعارض والصالونات الدولية، سواء داخل أو خارج الوطن، يضاف إليها التفكير في إنشاء مناطق حرّة إضافية مع دول الجوار (دول الساحل)، بالإضافة الى متابعة إنشاء طريق "الزويرات" الذي يربط الجزائربموريتانيا. كما أن الجزائر تسجل تقدما ملحوظا في سياستها بعدم الاعتماد على الريع النفطي، وبلوغ رقم 13 مليار دولار صادرات خارج المحروقات. ولدعم هذا التوجه، تعوّل الجزائر على مناطق التبادل الحر، كما تعول على تعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية. في هذا السياق، أمر الرئيس تبون بتدعيم خطوط النقل الجوي بين الجزائر والعمق الإفريقي، وأعلن رئيس الجمهورية عن فتح خطوط جوية جديدة مع كل العواصم الإفريقية، وهو ما سيساعد في زيادة نقل السلع والبضائع المصدرة من الجزائر. وأضاف الخبير كواشي، أن منطقة التجارة الحرة الإفريقية، سيكون لها تأثير كبير في زيادة صادرات الجزائر خارج المحروقات، باعتبار أن السوق الإفريقية واعدة، وتتيح للمنتجات الجزائرية المنافسة بقوة، سواء من حيث النوعية والجودة، أو من حيث سلسلة التوزيع وسهولة بلوغها الأسواق الإفريقية. ويرى البروفيسور كواشي، أن السوق الإفريقية تعتبر مستقبل الاقتصاد الجزائري، ومستقبل الصادرات الجزائرية خارج المحروقات، كما انها ستخدم المؤسسات الاقتصادية الجزائرية التي ستجد كل الدعم والتسهيلات لبلوغ هذه السوق. من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي يوسف ميلي، بأن أي تجربة في الاقتصاد تحمل من المخاطر مثلما تحمل من الإيجابيات وفرص تحسين وضعية اقتصاد أي بلد، مؤكدا في ذات الوقت أن تجربة إنشاء مناطق التبادل الحر، تتطلب التحكم في عملية التصدير والاستيراد، وهي الفرصة المناسبة لقياس مدى جاهزية الجزائر للمنافسة في الأسواق الدولية، واختبار قدراتها في جانب التصدير. كما أشار محدثنا إلى أن سرعة التكيف مع المخاطر التي ترافق أي نشاط اقتصادي، هي التي ستحدد مصير مبادرة إنشاء أسواق حرة على الحدود. وأشار ميلي إلى دور الرقابة في مناطق التبادل الحر التي لا ينبغي أن تتحول إلى أداة لتعطيل العمليات التجارية، فالرقابة البعدية - في رأي محدثنا - تكون أكثر فاعلية وأمنا على المتعامل الاقتصادي لحمايته من بيروقراطية بعض الهيئات، مثلما هو معمول به في معظم دول العالم التي تفتح المجال أمام العمليات التجارية، ثم هنالك العديد من الآليات للرقابة البعدية التي تستعملها. وأوضح رئيس منتدى الاستثمار وتطوير المؤسسات، أن ما ينبغي العمل عليه اليوم، هو الإسراع في فتح المجال نحو التصدير عن طريق المعابر الحدودية، أو عن طريق مناطق التبادل الحر، فالمؤسسات الاقتصادية الجزائرية بحاجة إلى اقتحام الأسواق العالمية، والاحتكاك والتنافس مع نظيراتها من المؤسسات الأجنبية، ومع مرور الزمن، ستترسخ أسباب التنافسية التي ينبغي أن تحكمها المؤسسات المنتجة.